حذّر خبراء تكنولوجيا ومسؤولون حكوميون في الولايات المتحدة، من لجوء المستخدمين إلى تطبيق RedNote الصيني المشابه لمنصة تيك توك، المهددة بالحظر، بسبب مخاوف أكبر من جمع بيانات المستخدمين الأميركيين، وكون المنصة البديلة خاضعة للقوانين الصينية، وتقوم بتخزين بياناتها داخل الصين، بعكس “تيك توك”، التي تخزن بياناتها خارجها، وتخضع لتدقيق خوازرمياتها.
وأعلنت منصة تيك توك، الجمعة، أنها ستوقف إمكانية الوصول إلى خدماتها لأكثر من 170 مليون أميركي بحلول الأحد، ما لم تتخذ إدارة جو بايدن إجراءات عاجلة لضمان عدم معاقبة الشركة بسبب انتهاك شروط الحظر الوشيك، بعد تأييد المحكمة العليا لقانون يحظر المنصة في الولايات المتحدة، لأسباب تتعلق بالأمن القومي إذا لم تبعه الشركة المالكة.
وعقب القرار، بدأت موجة هجرة كبيرة للمستخدمين الأميركيين لـ”تيك توك”، إلى تطبيق RedNote، الذي يسمح بتحميل مقاطع فيديو قصيرة ونشر صور مثل تيك توك، لكن خبراء أعربوا عن مخاوف من أن يشكل تهديداً أكبر للأمن والخصوصية، وفق ما أوردته شبكة NBC News.
واشتهر تطبيق Xiaohongshu أيضاً باسم (RedNote) لأن ترجمته للإنجليزية تعني “الكتاب الأحمر الصغير” (Little Red Book).
وبينما يسعى أميركيون لاستخدام RedNote كبديل عن تيك توك إذا تم حظره نهائياً، أعرب العديد من مستخدمي تيك توك، عن غضبهم إزاء التشريع الذي يجبر المنصة على بيع عملياتها في الولايات المتحدة لمالك غير صيني أو إزالته من متاجر التطبيقات.
مخاوف أمنية
وفي الإطار، قال السيناتور الديمقراطي مارك وارنر، على منصة التواصل الاجتماعي Bluesky: “أنا قلق من أن الأميركيين يتدفقون على عدد من منصات التواصل الاجتماعي المملوكة للخصوم. ما زلنا بحاجة إلى نهج شامل وقائم على المخاطر لتقييم وتخفيف مخاطر التطبيقات المملوكة للأجانب”.
بدوره، قال كوبر كوينتين، كبير خبراء التكنولوجيا في مجموعة الحقوق الرقمية غير الربحية Electronic Frontier Foundation، إن “المنظمة توصي بشدة بعدم استخدام RedNote للأشخاص الذين تعتبر خصوصيتهم مسألة تتعلق بالسلامة الشخصية”.
وأضاف: “هذه بالتأكيد ليست منصة تقدر حرية التعبير. إنه تطبيق خاضع للرقابة الشديدة حيث يتم التحكم بشكل أكثر صرامة في مواضيع مثل الخطاب السياسي والمخدرات والإدمان والجنس حتى من الشبكات الاجتماعية المماثلة”.
وحذر كوينتين من أن حظر تيك توك وهجرة المستخدمين إلى RedNote دليل على أن القيود تدفع بالمستخدمين إلى التوجه لمنصات أقل اعتدالاً وتميل إلى أن تكون أقل أماناً.
من جانبها، أوضحت أنجيلا تشانج، أستاذة القانون بجامعة جنوب كاليفورنيا والمتخصصة في دراسة تنظيم التكنولوجيا الصينية، أن RedNote أكثر احتمالاً لجمع بيانات المستخدمين ومنحها للحكومة الصينية مقارنة بتيك توك.
وقالت تشانج إن تخزين بيانات المستخدم التي يجمعها RedNote يتم في الصين، بينما يتم تخزين بيانات مستخدمي تيك توك خارج الصين.
وأضافت: “يجب أن تمتثل RedNote للقوانين الصينية، بما في ذلك قانون حماية المعلومات الشخصية، وقانون أمن البيانات، وقواعد نقل البيانات عبر الحدود”.
وتابعت: “بالإضافة إلى جمع البيانات الشخصية، فإن هناك مصدر قلق رئيسي آخر بشأن تيك توك وهو التلاعب المحتمل بخوارزميتها للتأثير على الرأي العام في الولايات المتحدة، على عكس تيك توك، التي تخضع خوارزمياتها للتدقيق الدقيق من قبل أوراكل (شركة أميركية)، فيما تخضع خوارزميات RedNote لمراقبة دقيقة من قبل الحكومة الصينية، بالإضافة إلى ذلك، سيحتاج RedNote إلى الالتزام بمتطلبات تعديل المحتوى في الصين”.
“أضرار الخصوصية”
وحتى الآن، قال الأميركيون الذين يستخدمون RedNote إنهم لا يهتمون بما إذا كانت الصين لديها حق الوصول إلى بياناتهم.
وأظهرت مقاطع فيديو منتشرة على تيك توك في الأيام الأخيرة أميركيين يقولون مازحين إنهم سيفتقدون “جاسوسهم الصيني الشخصي”، بينما يقول آخرون إنهم يمنحون RedNote عمداً حق الوصول إلى بياناتهم احتجاجاً على رغبات الحكومة الأميركية.
وقال ليندسي جورمان، المدير الإداري لبرنامج التكنولوجيا في مؤسسة “مارشال” الألمانية، إن الولايات المتحدة “فتحت هذا الخطر بعدم تمرير قوانين حماية البيانات والخصوصية الفيدرالية الشاملة”.
وأضاف: “هذه لحظة نادرة للأميركيين للتفاعل مع المواطنين الصينيين، وهي لحظة قد لا تدوم طويلاً. ليس من المؤكد أن RedNote ستستمتع فجأة بنفس نجاح وشعبية تيك توك. في الواقع، اكتساب الجاذبية التي يتمتع بها تيك توك أمر نادر”.
وتابع جورمان: “ليس من المستغرب أن يتعرض المستخدمون الذين لا يستطيعون المشاركة على المنصة المحظورة لانتهاك خصوصيتهم مرة أخرى، لأنهم لن يتمتعوا بالحماية عندما يتدفقون إلى منصات أخرى. كانت هذه النتيجة متوقعة وكان من الممكن تجنبها من خلال معالجة أضرار الخصوصية من المصدر وسن قوانين قوية لحماية المستهلك، بدلاً من رد الفعل الانفعالي بحظر أحدث التهديدات المتصورة”.