أعلن الوسطاء في مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى، الأربعاء، نجاح جهود الوساطة بين “حماس” وإسرائيل، بعد 15 شهراً من الحرب المدمرة التي قتل فيها الجيش الإسرائيلي عشرات الآلاف من الفلسطينيين وتسبب في دمار واسع النطاق، وأزمة إنسانية غير مسبوقة للمدنيين البالغ عددهم أكثر من 2 مليون نسمة.
وقال رئيس مجلس الوزراء القطري وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، خلال مؤتمر صحافي، إن الوساطة المشتركة، من الولايات المتحدة ومصر وقطر، توصلت إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين طرفي النزاع في قطاع غزة، لافتاً إلى أن تنفيذ الاتفاق “يبدأ يوم الأحد الموافق 19 يناير الجاري، والمرحلة الأولى من الاتفاق مدتها 42 يوماً، وستشهد وقفاً لإطلاق النار”.
وأضاف رئيس الوزراء القطري، أن المرحلة الأولى من الاتفاق “تشمل وقفاً مؤقتاً للعمليات العسكرية، مع انسحاب القوات الإسرائيلية شرقاً بعيداً عن المناطق السكنية المكتظة، للتمركز على الحدود في مختلف مناطق قطاع غزة. كما تتضمن تبادل الأسرى والمحتجزين وفق آلية محددة، تبادل رفات المتوفين، عودة النازحين داخلياً إلى أماكن إقامتهم في القطاع، وتسهيل خروج المرضى والجرحى لتلقي العلاج اللازم”.
وتتضمن المرحلة الأولى أيضاً تعزيز إدخال وتوزيع المساعدات الإنسانية بشكل آمن وفعّال على نطاق واسع في جميع أنحاء قطاع غزة، بالإضافة إلى إعادة تأهيل المستشفيات، المراكز الصحية، والمخابز. كما تشمل إدخال مستلزمات الدفاع المدني، الوقود، ومستلزمات إيواء النازحين الذين فقدوا منازلهم نتيجة الحرب، بحسب رئيس الوزراء القطري.
ولفت إلى أنه خلال هذه المرحلة “ستقوم حماس بإطلاق سراح 33 محتجزاً إسرائيلياً (من الأحياء ورفات المتوفين)، مقابل إطلاق عدد من الأسرى الفلسطينيين المحتجزين في السجون الإسرائيلية ومراكز الاعتقال”.
وأكد الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، أن “المرحلتين الثانية والثالثة ضمن الاتفاق بشأن غزة سيتم الاتفاق بشأنهما خلال تنفيذ المرحلة الأولى”، مضيفاً: “نتطلع إلى تضافر الجهود الإقليمية والدولية في تقديم المساعدات الإنسانية، ودعم الأمم المتحدة في إدخال وإيصال المساعدات إلى السكان المدنيين في قطاع غزة”.
وأعرب المسؤول القطري، عن تمنياته من جميع الأطراف “الالتزام التام بتنفيذ كافة بنود الاتفاقية”، مضيفاً: “ستبقى قطر تعمل مع شركائها لضمان تنفيذ الاتفاقية بشكل كامل، بما يعزز الأمن والاستقرار في المنطقة”.
“استمرار وقف النار ما دامت المفاوضات مستمرة”
بدوره، قال الرئيس الأميركي جو بايدن في بيان، إن هذا الاتفاق “سيوقف القتال في غزة، ويزيد من المساعدات الإنسانية التي يحتاجها المدنيين الفلسطينيين، ويعيد لم شمل المحتجزين مع أسرهم بعد أكثر من 15 شهراً”.
واعتبر أن الاتفاق “ليس فقط نتيجة للضغوط الشديدة التي تعرضت لها (حماس)، وتغير المعادلة الإقليمية بعد وقف إطلاق النار في لبنان، وإضعاف إيران فحسب، بل نتيجة للدبلوماسية الأميركية المثابرة والدؤوبة”.
وأشار إلى أن “الوقت قد حان منذ فترة طويلة لإنهاء القتال، وبدء العمل على بناء السلام والأمن”.
وذكر بايدن في كلمة له عقب الإعلان، أن “الاتفاق يقضي بأن يستمر وقف إطلاق النار ما دامت المفاوضات مستمرة”، لافتاً إلى فريقه وفريق الرئيس المنتخب دونالد ترمب “تحدثا كفريق واحد خلال الأيام القليلة الماضية”.
وأضاف أن “الاتفاق صيغ خلال إدارتي لكن إدارة ترمب ستنفذ شروطه”.
“الإسراع في إدخال المساعدات”
من جهته، رحّب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بالتوصل إلى اتفاق في غزة، مشدداً على أهمية الإسراع في إدخال المساعدات الإنسانية العاجلة إلى أهل القطاع لمواجهة الوضع “الكارثي”.
وقال الرئيس المصري، في منشور على منصة “إكس”: “أرحب بالتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة بعد جهود مضنية على مدار أكثر من عام بوساطة مصرية قطرية أميركية”.
وتابع: “مع هذا الاتفاق، أؤكد على أهمية الإسراع في إدخال المساعدات الإنسانية العاجلة لأهل غزة، لمواجهة الوضع الإنساني الكارثي الراهن، وذلك دون أي عراقيل، لحين تحقق السلام المستدام من خلال حل الدولتين، ولكي تنعم المنطقة بالاستقرار و الأمن و التنمية في عالم يتسع للجميع”.
وأضاف أن “مصر ستظل دائماً وفية لعهدها، داعمة للسلام العادل، وشريكاً مخلصاً في تحقيقه، ومدافعة عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني”.
“محطة فاصلة”
ووصفت حركة حماس” في بيان الاتفاق بأنه “ثمرة الصمود الأسطوري لشعبنا الفلسطيني العظيم ومقاومتنا الباسلة في قطاع غزة”، معتبرةً أنه “محطة فاصلة من محطات الصراع مع العدو، على طريق تحقيق أهداف شعبنا في التحرير والعودة”.
وذكرت أن الاتفاق يأتي “انطلاقاً من مسؤوليتنا تجاه شعبنا الصّابر المرابط في قطاع غزة العزة، بوقف العدوان الصهيوني عليه، ووضع حد لشلال الدم والمجازر وحرب الإبادة التي يتعرض لها”، وشكرت “الوسطاء، الذين بذلوا جهداً كبيراً للوصول إلى هذا الاتفاق، وخاصة قطر ومصر”.
ومن المرتقب أن يصوت مجلس الوزراء الإسرائيلي على الاتفاق صباح الخميس، فيما ذكرت مصادر حكومية إسرائيلية لـ”رويترز”، أن المجلس سيصوت بالموافقة، رغم معارضة الجناح اليميني المتطرف في الحكومة لهذا الاتفاق.