أعرب رئيس الوزراء الفرنسي الجديد فرانسوا بايرو أمام الجمعية الوطنية “البرلمان”، عن أمله في تشكيل حكومة جديدة خلال الأيام المقبلة، وسط تصاعد الضغوط للإسراع في تقديم أسماء وزراءه إلى الرئيس إيمانويل ماكرون، مساء الثلاثاء، وبدء إعداد ميزانية فرنسا التي تعاني من تضخم العجز، وتوقعات بنمو منخفض.
وتعهد بايرو (73 عاماً) خلال جلسة استماع أمام البرلمان، بـ”تقديم معاملة عادلة لجميع الأطياف السياسية”، مؤكداً على أنه “من أشد المؤيدين للتعددية السياسية”.
ورداً على سؤال بشأن أبرز ملامح سياساته المقبلة، وكيفية التعامل مع التحديات المتراكمة، قال رئيس الوزراء: “لن أترك أي مسألة دون معالجتها ودون تقديم إجابة، وكل المشاكل التي تسببت بانشقاقات المجتمع الفرنسي، سأحاول حلها عبر الحوار مع كل مجموعة سياسية”.
وأضاف: “سأحاول حلها من خلال الأخذ في الاعتبار كل من يجلس على مقاعد البرلمان”، مؤكداً التزامه بالتعامل مع الجميع بشكل “عادل”.
تصاعد الضغوط
ويضغط ماكرون على بايرو لتقديم قائمة بأسماء وزراء حكومته الجديدة، مساء الثلاثاء، وسط تصاعد التوترات بين رئيسي السلطة التنفيذية، بحسب مجلة “بوليتيكو” الأميركية.
لكن بايرو الذي لم يحصل على رئاسة الوزراء إلا بعد خلافات مع ماكرون، قال، الاثنين، إنه سيقدم أسماء حكومته الجديدة في نهاية الأسبوع الجاري.
وحمّل بايرو الرئيس الفرنسي مسؤولية أي تأخير في تشكيل الحكومة، وقال بشكل ساخر إنه “يحتاج إلى وجود الرئيس في فرنسا لتعيين الوزراء”.
ورد ماكرون، الذي عُرف بأنه يأخذ وقتاً طويلاً لاتخاذ القرارات، على هذا التصريح، الثلاثاء، قائلاً إن “على رئيس الوزراء إرسال قائمة وزرائه في نهاية يوم الثلاثاء”.
وأشار مستشار للرئيس الفرنسي للمجلة، إلى أن ماكرون “ينتظر مقترحات” رئيس الوزراء بعد أن ينهي اجتماعاته، الثلاثاء، مع قادة الأحزاب في البرلمان.
وذكر أن “ماكرون يتوقع أن يقدم بايرو أسماء وزراءه، الثلاثاء، وذلك بمجرد أن يختتم مشاوراته، وينهي كذلك جلسة الاستماع”.
ومن المتوقع أن يسافر ماكرون قريباً إلى أرخبيل مايوت الفرنسي الواقع في المحيط الهندي بعدأن ضربه إعصار قوي أودى بحياة أكثر من 20 شخصاً وإصابة قرابة 1400، كما سيحضر اجتماع المجلس الأوروبي في بروكسل المقرر الخميس المقبل.
وعقد رئيس الوزراء الجديد عدة محادثات مع قادة الأحزاب الفرنسية، الثلاثاء، على أمل الإفلات من مصير سلفه ميشيل بارنييه، الذي انهارت حكومته خلال 3 أشهر، وذلك بعدما توحدت أحزاب اليسار واليمين في البرلمان ضده، وسحبت الثقة منها.
وكانت مارين لوبان وجوردان بارديلا وهما من قيادات حزب “التجمع الوطني” اليميني، أول من تم الترحيب بهم في ماتينيون وهو مقر إقامة رئيس الوزراء.
وقالت لوبان، التي سبق أن أبدت استعدادها للعمل مع بارنييه قبل سحب الثقة بشكل غير متوقع من حكومته، إن “بايرو استمع لها”.
وأشارت إلى أنه “من حيث المبدأ، يود بايرو أن تكون له مواعيد منتظمة مع الأحزاب السياسية، وأعتقد أن هذه هي الطريقة أكثر إيجابية”.
ووفقاً لـ”بوليتيكو”، يفتقر بايرو إلى دعم الأغلبية في البرلمان المنقسم إلى 3 كتل، عقب انتخابات يوليو الماضي.
ويعد التحدي الأبرز لرئيس الوزراء الجديد هو إقناع عدد كافٍ من الأحزاب بالامتناع عن دعم مقترح حجب الثقة عن الحكومة، مشدداً على أهمية أن تتجه البلاد لـ”الاستقرار”.
أزمة اقتصادية
ومن المتوقع أن تكون مهمة بايرو الأولى في المنصب، إعداد ميزانية عام 2025 للبلاد في ظل استمرارها في مكافحة تفاقم العجز.
واعتبرت “بلومبرغ”، أن الجمود السياسي والمالي في فرنسا أدى إلى إيقاع اقتصاد البلاد في “فخ انخفاض النمو”، ما زاد من الضغوط على بايرو للإسراع باختيار حكومة، وإعداد ميزانية عام 2025.
ومن المتوقع أن ينمو ثاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو بنسبة 0.2% فقط خلال الربع الأول من العام المقبل، مع ضعف الطلب المحلي، وتباطؤ الدعم من الصادرات بشكل غير عادي، بحسب تقرير المعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية.
وأشار التقرير، إلى أن الاضطرابات السياسية التي بدأت عقب الانتخابات الأخيرة تتسبب في “غرق الاقتصاد بشكل متزايد”.
وقال الخبير الاقتصادي في المعهد الوطني للإحصاء دوريان روتشر، إن “النمو في فرنسا سيكون متواضعاً، وسوف يتم الحد من الإنفاق العام، كما أن استثمار الشركات سيكون منخفضاً، أما التجارة ستعود إلى طبيعتها”.