توصل الاتحاد الأوروبي وتكتل ميركوسور في أميركا الجنوبية الجمعة، إلى اتفاق للتجارة الحرة طال انتظاره، وأعلنا، على الأقل من حيث المبدأ، عن اتفاقية قد تثير الانقسام العميق بين دول أوروبا.
وفي مؤتمر صحافي عقد في مونتيفيديو، أشادت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين ونظراؤها في ميركوسور بالاتفاق بعد 25 عاماً من المحادثات، مشيرين إلى الحاجة إلى التجارة الحرة في مواجهة الحمائية المتزايدة على مستوى العالم.
وقالت فون دير لاين “هذا الاتفاق ليس فرصة اقتصادية فحسب، بل ضرورة سياسية… أعلم أن رياحاً قوية مناوئة تدفع نحو العزلة والتفتت، لكن هذا الاتفاق هو الاستجابة المناسبة”.
ويقول مسؤولون أوروبيون ومؤيدون للاتفاق إنه يوفر وسيلة لتقليص الاعتماد على التجارة مع الصين كما يحمي دول الاتحاد الأوروبي من تأثير الرسوم الجمركية المحتملة التي هدد بها الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.
لكن اتفاق التجارة ليس سوى بداية إذ يتعين أن يمر بعمليات تقنين وتفسير ثم موافقة الدول الأعضاء عليه، بل قد يجري عرقلته لأن فرنسا من أشد المعارضين.
وتجلت بعض التحديات في المؤتمر الصحافي المقتضب الذي عقد في مونتيفيديو. فلم يتحدث سوى فون دير لاين ورئيس أوروجواي لويس لاكالي بو، ولم تُطرح أي أسئلة بعد ذلك. والتزم رؤساء البرازيل والأرجنتين وباراجواي الصمت.
“اتفاق خرج ضعيفاً”
وقال مصدر من الاتحاد الأوروبي ضالع بشدة في المحادثات “تحدث اثنان فقط من الخمسة ولم تُطرح أي أسئلة. وهذا في حد ذاته يفصح عن كثير”.
وأضاف “خرجنا بهذا، لكنه خرج ضعيفاً… على الأقل لدينا اتفاق شراكة، والباقي سيتكشف في الأيام المقبلة”.
وسابق المفاوضون الزمن وواجهوا مقاومة للاتفاق في الداخل، واتخذت فون دير لاين قراراً متأخراً بالتوجه إلى قمة ميركوسور التي تضم القوى الزراعية الكبرى البرازيل والأرجنتين بالإضافة إلى أوروجواي وباراجواي.
وتضمن الاتفاق تعديلات على المشتريات العامة وتجارة السيارات وصادرات المعادن الحيوية مقارنة بنسخة تم الاتفاق عليها في عام 2019. كما أرفق به ملحق عن التدابير البيئية لتهدئة مخاوف أميركا الجنوبية من نزعة حمائية بالاتحاد الأوروبي.
خلاف فرنسي ألماني
وفيما تدعم برلين الاتفاق بقوة باعتباره فرصة حيوية لدعم الاقتصاد الألماني، ترفضه فرنسا بشدة، متخوفة من تأثيرها السلبي على قطاع الزراعة في البلاد.
بالنسبة للألمان، فإن إمكانية إبرام مثل هذه الاتفاقية تعد خبراً رائعاً، إذ أنه مع تزايد المخاوف بشأن تراجع الصناعة في البلاد، فإن اتفاقية “ميركوسور” تمثل فرصة كبيرة لمساعدة برلين في إيجاد أسواق جديدة لصناعاتها المتعثرة.
أما بالنسبة للفرنسيين، فإن زيارة فون دير لاين إلى مونتيفيديو تعد بمثابة “اللعنة”، إذ ينتشر رفض إبرام اتفاقية “ميركوسور” مع الأرجنتين والبرازيل وأوروجواي وباراجواي وبوليفيا داخل كافة الأوساط السياسية الفرنسية.
ويخشى الفرنسيون من أن تؤدي الاتفاقية، إلى تقويض المزارعين من خلال تدفق الدواجن واللحوم الحمراء الرخيصة من أميركا اللاتينية، مما قد يثير الغضب الشعبي ضد المؤسسة الفرنسية والاتحاد الأوروبي.