تكريماً لمساهمات نوكيا التأسيسية في ظهور الهواتف المحمولة، أعلنت جامعة آلتو البحثية الشهيرة في فنلندا، عن إطلاق أرشيف تصميمات نوكيا الفني، “Nokia Design Archive” في 15 يناير 2025.
الأرشيف هو عبارة عن قاعدة بيانات مجانية على الإنترنت، تحتفظ بنحو 20 ألف عنصر و959 جيجابايت من الملفات الرقمية من نوكيا، كما تضم 700 رسم وتصميم ونماذج أولية منذ التسعينيات وحتى عام 2017.
هاتف جورباتشوف
بدأت شركة نوكيا عملها عام 1865 كمطحنة لللب، ثم بدأت في توليد الكهرباء عام 1902. وتمّ إنشاء قسم الإلكترونيات في الشركة عام 1967.
بعد 15 عاماً، أصدرت نوكيا أول هاتف للسيارة، وعام 1984 صمّمت أوّل هاتف محمول لها. أما في عام 1987، فأصدرت أول الهواتف المحمولة في العالم، وسرعان ما اكتسب شهرة عالمية ولقّب بـ”جوربا”، بعد أن تمّ التقاط بعض الصور للزعيم السوفييتي ميخائيل جورباتشوف، وهو يستخدم أحد الهواتف لإجراء مكالمة إلى من هلسنكي إلى موسكو.
عام 1998، كانت شركة الإلكترونيات الفنلندية، هي العلامة التجارية للهواتف الأكثر مبيعاً في العالم، وكانت تمتلك 40% من السوق العالمية و 70% من سوق المملكة المتحدة.
إلا أن ظهور هاتف آيفون من شركة أبل، بعد 20 عاماً، أطاح بشركة Nokia. ثم ما لبثت أن استحوذت مايكروسوفت على الشركة المتعثّرة عام 2013، وباعتها عام 2016.
العلاقة الأولى مع المحمول
يقول مارك ماسون، الذي انضم إلى فريق التصميم في شركة الاتصالات في ذروة التسعينيات: “الجميع يتذكر أول هاتف نوكيا خاصته، عندما تقول الاسم، فإنه يثير الذاكرة، لذلك سيتم التعرّف على التأثير الثقافي لنوكيا بشكل صحيح للمرّة الأولى في 15 يناير 2025.
وفي حين أن تأثير نوكيا لا جدال فيه بالنسبة لفنلندا، حيث أفاد معهد أبحاث الاقتصاد الفنلندي (Etla)، أنها ساهمت بربع النمو الاقتصادي في فنلندا بين عامي 1998و2007 ، فإن تأثير الثقافة الشعبية الدولية لهذه العلامة التجارية لا يمكن إنكارها أيضاً.
يقول جوناثان بيل، محرّر التكنولوجيا في مجلة “Wallpaper” لصحيفة “الغارديان”: “كانت نوكيا واحدة من أوائل شركات الهاتف التي ركزت على التصميم والاختلاف، بدءاً من الهواتف ذات الأسعار المعقولة، وصولاً إلى أحدث الهواتف المتطوّرة، وفي العالم الذي سبق أبل وجوجل وحتى سامسونج، كانوا يتفوّقون على كل اللاعبين الآخرين”.
سيد النغمات
كانت نغمة نوكيا “Gran Vals”، وهي من تأليف عازف الجيتار والملحن الإسباني سباني فرانسيسكو تاريجا عام 1902، منتشرة في كل مكان، وارتبطت بشركة نوكيا الفنلندية منذ التسعينيات، لتصبح أول نغمة رنين موسيقية يمكن التعرف عليها على الهاتف المحمول.
عام 2009، صدر تقرير مفاده أن نحو 1.8 مليار مرّة يومياً، يتم سماع النغمة في جميع أنحاء العالم، أي ما يعادل 20 ألف مرّة في الثانية.
لعب هاتف “Nokia 8110” المعروف أكثر باسم “الموزة “، دور البطولة في فيلم “The Matrix” عام 1999، وسرعان ما أصبحت العلامة التجارية مشبعة بالطابع الثقافي.
سنتان من الفهرسة
وقال ميشيل نادر، أحد الخبراء الذين ساعدوا في بناء أرشيف تصميم نوكيا، “إن الأمر استغرق عامين لفهرسة المجموعة الثمينة للاستهلاك الرقمي، وأخذ المؤرخ كايسو سافولا زمام المبادرة، في تحديد القطع الأكثر إثارة للاهتمام”.
أضاف: “لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعيّن القيام به، ولم تتم بعد فهرسة آلاف الملفات في الأرشيف، كما تبرّع العديد من مصمّمي Nokia السابقين بمجموعاتهم الشخصية، ما أضاف 959 جيجابايت إلى المحتوى الموجود”.
يقول نادر عن التفاوت بين ذلك الوقت والآن: “كان المصمّمون يستمتعون ويجدون الإلهام في كل مكان، واليوم يستطيع الناس العودة بالزمن إلى الوراء، إلا أننا على الأقل نستطيع الآن أن نعجب بالماضي بشكل صحيح”.
تجمع قاعدة البيانات بين نماذج مميزة مثل هاتف على شكل بيضة، لم يذكر اسمه ولم يصل إلى السوق مطلقاً، ويظهر هاتف منزلق يتميّز بلمسات من مصمّم الأزياء الإيطالي جيامباتيستا فالي.
كذلك يعرض الأرشيف نماذج من “Nokia3310” و “Brick” مع تصميمات أقل شهرة مستوحاة من الخيال العلمي، مثل هاتف “Nokia7600 Mango”. إلى جانب تصميمات للتكنولوجيا المبكرة.
اعتباراً من 15 يناير 2025، سيتمكن المستخدمون من الوصول إلى الإعلانات ومقابلات المصمّمين والرسومات التخطيطية، وإلى جانب النماذج الأولية وعمليات التصميم ومفاهيم التكنولوجيا الاستهلاكية، سيكشف الأرشيف عن مواد مرتبطة بالنماذج الشهيرة مثل “الهاتف المصنوع من الطوب” و”الهاتف الموزة”.