شهدت المحافظات الشرقية لسوريا، الخاضعة لسيطرة الجيش السوري، تطورات ميدانية أفضت إلى انتشار “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) على امتداد طريق دمشق-بغداد، عند القاطع الفاصل بين محافظتي حمص ودير الزور، وصولاً إلى عمق البادية السورية المتاخمة للحدود السورية مع العراق.
وقال مصدر حكومي لـ”الشرق” إن “أرتالاً عسكرية لقسد عبرت بتسهيل من الجيش السوري من معبر الصالحية باتجاه طريق دير الزور-دمشق، بهدف تعزيز الجهود لمحاربة تنظيم داعش في البادية”، مضيفاً أن “قسد لم تدخل مراكز مدن دير الزور والبوكمال والميادين، وأن الجيش والوحدات الشرطية ومجالس المدن والبلدات الحكومية تواصل عملها المعتاد دون أي تغيير”.
وأشار المصدر إلى أن “قوات قسد انتشرت في المنطقة الممتدة من دوار البانوراما عند مدخل دير الزور وحتى الهريبشة على الحدود الإدارية مع محافظة حمص”، مضيفاً أن “الانتشار سيكون كنقاط مشتركة مع الجيش السوري أيضاً من البانوراما وباتجاه الميادين والبوكمال وعمق البادية على الحدود مع العراق”.
وذكر المصدر أن “هذا الأمر ينطبق أيضاً على ريفي الرقة الشرقي والجنوبي، الخاضعين لسيطرة الحكومة السورية، والتي انتشرت قسد فيها أيضاً”.
وفي وقت سابق، أعلنت “قسد” في بيان، الانتشار في مدينة دير الزور وغرب الفرات، الجمعة، فيما نقلت وكالة “رويترز” عن مصادر أمنية قولها، إن “قسد تسيطر على مدينة دير الزور، وعلى معبر البوكمال الحدودي الرئيسي مع العراق”.
“اجتماع روسي أميركي في الصالحية”
ورغم أن “قسد” كانت تحضر لشن هجوم جديد لدخول 7 قرى يسيطر عليها الجيش السوري بشمال دير الزور، بعد محاولة فاشلة قبل يومين، إلا أن سيطرة “هيئة تحرير الشام” والفصائل المسلحة المتحالفة معها على مدينة حماة واقترابها من مدينة حمص، استدعت “تنسيقاً روسياً أميركياً”، بشأن ترتيبات عسكرية وأمنية شرقي سوريا والبادية، بهدف منع أيّ تحركات لتنظيم “داعش” عبر خلاياه في المنطقة.
وقالت مصادر مطلعة لـ”الشرق”، إن “تطورات دير الزور جاءت نتيجة توافق روسي أميركي، بعد اجتماع عقد بين الطرفين في بلدة الصالحية على الحد الإداري الفاصل بين مناطق سيطرة الجيش السوري وقوات سوريا الديمقراطية”، مشيرة إلى أن “الرؤية كانت أن الأولوية هي لمنع تنظيم داعش من استغلال التطورات الميدانية الحاصلة في سوريا، وإعادة تنظيم نفسه”.
وتوقعت المصادر نفسها أن “تُحرك القوات الأميركية جيش سوريا الحرة المتواجد في منطقة التنف على مثلث الحدود مع العراق والأردن، للالتقاء مع (قسد) في البادية الفاصلة بين دير الزور وحمص، لإغلاق الحدود السورية العراقية بالكامل”.
وأضافت المصادر أن “وحدات من الفرقة الرابعة والجماعات التابعة للجيش السوري المدعومة من إيران، ستنسحب من دير الزور باتجاه حمص ودمشق لتعزيز الطوق الذي يفرضه الجيش السوري على تلك المناطق، في وجه هجمات مسلحي هيئة تحرير الشام”.
وكان القائد العام لـ”قوات سوريا الديمقراطية” مظلوم عبدي، أكد في مؤتمر صحافي أن “قسد تعمل بالتنسيق مع روسيا والولايات المتحدة الأميركية على حماية منطقة غرب الفرات من تهديدات داعش”، مشيراً إلى أن “قسد” تعمل على “حماية مناطق دير الزور والطبقة والرقة من هجمات داعش”. وأضاف أن “العمل مع التحالف الدولي في الفترة المقبلة سيكون مضاعفاً”.
“قسد جاهزة للحديث مع تركيا”
وذكر مظلوم عبدي أن “قوات سوريا الديمقراطية جاهزة للحوار مع تركيا، وتخفيض التوتر معها بوساطة روسية أميركية، بهدف حل المشاكل بيننا سلمياً”، مضيفاً أن “هناك محاولات تركية لتهديد منبج وشمال شرق سوريا”، وأن “لدى قسد قوات كافية لردع أي عدوان تركي في مناطقنا”.
وزعم عبدي أن “قسد كانت تعلم ما سيحدث منذ شهرين”، معتبراً أن “التطورات الأخيرة تستوجب وجود حل سياسي للبلاد وفق القرار 2245”. وأشار إلى أن “قوات سوريا الديمقراطية لديها قنوات اتصال وتواصل مع هيئة تحرير الشام، ونراقب عن كثب عملها ومدى التزامهم بوعودهم”.
وكانت “القوات الشعبية لتحرير عفرين”، التابعة لـ”قسد”، انسحبت من ناحية تل رفعت بريف حلب الشمالي بأسلحتها، مع إجلاء نحو 100 ألف من السكان، بوساطة أميركية، بينما احتفظت “قسد” بمقاتلين تابعين لـ”وحدات حماية الشعب” الكردية في حيي الشيخ مقصود والأشرفية في مدينة حلب، بعد ضمانات من “إدارة الشؤون السياسية” التابعة لـ”هيئة تحرير الشام”، والتي أصدرت بياناً أكدت فيه أن “معركتها ضد النظام والقوات الإيرانية، ولن تقاتل الأكراد”.
وفي السياق، كشف مصدر مقرب من “الوحدات الكردية” في حلب أن “قسد قررت البقاء في حلب للحفاظ على قناة تواصل مع هيئة تحرير الشام، ولاختبار جديتها في عدم شن هجمات على مناطق سيطرتها أو القيام بممارسات سلبية بحق المواطنين الأكراد في حلب”.
وأشارت إلى أن “الهيئة أكدت لممثلين عن قسد أنها ستشرك الكرد في الإدارة المدنية التي تعتزم تشكيلها في حلب، وهو ما دفع الأكراد لاتخاذ القرار بالاحتفاظ بوجودهم العسكري في حيين بمدينة حلب”.