أرسل خمسة وزراء خارجية عرب وممثل عن السلطة الفلسطينية رسالة مشتركة إلى وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، الاثنين، أكدوا فيها على تطلعهم لـ”حل عادل للقضية الفلسطينية”، فيما ذكر موقع “أكسيوس” أن المسؤولين العرب أعربوا فيها عن رفضهم خطط تهجير سكان غزة، وطالبوا، بدلاً من ذلك، بإشراك الفلسطينيين في عملية إعادة إعمار القطاع.
وتعد الرسالة جزءاً من جهد مشترك لـ”السداسية العربية”، التي اجتمعت الأسبوع الماضي في القاهرة وأعربت عن رفضها لتهجير سكان غزة، بعد تصريحات ترمب عن عزمه نقل الفلسطينيين إلى مصر والأردن.
ونقل الموقع عن مسؤولين أميركيين قولهم إن “تصريحات ترمب كانت مرتبطة بالدمار الهائل في غزة، والحاجة إلى جهود إعادة إعمار ضخمة”.
وكان مبعوث ترمب للشرق الأوسط ستيف ويتكوف قال في وقت سابق لـ”أكسيوس”، إن عملية إزالة الدمار في غزة قد تستغرق من 10 إلى 15 عاماً، معتبراً أن القطاع “غير صالح للسكن” حالياً.
وخلال الأسبوع الماضي، تحدث ترمب ثلاث مرات علناً عن فكرته حول نقل الفلسطينيين من غزة إلى مصر والأردن.
واجتمع وزراء خارجية المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر ومصر والأردن بالإضافة إلى مستشار الرئيس الفلسطيني حسين الشيخ، في القاهرة، السبت، وقرروا إرسال رسالة إلى روبيو، وقد تم تسليمها إلى وزارة الخارجية الأميركية، الاثنين، من قبل سفراء الدول العربية الخمس.
“الفلسطينيون سيعيشون على أرضهم”
وشدد الوزراء العرب في الرسالة على أن الشرق الأوسط “مُثقل بالفعل بأكبر عدد من النازحين واللاجئين في العالم”، وأضافوا أن الوضع الاقتصادي والاجتماعي في المنطقة “هش”.
وجاء في الرسالة: “يجب أن نكون يقظين لعدم زيادة المخاطر التي يواجهها استقرار المنطقة من خلال المزيد من النزوح، حتى وإن كان مؤقتاً، لأن ذلك سيؤدي إلى زيادة خطر التطرف والاضطرابات في المنطقة ككل”.
وأكدوا أن أي إعادة إعمار في غزة يجب أن تتم بمشاركة السكان الفلسطينيين، مضيفين أن “الفلسطينيين سيعيشون في أرضهم وسيساعدون في إعادة بنائها، ولا ينبغي حرمانهم من قدرتهم على اتخاذ القرار أثناء عملية إعادة الإعمار، كما يجب أن يتولوا مسؤولية هذه العملية بدعم من المجتمع الدولي”.
وحذّر الوزراء العرب روبيو، في الرسالة، من الترحيل المحتمل للفلسطينيين من قبل إسرائيل، قائلين: “الفلسطينيون لا يريدون مغادرة أرضهم، ونحن نؤيد موقفهم بشكل لا لبس فيه، ومثل هذه الخطوة ستضيف بُعداً خطيراً جديداً للصراع”.
وكتب الوزراء العرب إلى روبيو أن بلدانهم ترغب في العمل مع الرئيس ترمب على “رؤيته للسلام” في الشرق الأوسط، مؤكدين أنهم يعتقدون أن الرئيس الأميركي يمكنه تحقيق ما لم يستطع الرؤساء السابقون فعله.
وأضاف الوزراء أن “أفضل طريقة لتحقيق ذلك هي من خلال حل الدولتين”، مؤكدين استعدادهم لخلق الظروف الإقليمية التي تضمن أمن إسرائيل والفلسطينيين.
رسالة وزراء “السداسية العربية” إلى وزير الخارجية الأميركي:
السيد المحترم ماركو روبيو
وزير الخارجية
الولايات المتحدة الأمريكية
واشنطن، العاصمة
معالي الوزير،
نود أن نعرب لكم عن تهانينا على تعيينكم وزيراً للخارجية، ونتمنى لكم كل النجاح في مهمتكم، ونحن على ثقة بأن خبرتكم الواسعة، وحكمتكم، والتزامكم سيكون لها دور حاسم في تعزيز شراكاتنا الاستراتيجية، والمساعدة في تحقيق هدفنا المشترك المتمثل في تحقيق الأمن والسلام والاستقرار والازدهار الإقليمي والعالمي.
إنكم تتولون المنصب في وقت مليء بالتحديات الكبيرة، لكنه أيضاً وقت يحمل فرصاً أكبر لمنطقة الشرق الأوسط، لقد شهدت منطقتنا مؤخراً تغييرات كبيرة، حيث تم التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة بفضل الجهود المخلصة والدؤوبة التي بذلها العديد من الأطراف، بما في ذلك إدارة الرئيس دونالد ترمب، التي كان دورها حاسماً في دفع الأطراف نحو تحقيق هذا التقدم.
الشرق الأوسط مثقل بالفعل بأكبر عدد من النازحين واللاجئين في العالم، وأغلبية الشعب الفلسطيني من بين أولئك الذين تم تصنيفهم على هذا النحو، وعلاوة على ذلك، فإن هشاشة الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في المنطقة تتفاقم بسبب استمرار النزاعات، ولذا، يجب أن نكون يقظين حتى لا نزيد من خطر تهديد الاستقرار الإقليمي من خلال المزيد من عمليات النزوح، حتى وإن كانت مؤقتة، لأنها تزيد من احتمالات التطرف والاضطرابات الاجتماعية في المنطقة ككل.
إن عملية إعادة الإعمار في غزة لابد وأن تتم من خلال مشاركة مباشرة من سكان غزة أنفسهم، الفلسطينيون سيعيشون على أرضهم وسيساهمون في إعادة بنائها، ولا ينبغي أن يُحرموا من حقهم في اتخاذ القرارات أثناء هذه العملية، بل يجب أن يتحملوا مسؤوليتها بدعم من المجتمع الدولي، هناك حراك إقليمي جاري مع المجتمع الدولي للبدء في إعادة إعمار غزة، والذي سيتوج بمؤتمر دولي ستستضيفه مصر بالشراكة مع الأمم المتحدة.
لقد بدأت سوريا عهداً جديداً مليئاً بالوعود والأمل، كما أن وقف إطلاق النار في لبنان مازال صامداً، والشعب اللبناني يعمل على إعادة بناء مؤسسات دولته ووطنه، عازماً على إنهاء التدخلات الأجنبية السلبية، وتُبذل جهود كبيرة لإنهاء النزاعات الأخرى ومصادر التهديد في المنطقة.
ولا تزال معركتنا الجماعية ضد الإرهاب مستمرة في البناء على النجاح الذي حققناه في هزيمة هذا الشر، إن رسالتنا التي تؤكد على ضرورة بناء العلاقات الإقليمية على الاحترام المتبادل، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، والالتزام بالقانون الدولي، تلقى صدى أقوى.
ولا تزال هناك تحديات عديدة، لكننا نعتقد أنه يمكننا التغلب عليها معاً، ونتطلع إلى العمل معكم عن كثب لإنهاء عقود من الصراع، والقضاء على الإرهاب، وإعادة الأمل إلى المنطقة وشعوبها، حيث يمكننا معاً وضع منطقتنا على مسار لا رجعة فيه نحو مستقبل أفضل قائم على السلام والتعاون والإنجازات، بدلاً من الصراعات والمعاناة والفرص الضائعة.
إن دولنا والولايات المتحدة شركاء استراتيجيون، ومصالحنا متوافقة، ولدى الرئيس دونالد ترمب رؤية للسلام، ونحن نشاركه هذه الرؤية، ونعتقد أن الرئيس ترمب قادر على تحقيق السلام الذي استعصى على المنطقة والعالم لعقود، وفي جميع دولنا، ستجدون شركاء ملتزمين بتحقيق السلام العادل الذي يشكل مفتاح الاستقرار العالمي، والذي تستحقه جميع شعوبنا.
السيد الوزير،
إن حل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي هو مفتاح السلام الإقليمي، وحل الدولتين هو السبيل الوحيد الممكن لتحقيق السلام العادل والدائم والشامل، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة، وقابلة للحياة، ومتصلة، وذات سيادة، على أساس حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، تعيش جنباً إلى جنب مع إسرائيل آمنة ومعترف بها، وتتمتع بعلاقات طبيعية كاملة مع جميع جيرانها في المنطقة، سيضمن عدم معاناة الإسرائيليين أو الفلسطينيين مرة أخرى من العواقب المروعة للحرب والعنف.
وسيسمح ذلك بتوحيد كل مواردنا لبناء مستقبل من الفرص والإنجازات، مما يسهم في الأمن والنمو والازدهار العالمي، وسنعمل بشكل جماعي على إرساء البنيات اللازمة التي تضمن أمن إسرائيل والفلسطينيين، وسنعمل معاً على مواجهة جميع التهديدات المشتركة، بما في ذلك الإرهاب والتطرف، كما سنعمل على بناء اقتصادنا، وسنطلق مشاريع إقليمية تُظهر للناس فوائد السلام الحقيقية، وسنُعيد بناء الثقة في السلام والالتزام به.
نحن على استعداد للعمل معكم على تنفيذ خطة لتحقيق حَل الدولتين وتوفير السلام العادل والدائم لمنطقتنا.
ولكن في الوقت الذي نعمل فيه على صياغة هذه الخطة والاتفاق على خطوات اللازمة لتنفيذها، يتعين علينا جميعاً أن نعمل على وقف أي إجراءات أحادية تقوض إمكانية حل الدولتين وحق جميع شعوب المنطقة في السلام.
وفي هذا الصدد، من الضروري ألا تقوم إسرائيل بضم أي أراضٍ فلسطينية، لأن مثل هذا الضم سيجعل حل الدولتين غير قابل للتطبيق.
وكذلك، فإن ترحيل الفلسطينيين من أراضيهم سيدفع المنطقة نحو المزيد من التوتر والصراع وعدم الاستقرار، ولن تكون مثل هذه الخطوة انتهاكاً واضحاً للقانون الدولي فحسب، بل ستشكل أيضاً تهديداً للاستقرار والأمن الإقليميين.
إن الفلسطينيين لا يريدون مغادرة أرضهم، ونحن ندعم موقفهم بشكل لا لَبس فيه، فمثل هذه الخطوة ستزيد من تعقيد مشكلة اللاجئين، وستضيف بُعداً جديداً وخطيراً إلى الصراع، بالنظر إلى تاريخ هذا الصراع والرفض الثابت من جانب الفلسطينيين وشعوب المنطقة لمثل هذا الإجراء.
السيد الوزير،
إن وجود شرق أوسط عادل ودائم وشامل هو أمر ممكن، فالشرق الأوسط الذي تتمتع فيه جميع بلدانه وشعوبه، بمن فيهم الفلسطينيون والإسرائيليون، بحقوقهم المشروعة الكاملة، وتعيش بكرامة وأمل هو التزامنا الجماعي.
لدينا فرصة تاريخية لمنطقتنا والعالم، إن تحقيق السلام في الشرق الأوسط يمكن أن يكون هو إرث إدارة ترمب، ويمكنكم الاعتماد على دعمنا الكامل والتزامنا لتحقيق ذلك.
ومرة أخرى، نهنئكم على تعيينكم، ونتطلع إلى لقائكم قريباً لمواصلة مناقشة كيفية البناء على الأسس القوية لشراكاتنا، والمضي قدماً في مسار لا رجعة فيه نحو السلام، وخدمة مصالحنا الوطنية المشتركة.
مع أطيب التحيات،
بدر عبد العاطي
وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج بجمهورية مصر العربية
أيمن الصفدي
نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين بالمملكة الأردنية الهاشمية
فيصل بن فرحان بن عبد الله
وزير الخارجية بالمملكة العربية السعودية
عبد الله بن زايد آل نهيان
نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير خارجية دولة الإمارات العربية المتحدة
محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني
رئيس مجلس الوزراء ووزير خارجية دولة قطر
حسين الشيخ
أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية