يناقش مستشار الأمن القومي البريطاني، جوناثان باول، مع نظيره الأميركي، مايك والتز، هذا الأسبوع، المصادقة على صفقة لتسليم جزر تشاجوس إلى موريشيوس مع الاحتفاظ بسيطرة الولايات المتحدة وبريطانيا على قاعدة عسكرية “سرية” في دييجو جارسيا، أكبر جزر الأرخبيل في المحيط الهندي، بموجب عقد إيجار مدته 99 عاماً، حسبما نقلت صحيفة “فاينانشيال تايمز”.
ورغم أن الحكومة البريطانية والإدارة الموريشيوسية المنتخبة مؤخراً، وضعتا الاتفاق، فقد أبدت الولايات المتحدة اهتماماً وثيقاً بهذه القاعدة العسكرية المشتركة التي تقع على أكبر جزيرة مرجانية في الأرخبيل.
وأطلعت بريطانيا فريق الرئيس دونالد ترمب على الاتفاق، إذ قال أحد الأشخاص المطلعين على المحادثات، إن لندن “كانت تأمل أن يكون لدى الوكالات الأميركية ذات الصلة الوقت لمناقشة الصفقة قبل أن يلتقي باول مع والتز، لكن لم يكن من الواضح ما إذا كان النقاش بين الوكالات سيحدث في الوقت المناسب”، وفق الصحيفة.
وناقش وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، ونظيره البريطاني، ديفيد لامي، الاقتراح بإيجاز خلال مكالمتهما الهاتفية الأولى الأسبوع الماضي، والتي حذر خلالها روبيو من “التأثير الخبيث” للصين، ومن المقرر أن يخوضا في مزيد من التفاصيل عندما يلتقيان.
وكانت بريطانيا عرضت دفع نحو 90 مليون جنيه إسترليني سنوياً (112مليون دولار) لموريشيوس، مقابل عقد الإيجار الأولي لمدة 99 عاماً لجزيرة دييجو جارسيا، فيما تجنبت لندن تأكيد التسوية المالية رسمياً، وأصرت على أن التفاصيل “سرية”.
موافقة موريشيوس
بدوره، أعرب رئيس وزراء موريشيوس، نافين رامجولام (77 عاماً)، عن دعمه للاتفاق الذي أعيد التفاوض عليه، الثلاثاء، في خطوة نظر إليها المسؤولون البريطانيون بشكل إيجابي.
ويتوقع المسؤولون الموريشيوسيون، أن يتم ذلك في مؤتمر ميونخ للأمن المقرر عقده الأسبوع المقبل، فيما قال مسؤولون بريطانيون، إن موريشيوس أعلنت 12 مارس المقبل، تاريخاً لـ “الاستقلال الوطني” مع إمكانية توقيع الاتفاق.
وأبلغ رامجولام، برلمان موريشيوس، بموافقة المملكة المتحدة على أن تتمتع موريشيوس بـ”السيادة الكاملة” على الجزر، وألا يتم تجديد عقد الإيجار الأولي للمملكة المتحدة لمدة 99 عاماً لدييجو جارسيا، إلا بموافقة البلدين.
وكان رامجولام رفض الاقتراح السابق الذي اتفقت عليه بريطانيا مع سلفه قبل توليه السلطة في انتخابات أجريت الخريف الماضي.
وقال إن الصفقة في عهد سلفه برافيند جوجنوث، سمحت لبريطانيا بتمديد الإيجار من جانب واحد لمدة 40 عاماً، مضيفاً أن الإيجار سيكون مدفوعاً مقدماً ومحمياً من التضخم، ما سيعززها بشكل كبير من حيث القيمة الحقيقية.
وأضاف رامجولام، أن “كلا البلدين ينتظران الآن ردود فعل الولايات المتحدة على الشروط الجديدة. الاتفاق جاهزة للتوقيع، الرئيس ترمب ليس ذئباً. ليرى ما إذا كان الاتفاق غير جيد أم لا. أنا لست في وضع يسمح لي بفرض جدول زمني عليه لإتمام الصفقة”.
وتابع رامجولام، أنه “بموجب الاتفاق المنقح، سترتفع المدفوعات البريطانية إلى موريشيوس بموجب عقد الإيجار مع احتساب التضخم على فترة 99 عاماً، لتحل محل سعر ثابت سابق”.
وقال: “يبدو أن شخصاً لا يعرف الرياضيات تفاوض على الصفقة السابقة (برافيند جوجنوث). سيتم تثبيت سعر صرف الدولار الأميركي لمدة 99 عاماً، أي طالب عادي في الصف الخامس أو السادس سيوافق على وجود نسب التضخم”.
وشكك العديد من الأشخاص المطلعين على العملية في رواية رامجولام، قائلين إن النص البريطاني للاتفاق الأولي يشير إلى مدفوعات “مُفهرسة”، على الرغم من أنه لم يربطها بالتضخم على وجه التحديد.
ويمثل رامجولام وجوجنوث سلالتين متنافستين في السياسة الموريشيوسية، وقد اختلفا بشأن جزر تشاجوس منذ أن نالت موريشيوس استقلالها عن بريطانيا في عام 1968.
أهمية دييجو جارسيا
دييجو جارسيا، جزيرة نائية في المحيط الهندي، بها جنة من النباتات المورقة والشواطئ الرملية البيضاء، وتحيط بها المياه الزرقاء الصافية، لكنها ليست وجهة سياحية، إذ أنها محظورة على معظم المدنيين، لوجود قاعدة عسكرية بريطانية أميركية شديدة السرية فيها.
والجزيرة، التي تدار من لندن، هي في قلب نزاع إقليمي طويل الأمد بين بريطانيا وموريشيوس، إذ تقع دييجو جارسيا، التي تبعد حوالي 1000 ميل (1600 كيلومتر) على قوائم أكثر جزر العالم بعداً، بحسب ما أوردته هيئة الإذاعة البريطانية BBC.
ولا توجد رحلات جوية تجارية إليها، كما أن الوصول إليها عن طريق البحر ليس أسهل، حيث تُمنح تصاريح القوارب فقط للجزر الخارجية للأرخبيل وللسماح بالمرور الآمن عبر المحيط الهندي.
ودييجو جارسيا تعد واحدة من حوالي 60 جزيرة تشكل أرخبيل تشاجوس أو إقليم المحيط الهندي البريطاني، آخر مستعمرةقامت المملكة المتحدة بفصلها عن موريشيوس في عام 1965، إذ تقع بين شرق إفريقيا وإندونيسيا.