انتُخب دونالد ترمب، مرة أخرى، رئيساً للولايات المتحدة، ليضع نهاية لحملة صاخبة ومثيرة للانقسام، تمكنت من الفوز بأصوات الناخبين بوعد “جعل أميركا عظيمة مجدداً”، متفوقاً على منافسته الديمقراطية كامالا هاريس، وفق نتائج انتخابات الرئاسة الأميركية.
ورغم محاولات الحزب الديمقراطي إنقاذ رهانه على البيت الأبيض، بعد تعويض مرشحه المبدئي الرئيس جو بايدن بنائبته كامالا هاريس، إلا أن الأخيرة فشلت في إقناع الناخبين بجدوى ما تقدمه، بعد أداء باهت للإدارة السابقة، واكتفت بمزاحمة ترمب في سباق متقارب.
ومن طفولته المضطربة مروراً بالأكاديمية العسكرية التي رسمت المعالم الأولى لشخصيته العنيفة والمتنمرة، إلى مسيرته في قطاع العقارات وعالم المال والأعمال الذي كسب منها -إلى جانب مليارات الدولارات- دهاءً وقدرة على “عقد الصفقات”، والتالي لمحة عن حياة دونالد ترمب، الرئيس الـ45 و47 للولايات المتحدة الأميركية، بكل الجدل المحيط بها.
نشأة ترمب
في أسرة من خمسة أطفال، وُلِد دونالد جون ترمب في 14 يونيو 1946، لماري آن ماكلويد ترمب، وهي اسكتلندية هاجرت إلى الولايات المتحدة في عام 1930 وزوجها فريدريك كريست ترمب الأب، الذي وُلِد في مدينة نيويورك، وهو ابن مهاجرين ألمان.
وخلال طفولة ترمب، عاشت الأسرة في مجتمع راقٍ في حي كوينز بمدينة نيويورك، يُعرف باسم “جامايكا إستيتس”.
كان فريد ترمب يمتلك ويدير شركة عقارية ناجحة تسمى “إليزابيث ترمب آند صن”، والتي سميت على اسم والدة فريد ترمب واسمه، والتي طوَّرت عقارات للعائلات من الطبقة المتوسطة في كوينز وبروكلين وستاتن آيلاند.
وعندما أصبحوا كباراً بما يكفي، عمل أبناء ترمب الثلاثة- فريد جونيور ودونالد وروبرت- في الشركة في مواقع البناء والمكاتب، فيما لم تعمل ابنتا ترمب، إليزابيث وماريان في شركة العائلة، وفي النهاية انخرط دونالد وروبرت ترمب في أعمال والدهما عندما أصبحا بالغين.
بعد سنوات من ذلك، أصبح شقيقهما فريد طياراً في الخطوط الجوية، وتوفي بسبب إدمان الكحول في عام 1981، وسبق لدونالد ترمب أن تحدث عن معركة شقيقه في النهاية مع الإدمان كسبب لعدم شربه، فيما توفي روبرت ترمب في عام 2020.
خلال مرحلة الطفولة، أظهر ترمب صعوبات سلوكية، وقال عنه والده في إحدى المرات: “كان شخصاً قاسياً جداً عندما كان صغيراً”، وفي محاولة لغرس الشعور بالانضباط، سجَّله والداه في سن 13 عاماً في أكاديمية نيويورك العسكرية، شمال مدينة نيويورك.
يذكر ترمب أنه خلال هذه المرحلة استمتع بالتدريبات وأسلوب الحياة الذي رافق مسيرته في هذه المؤسسة، لكن تجربته في الأكاديمية حدَّدت مصير التحاقه بالجيش لاحقاً.
التحق ترمب بجامعة فوردهام في مدينة نيويورك، ثم انتقل بعدها إلى جامعة بنسلفانيا، حيث حصل على درجة البكالوريوس في الاقتصاد من كلية وارتون للتمويل والتجارة عام 1968.
خلال حرب فيتنام في أواخر الستينيات، عندما كان في أوائل العشرينيات من عمره، قدَّم ترمب تأجيلات جامعية وطبية (بسبب تشخيصه بالنتوءات العظمية) لتجنّب التجنيد في الجيش.
وعندما أطلقت الولايات المتحدة نظام “يانصيب التجنيد” في عام 1969، في محاولة لجعل التجنيد الإجباري أكثر عشوائية، كان تاريخ ميلاد ترمب في الترتيب 356 من أصل 366 في جدول الترتيب، وبناءً على ذلك، لم يُستدَع إلى للخدمة.
ترمب.. الطفل المتمرد
خلال العامين والنصف الأولين من حياته، حظي دونالد، برعاية والدته الكاملة، لكن عندما أنجبت شقيقه الأصغر روبرت بعد عامين، تغيرت حياة دونالد بشكل كبير، إذ أصبح تركيز والدته منصباً على ابنها الجديد.
وما زاد الأمور تعقيداً، أنه بعد تسعة أشهر من ولادة روبرت، كادت ماري آن أن تفقد حياتها بسبب نزيف حاد، إذ خضعت لعملية استئصال الرحم بشكل طارئ، وخلال هذه العملية الجراحية، حدث خطأ طبي تسبب في إصابتها بالتهاب الصفاق، وهو عدوى مؤلمة في البطن، تتطلب عمليات جراحية متعددة لعلاجها.
كانت حالتها خطيرة للغاية، لدرجة أن فريد أخبر ابنته الكبرى ماريان أن والدتها “لم يكن من المتوقع أن تعيش”، وبعد ذلك، قلَّ تفاعل ماري آن مع أولادها وأصبح أمراً نادراً، ومع تقدمهم في السن، اتسعت الهوة بينها وبينهم.
تقول عالمة النفس ماري ترمب، ابنة شقيق دونالد الأكبر فريد جونيور: “كان التأثير شديداً بشكل خاص على دونالد وروبرت، اللذين كانا في عمر عامين ونصف وتسعة أشهر على التوالي، الأكثر ضعفاً بين أطفالها، خاصة أنه لم يكن هناك أي شخص آخر لملء الفراغ”.
اعترف ترمب في كتاب “فن الصفقة” بأنه كان غير منضبط للغاية عندما كان طفلاً، وقد يكون إهمال والديه قد ساهم في ذلك.
ويقول في هذا الصدد:
“حتى في المدرسة الابتدائية، كنت طفلاً عدوانياً للغاية. في الصف الثاني، وجَّهت بالفعل ضربة إلى عين أحد المعلمين – لكمت مدرس الموسيقى الخاص بي لأنني لم أكن أعتقد أنه يعرف شيئاً عن الموسيقى وطُردت. لست فخوراً بذلك، لكنه دليل واضح على أنه حتى في وقت مبكر كان لدي ميل للوقوف وإبداء آرائي بطريقة قوية للغاية. الفرق الآن هو أنني أحب استخدام عقلي بدلاً من قبضتي”.
قالت شقيقة دونالد، ماريان ترمب باري، إنه كان “متمرداً للغاية”، وذكر أحد زملائه في الفصل أن دونالد “تحدَّى القواعد”، ووصفه مسؤول في مخيم بأنه “مشاكس”.
كانت لوالده فريد الكلمة الأولى والأخيرة في منزل العائلة، وكان جميع الأطفال، باستثناء، دونالد يخضعون لسلطته القاسية، وقال دونالد: “كنت أقاوم طوال الوقت”، ومن خلال ذلك “أبقى الناس بعيداً عنه”.
وقرر الأب إرسال دونالد إلى مكان يمكن إعادة تأهيله فيه، ووقع الاختيار على أكاديمية نيويورك العسكرية (NYMA)، التي قادها قدامى المحاربين المتمرسين الذين خاضوا لحرب العالمية الثانية، وحكموا الأكاديمية بلا رحمة.
تأسست أكاديمية نيويورك العسكرية عام 1889 على يد العقيد تشارلز جيفرسون رايت، وهو من قدامى المحاربين في الحرب الأهلية، وتقع على بعد ستين ميلاً شمال مدينة نيويورك وبالقرب من أكاديمية الولايات المتحدة العسكرية التاسعة في ويست بوينت.
“في الصف الثاني (…) لكمت مدرس الموسيقى الخاص بي لأنني لم أكن أعتقد أنه يعرف شيئاً عن الموسيقى وطُردت”.
دونالد ترمب في كتابه “ترمب: فن الصفقة”
اعترض دونالد على الالتحاق بالأكاديمية، لكنه اضطر إلى تقبل قرار والده ودرس فيها من الصف الثامن حتى تخرج بعد سنوات، وذكر أنه لم يكن سعيداً بالفكرة، لكن اتضح أن والده كان على حق، وقال: “تعلمت الكثير عن الانضباط، وحول توجيه عدوانيتي إلى الإنجاز”.
في سنته الأخيرة بالأكاديمية، تم اختيار ترمب قائداً للطلاب، ولكن على الرغم من نجاحه، فقد عانى من مشكلات شخصية كبيرة في السنوات التي سبقت التخرج.
وكان ثيودور دوبياس، الذي كان مسؤولاً عن الطلاب، قد شهد وفاة ما يقرب من 1000 من رفاقه أثناء الحرب العالمية الثانية عام 1943، وكان حاضراً لرؤية مشهد الديكتاتور بينيتو موسوليني وهو معلق من حبل في أبريل 1945.
أوضح دوبياس أن العديد من “الأطفال كانوا ينفجرون بالبكاء ويتوسلون للعودة إلى المنزل”، وأضاف أنه ليس من السهل “على صبي بعيد عن المنزل، حيث يصرخ الناس عليك، أن تفعل هذا، وتفعل ذلك، وتغلق فمك، وتستحم، وتقوم بواجباتك المدرسية، وتذهب إلى الفراش، وتستيقظ”.
“لم يتلق أحد معاملة خاصة” يقول دوبياس، ويضيف: “كان أبناء الشخصيات البارزة مجرد أسماء أخرى، طلاب آخرون، تماماً مثل أي شخص آخر”.
وقال ترمب لكاتب سيرته الذاتية تيموثي أوبراين في كتابه TrumpNation، إنه “لأول مرة في حياته، صفعه أحدهم على وجهه”.
ووصف ساندي ماكنتوش، أحد زملاء ترمب في الأكاديمية العسكرية بأنها “مكان وحشي حيث يحكم الرجال البالغون الذين كانوا من قدامى المحاربين في الجيش الحقيقي بالتهديد والقوة”.
ووصف أول عام لترمب تحت قيادة دوبياس بأنه “جحيم”، وتابع ماكنتوش: “صفعه دوبياس وضربه حتى تعلم كيفية ترتيب سريره وتلميع حذائه، وهي أشياء رفض دونالد، الرجل الصغير العدواني، القيام بها في البداية”.
قصة صعود قطب العقارات
بدأ ترمب حياته المهنية في عالم الأعمال وهو لا يزال طالباً في الكلية، إذ استثمر بمجال العقارات في فيلادلفيا، وبعد إكمال تعليمه الجامعي في عام 1968، عاد إلى نيويورك وانضم إلى والده وعمل معه بدوام كامل.
وتميزت المسيرة المهنية لترمب في بدايتها بالفضائح والانتقادات، ففي عام 1973 اتهمت وزارة العدل الأميركية شركة ترمب بالتمييز ضد المستأجرين المحتملين من أصل إفريقي، وعلى الرغم من أن الشركة لم تعترف بالذنب في هذه الادعاءات، إلا أنها حسمت الأمر بالموافقة على تأجير المزيد من الشقق للمستأجرين السود.
وفي السبعينيات، ساعد ترمب في توسيع أعمال شركة والده، عبر شراء عقارات خارج مدينة نيويورك في مواقع مثل فرجينيا وأوهايو ونيفادا وكاليفورنيا.
وفي الوقت نفسه، أعرب عن اهتمامه بتوسيع عمليات العقارات للشركة في مسقط رأسه، والانتقال من ضواحي نيويورك إلى مانهاتن، وهي منطقة أكثر ثراءً، وتعتبر تقليدياً مركزاً تستقر فيه المجتمعات الراقية، وبحلول منتصف السبعينيات، توسعت الشركة التي تحمل الآن اسم “منظمة ترمب”، ودخلت النادي الحصري لمطوري ناطحات السحاب في مانهاتن.
كانت الخطوة الكبرى الأولى لترمب في عام 1976 هي تطوير فندق Grand Hyatt على القطعة الأرضية حيث كان ينتصب فندق Comondore التابع لشركة Penn Central للسكك الحديدية، والذي كان قد أعلن إفلاسه آنذاك.
ورغم أن منظمة ترمب لم تكن تملك ما يكفي من الموارد لشراء الفندق، استخدم ترمب علاقته الشخصية بسلسلة فنادق Hyatt ونفوذ والده السياسي (كان فريد ترمب عضواً بارزاً في الحزب الديمقراطي في بروكلين) للتفاوض على اتفاق غير عادي مع حكومة مدينة نيويورك.
حصل ترمب على تخفيض ضريبي لمدة 40 عاماً، وإعفاء من دفع ضرائب الملكية على الفندق، ومع أن قيمة التخفيض قُدِّرت في الأصل بـ 4 ملايين دولار سنوياً، إلا أنها بلغت في المجمل حوالي 400 مليون دولار على مدى 40 عاماً، بسبب التضخم في قيمة العقار والتغييرات في قانون الضرائب.
استخدم ترمب هذه الصفقة مع المسؤولين في مدينة نيويورك لإقناع ملاك فندق Comondore ببيعه له، و(لإقناع) شركة Hyatt بعقد شراكة معه، ويُقال إن عمدة نيويورك أبراهام بيم قال متحدثاً عن الصفقة: “كل ما يريده صديقي فريد ودونالد، في هذه المدينة، يحصلان عليه”.
في ثمانينيات القرن العشرين، كان دونالد ترمب قد اكتسب سمعة طيبة كمطور عقاري كبير. فقد بنى مجمع الشقق المكون من 36 طابقاً، والذي يُدعى “ترمب بلازا” بالإضافة إلى “برج ترمب” في الجادة الخامسة، والذي يضم متاجر فاخرة، ومقر إقامة ترمب المكون من عدة طوابق، ومقر الشركة.
كما دخل ترمب مجال الكازينوهات في أتلانتيك سيتي بولاية نيو جيرسي، وبنى فندق وكازينو “ترمب بلازا” (الذي كان يُسمى في الأصل Harrah’s at Trump Plaza) و”قصر ترمب”.
وفي عام 1990، بنى ترمب مجمع “تاج محل” بتكلفة بلغت نحو مليار دولار، وأطلق عليه “الأعجوبة الثامنة”، وبحلول الوقت الذي انتُخِب فيه دونالد ترمب رئيساً في نوفمبر 2016، كانت “منظمة ترمب” تمتلك عدداً كبيراً من الشركات والمنتجات واتفاقيات الترخيص.
وشملت هذه الممتلكات ما لا يقل عن اثني عشر منتجعاً للجولف في الولايات المتحدة، وخمسة في بلدان أخرى، وثمانية فنادق أميركية وستة في الخارج، وعشرات الممتلكات العقارية الأخرى في جميع أنحاء العالم.
في أغسطس 2016، ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” أن ممتلكاته العقارية مرتبطة بديون لا تقل عن 650 مليون دولار، وكمرشح، تفاخر ترمب بديونه المرتفعة وقدرته على تقليل أو إلغاء ضريبة الدخل، بالرغم من صافي ثروته الشخصية المرتفعة للغاية (كان المستوى الدقيق لثروته – ولا يزال – موضع نقاش).
“تجنب الضرائب يجعلني ذكياً”.
دونالد ترمب خلال مناظرة مع هيلاري كلينتون في خريف عام 2016
كما شاركت شركات ترمب في عدد كبير من الدعاوى القضائية، سواء كمدعى عليه أو كمدعٍ.
وذكرت صحيفة “يو إس إيه” توداي أنه اعتباراً من عام 2016، كان ترمب أو إحدى شركاته متورطة في 3500 قضية قانونية في المحاكم الفيدرالية والمحلية، وكان ترمب المدعي في 1900 قضية، إذ رفع دعوى قضائية ضد طرف آخر، وفي 1450 قضية، كان هو الشخص الذي تمت مقاضاته، وتضمنت بقية القضايا أنواعاً أخرى من الإجراءات القانونية، بما في ذلك حالات الإفلاس.
بعد انتخابه عام 2016، قامت “منظمة ترمب” بتسوية العديد من القضايا البارزة، وتضمنت ثلاث قضايا مزاعم بالاحتيال على المستهلك من قبل جامعة ترمب، وهي شركة ربحية تم إطلاقها في عام 2005 والتي قدَّمت دروساً في قطاع العقارات، ووعدت بتدريس أسرار نجاح ترمب الشخصي.
دفع ترمب 25 مليون دولار لتسوية تلك الدعاوى، دون الاعتراف بالخطأ، كما أغلق “مؤسسة ترمب الخيرية” غير الربحية في أعقاب تقارير تفيد بأنه لم يساهم بأمواله الشخصية في المؤسسة منذ عام 2008، بل استخدمها لتوزيع الأموال التي طلبها من آخرين، وربما انخرط في تعاملات غير قانونية.
“منظمة ترمب”.. تحديات مالية
ورغم هذه العمليات التجارية الكبرى، واجهت “منظمة ترمب” تحديات مالية شديدة، فقد اقترض ترمب مبالغ مالية كبيرة لتمويل الفنادق والكازينوهات، وتفاقمت الأوضاع في عام 1990 لدرجة أن فريد ترمب، الذي كان في الثمانينيات من عمره آنذاك، اشترى أكثر من 3 ملايين دولار من رقائق الكازينو في “ترمب كاسل” حتى يتمكن الكازينو من سداد الفائدة.
وقد اعتُبرت هذه العملية من قبل السلطات، في وقت لاحق، بأنها قرض غير قانوني، وفرضت ولاية نيو جيرسي غرامة قدرها 65 ألف دولار.
وفي هذه الفترة، أعلنت شركتان مملوكتان لترمب إفلاسهما: فندق “تاج محل” في عام 1991، وفندق “ترمب بلازا” في 1992. وفي عام 1993، نُشر كتاب هو عبارة عن سيرة ذاتية لدونالد ترمب بعنوان “الملياردير الضائع”، واعتبر الكاتب أن ترمب أصبح “مادة للسخرية” في أعقاب فشل أعماله.
وفي السنوات التي تلت ذلك، لجأ ترمب إلى بند الحماية من الإفلاس لإعادة جدولة ديون العديد من الشركات التي تشكل “منظمة ترمب”، ونجح في سداد الديون حتى مع تراكم المزيد من الديون الإجمالية بأسعار فائدة أعلى، وكما أوضح في عام 2011 وهو يتطلع إلى الماضي: “لقد استخدمت قوانين هذا البلد لتخفيض الديون”.
كما أسس ترمب شركة عامة تحمل اسم “فنادق ومنتجعات كازينو ترمب”، مما جنَّبه المسؤولية المالية، وسمح له ببيع الأسهم للعموم، وكان يمتلك في البداية 56% من أسهم هذا الكيان، مما منحه الأغلبية، وبالتالي السيطرة الكاملة على الشركة التي استحوذت على العديد من ممتلكات وشركات “منظمة ترمب”.
في عام 2004، لم تتمكن الشركة من سداد قروضها، وفشلت في تحقيق أرباح، ودخلت في برنامج الحماية من الإفلاس، وخفَّض ترمب بموجب ذلك ملكيته من الأسهم إلى 27% متخلياً عن دور نشط في الشركة.
ألقى ترمب باللوم في إخفاقات أعماله على الانحدار العام لمدينة أتلانتيك سيتي، على الرغم من أن المنتقدين أشاروا إلى أن كازينوهاته لم تكن ناجحة أبداً، في أي فترة، حتى عندما كان اقتصاد ألعاب المقامرة في أتلانتيك سيتي قوياً.
وفشلت الجهود المبذولة لإحياء الشركة، ودخلت في الإفلاس مرة أخرى في عامي 2009 و 2014، وبحلول الفترة التي أعلن فيها ترمب إطلاق حملته للترشح للانتخابات الرئاسية في عام 2015، توقفت أعماله المرتبطة بالمقامرة تماماً، وخسر المساهمون في الشركة استثماراتهم، وتكبد العديد من المزودين والدائنين الخسائر، لكن الخسائر المالية الشخصية لترمب تم تخفيفها من خلال إجراءات مالية وقانونية.
اقتحام عالم السياسة
في مقابلة أجريت معه عام 1980، وصف ترمب البالغ من العمر 34 عاماً، آنذاك، السياسة بأنها “حياة لئيمة للغاية” وقال إن “الأشخاص الأكثر كفاءة” يختارون بدلاً من ذلك عالم الأعمال.
ولكن بحلول عام 1987، بدأ في إثارة تلميحات حول ترشحه للرئاسة، وحاول لفترة وجيزة دخول سباق الرئاسيات عام 2000 مع حزب الإصلاح، ثم مرة أخرى في عام 2012 كجمهوري.
ولم يعلن ترمب رسمياً عن ترشحه للبيت الأبيض إلا في يونيو 2015، معتبراً أن الحلم الأميركي قد مات، ولكنه وعد “بإعادته بشكل أكبر وأفضل”، وفي خطابه، تفاخر بثروته ونجاحه التجاري؛ واتهم المكسيك بإرسال المخدرات والمجرمين والمغتصبين إلى الولايات المتحدة، ووعد بجعل المكسيك تدفع ثمن الجدار الحدودي.
وقد اجتذبت خطاباته في المناظرات ومنصة التواصل الاجتماعي المثيرة للجدل إكس (تويتر حينها)، معجبين ومنتقدين شرسين على حد سواء، فضلاً عن اهتمام هائل من وسائل الإعلام، وتحت شعار: “لنجعل أميركا عظيمة مجدداً”، تمكن ترمب بسهولة من التغلب على منافسيه في الحزب الجمهوري ليواجه الديمقراطية هيلاري كلينتون.
شابت حملة ترمب الانتخابية جدلاً واسع النطاق، بما في ذلك تسريب شريط صوتي له، وهو يتفاخر بالاعتداء الجنسي، فيما كانت استطلاعات الرأي تُظهره متأخراً طوال فترة الانتخابات، لكن كانت له الكلمة الأخيرة أمام الخبراء واستطلاعات الرأي بفوزه المذهل على سياسية مخضرمة، وأدى اليمين الدستورية كرئيس خامس وأربعين للبلاد في 20 يناير2017.
عند تنصيبه رئيساً، كان ترمب أول شخص يُنتخب لقيادة الولايات المتحدة دون خبرة سابقة في الخدمة العامة، إذ تم انتخاب معظم الرؤساء السابقين لمناصب سياسية في وقت سابق من حياتهم المهنية.
ومن بين أولئك الذين ليس لديهم خبرة في السياسة، كان ثلاثة منهم جنرالات في الجيش (زاكاري تايلور، ويوليسيس س. جرانت، ودوايت أيزنهاور) وكان أحدهم، هربرت هوفر، وزيراً للتجارة من بين مناصب حكومية أخرى تم تعيينه فيها.
وعلى النقيض من ذلك، كانت الخبرة السياسية لدونالد ترمب قبل الرئاسة تتمثل إلى حد كبير في اكتساب النفوذ السياسي، بدلاً من ممارسة السياسة.
ووفقاً لسيرته الذاتية، تعلَّم ترمب بناء العلاقات السياسية مع أصحاب المناصب من الديمقراطيين في مدينة نيويورك من والده، فريد ترمب، الذي استخدم الصداقات والمساهمات في الحملات الانتخابية، للحصول على معاملة تفضيلية من السياسيين الذين كان لهم تأثير على القوانين واللوائح التنظيمية والتصاريح والسياسات الضريبية التي كانت مرتبطة بمصالحه العقارية.
تأرجح حزبي
عندما كان شاباً، لم يتبن دونالد ترمب توجهات حزبية أو أيديولوجية ثابتة. وعلى غرار والده، كان يؤيد الحزب الديمقراطي في نيويورك، وكان يحظى بدعمه. وفي الثمانينيات، أيَّد ترشيح الجمهوري رونالد ريجان للرئاسة، وأعلن بنفسه بأنه جمهوري في عام 1987، وفي السنوات اللاحقة، سجَّل نفسه كديمقراطي، ومستقل، وعضو في حزب الإصلاح.
أبدى ترمب اهتمامه بالترشح للرئاسة عدة مرات قبل حملته الناجحة في نهاية المطاف في عام 2016.
في عام 1987، ألمح لفترة وجيزة إلى الترشح عندما نشر مقالات صحفية معارضة للسياسة الخارجية للرئيس رونالد ريجان. وكان الأمر بمثابة تمهيد لمقاربة شكَّلت حجر الزاوية لفترة رئاسته، إذ اعترض على تقديم المساعدة العسكرية “للدول التي تستطيع تحمل تكاليف الدفاع عن نفسها”.
وفي عام 1999، انضم إلى حزب الإصلاح، الذي أسسه روس بيرو – رجل الأعمال الذي ترشح للرئاسة كشخصية سياسية مستقلة في عامي 1992 و1996- لكنه انسحب.
وفي عام 2012، فكَّر في دخول الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري لتحدي الرئيس آنذاك باراك أوباما، الذي كان يترشح لولاية ثانية، لكنه أعلن في نهاية المطاف أنه يفضل البقاء في القطاع الخاص.
دفعت “سوابق” ترمب في التلميح إلى الترشح للرئاسة بعض المراقبين إلى تجاهل حديثه المبكر عن الترشح في عام 2016 باعتباره محاولة أخرى للترويج لنفسه في قطاع الأعمال، ومع ذلك، أثبتت حملته في نهاية المطاف جديتها وفعاليتها.
ترمب ومشكلات مع أوباما
عام 2020 كما في 2024، ظل أوباما شخصية هادئة ولكن قوية، لعبت دوراً مهماً في تحديد المرشح الرئاسي الديمقراطي، وحشد التأييد لحملته، انطلاقاً من اقتناعه بضرورة منع ترمب من الوصول إلى البيت الأبيض مرة أخرى.
وكانت تحركات أوباما تنبع بدافع مخاوفه العميقة بشأن توجهات ترمب وسياساته، ولكن أيضاً بسبب “العداوة الشخصية” الذي بدأت في عام 2011، عندما روَّج ترامب بقوة لنظرية المؤامرة “المولد”.
خلال إدارة أوباما، استخدم ترمب شهرته وحضوره الغزير على وسائل التواصل الاجتماعي ليصبح زعيماً لما يسمى Birther Movment، وهي نظرية مؤامرة ادعت أن باراك أوباما لم يولد في الولايات المتحدة، وبالتالي لم يكن مؤهلاً دستورياً ليكون رئيساً.
وعلى الرغم من أن الأكاديميين والسياسيين والصحافيين كانوا جميعاً يعرفون أن أوباما ولد في هاواي في عام 1961 (بعد عامين من حصول هاواي على وضع الولاية)، إلا أن السعي إلى تحدي شرعية أوباما أصبح محوراً رئيسياً داخل بعض الدوائر السياسية المحافظة.
عندما سُئل عن موقف أوباما تجاه ترمب، قال بيل دالي، كبير مساعدي أوباما في عام 2011، لـ”أكسيوس”: “لا يمكنك التقليل من شأن قضية شهادة الميلاد – كانت هذه محاولة لتشويه مصداقيته كشخص تماماً”.
والملاحظ أن أوباما، على غير عادته، يخرج عن ثباته في كل مرة تعلق الأمر بدونالد ترمب، وكذلك تفعل زوجته ميشيل أوباما التي قالت في إحدى المناسبات: “إن نظرته (ترمب) المحدودة والضيقة للعالم، جعلته يشعر بالتهديد من وجود شخصين مجتهدين ومتعلمين تعليماً عالياً وناجحين، وكانا أيضاً من السود”.
لكن أوباما، على الرغم من كل الجهود التي بذلها لإقصاء ترمب وتهميشه، يعرف أنه ساعد منذ البداية في خلقه، ففي عشاء مراسلي البيت الأبيض عام 2011 في واشنطن، وجه الرئيس أوباما آنذاك انتقادات لاذعة لترمب، بلغت حد الإذلال، رداً على ادعاءات الجمهوري بشأن شهادة الميلاد، رغم أن مستشاري أوباما نصحوه بعدم القيام بذلك.
ونقلت “أكسيوس” عن دالي قوله: “لقد تجاوز الحدود، حتى بصفتي كبير المساعدين، كنت أشعر وكأنني أقول، ربما ذهبنا بعيداً في هذا.. لم يكن الأمر يستحق”. أمام العلن، كان ترمب محرجاً، لكنه كان يعمل بنشاط في السر، إذ بعد خمس سنوات ونصف، أصبح رئيساً للبلاد.
بعد فوز ترمب في عام 2016، شعر أوباما بالإحباط، واعتقد أنه كان بإمكانه هزيمة ترمب إذا سمح له الدستور بولاية ثالثة، وقال في ديسمبر 2016: “أنا واثق من أنه إذا ترشحت مرة أخرى، أعتقد أنني كنت لأتمكن من حشد غالبية الشعب الأميركي”.
خلال معظم فترة توليه الرئاسة، تعرض أوباما لانتقادات لاذعة وشخصية من ترمب، لكن هذا الأخير تحول وأصبح أكثر لطفاً بعدما حل محله في البيت الأبيض. وقال ترمب لشبكة CNN في إحدى المقابلات: “أنا أحبه.. أنا أحترمه وأحترم زوجته”.
وخلال ولايته، حاول ترمب أن يمسح إرث أوباما، وانسحب من الاتفاق من النووي الإيراني، كما حاول جاهداً إلغاء قانون الرعاية الصحية الذي يحمل اسمه (ObamaCare).
“حلم الشباب”
قبل فوزه برئاسة الولايات المتحدة، لم يشغل ترمب أي منصب حكومي منتخب أو معين، إذ كان كلّ تركيزه منصباً على تحقيق الأرباح وتطوير أسهمه التجارية، وفي شبابه، لم يكن يُظهِر أيّ انتماء حزبي واضح، فقد دعم مرة الحزب الديمقراطي في نيويورك، قبل أن يساند الجمهوري رونالد ريجان في سباق الرئاسة، وعرّف نفسه مرةً بأنه جمهوري في عام 1987، وفي السنوات اللاحقة، سجل أو عرّف نفسه كديمقراطي، ومستقل، وعضو في حزب “الإصلاح” (Reform Party).
في يونيو 2015، أعلن قطب العقارات عن ترشحه للرئاسة في خطاب ألقاه في برج ترمب، وأدار حملته على أساس تعهد شعبوي “بجعل أميركا عظيمة مرة أخرى”، وتحدث ضد الهجرة غير القانونية، وجماعات الضغط الحكومية، بينما وعد بخفض الضرائب، وإعادة التفاوض على الصفقات التجارية، وخلق ملايين الوظائف للعمال الأميركيين.
كما تعهّد بسحب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس لعام 2015 بشأن تغير المناخ، وفرض التعريفات الجمركية على البلدان، التي يزعم أنها مارست ممارسات تجارية غير عادلة للولايات المتحدة؛ وبناء جدار على طول الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك، لمنع الهجرة غير الشرعية من أميركا اللاتينية؛ وحظر هجرة المسلمين.
في مايو 2016، حسم ترمب ترشيح الحزب الجمهوري، متغلباً على 16 مرشحاً، وانسحاب منافسيه الأخيرين، تيد كروز وجون كاسيتش، من السباق، وفي يوليو 2016، أعلن ترمب أن حاكم إنديانا مايك بنس، سيكون نائبه في الانتخابات التمهيدية، وفي 20 يوليو 2016، تم تسمية ترمب رسمياً مرشح الحزب الجمهوري خلال المؤتمر الوطني.
في الانتخابات العامة، ترشح ترمب ضد الديمقراطية هيلاري كلينتون، أول مرشحة رئاسية من حزب سياسي كبير. كان السباق مثيراً للانقسام، ويرجع ذلك جزئياً إلى عدد من التصريحات والتغريدات التحريضية التي أدلى بها ترمب، في حين نأى بعض أعضاء المؤسسة الجمهورية بأنفسهم عن المرشح، وأعجب أنصار ترمب بـ”صراحته”، و”نجاحه التجاري”.
في ذلك الوقت، انتقد ترمب بشدة المرشحة الديمقراطية، وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، وألقى عليها باللوم في هجوم عام 2012 على القنصلية الأميركية في بنغازي بليبيا، وزعم أنها أساءت التعامل مع رسائل البريد الإلكتروني السرية لوزارة الخارجية باستخدام خادم بريد إلكتروني خاص.
وفي 5 يوليو 2016، أعلن مكتب التحقيقات الفيدرالي أن التحقيق في استخدام كلينتون للبريد الإلكتروني كوزيرة للخارجية، قد حدد أن تصرفاتها كانت “متهورة للغاية” ولكنها ليست إجرامية.
في 22 يوليو 2016، قبل أيام من المؤتمر الوطني الديمقراطي، نشر موقع “ويكيليكس” رسائل بريد إلكتروني مخترقة من اللجنة الوطنية الديمقراطية، مما دفع رئيسة اللجنة الوطنية الديمقراطية ديبي واسرمان شولتز إلى الاستقالة.
بدأ مكتب التحقيقات الفيدرالي التحقيق في عمليات الاختراق، وفي سبتمبر 2016، أصدر الديمقراطيان ديان فينشتاين وآدم شيف من لجنتي الاستخبارات بمجلس الشيوخ ومجلس النواب بياناً مشتركاً، يُفيد بأن وكالات الاستخبارات الروسية، كانت وراء التدخل في الانتخابات.
واصل ترمب انتقاداته لكلينتون في الأسابيع التي تلت ذلك، مشيراً إليها بشكل روتيني باسم “هيلاري الملتوية”، وتعهد مراراً وتكراراً بوضعها في السجن إذا انتُخب.
كان تهديد ترمب بسجن “خصمه السياسي” غير مسبوق في التاريخ السياسي الحديث للولايات المتحدة، ولم يكن قائماً على أيّ سلطة دستورية يتمتع بها رئيس الولايات المتحدة.
ولكن في أكتوبر 2016، عادت تعليقات ترمب ومواقفه تجاه النساء لتطارده مع اقتراب الحملة الانتخابية من نهايتها، ففي وقت مبكر من الشهر، نشرت صحيفة “واشنطن بوست” مقطع فيديو من برنامج تلفزيوني ترفيهي (أكسس هوليوود) يعود إلى عام 2005، يظهر ترمب وهو يتفاخر بألفاظ مبتذلة باستغلالات جنسية للنساء، تم التقاطها عبر ميكروفون مفتوح، قائلاً: “عندما تكون نجماً، فإنهم يسمحون لك بفعل ذلك”.
وسعى ترمب إلى نزع فتيل هجوم الغضب، الذي أعقب ذلك من خلال وصف تصريحاته بأنها “حديث غرفة تبديل الملابس”، ونفى مزاعم لاحقة من قبل العديد من النساء اللواتي زعمن أنه اعتدى عليهن جنسياً، لكن دعمه المنخفض بالفعل بين الناخبات استمر في التضاؤل، وبدأ بعض الجمهوريين في سحب تأييدهم، حسبما نقلته آنذاك “واشنطن بوست”.
في الأسابيع التي سبقت الانتخابات، احتفظت كلينتون بتقدم ضئيل، ولكن ثابت في استطلاعات الرأي على المستوى الوطني وفي الولايات المتأرجحة، ولكن في النهاية، أربك ترمب كل من خبراء استطلاعات الرأي والخبراء السياسيين، ليس فقط بفوزه بالعديد من الولايات المتأرجحة الحاسمة (من بينها أوهايو وفلوريدا ونورث كارولينا) ولكن أيضاً بتفوقه على كلينتون في ولايات مثل بنسلفانيا وويسكونسن، التي كانت معاقل ديمقراطية منذ فترة طويلة في الانتخابات الرئاسية.
وهكذا، حصل ترمب على 306 أصوات من أصوات المجمع الانتخابي مقابل 232 لهيلاري كلينتون، بينما كان يتطلب الفوز 270 صوتاً على الأقل، وذلك رغم فوز كلينتون بالتصويت الشعبي بأكثر من 2.8 مليون صوت.
وألقى بعض الديمقراطيين باللوم على ما اعتبروه طبيعة غير ديمقراطية للمجمع الانتخابي في هزيمة كلينتون، وأشار آخرون إلى تصرفات مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي جيمس كومي، و”الأخبار المزيفة” التي تم بثها على مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) المشكوك فيها، والتي تم مشاركتها على أنها أخبار حقيقية، والتدخل في الانتخابات من قبل روسيا، بما في ذلك اختراق البريد الإلكتروني لأعضاء اللجنة الوطنية الديمقراطية، ونشرها من خلال “ويكيليكس”.
تدخل روسي محتمل في انتخابات 2016
خلال الفترة الانتقالية بين إدارة أوباما وإدارة ترمب، أشارت 17 وكالة استخبارات أميركية بشكل جماعي إلى اعتقادها بأن الحكومة الروسية انخرطت في جهد منهجي للتأثير على الانتخابات لصالح ترمب، وشكك الرئيس المنتخب بقوة في هذا الاستنتاج، ورفض الجمهوريون إلى حد كبير اتهامات الديمقراطيين الأوسع نطاقاً باعتبارها جهوداً لتقويض شرعية رئاسة ترمب الوشيكة.
وتم تعيين مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي السابق روبرت مولر كمستشار خاص للتحقيق في التواطؤ المحتمل بين روسيا وحملة ترمب، وجد تقرير مولر أن روسيا “تدخلت في الانتخابات الرئاسية لعام 2016 بطريقة شاملة ومنهجية” و”انتهكت القانون الجنائي الأميركي”، وفشل في النهاية في العثور على رابط بين إدارة ترمب والتدخل الروسي، وخلص إلى أن “التحقيق لم يثبت أن أعضاء حملة ترمب تآمروا مع الحكومة الروسية في أنشطتها للتدخل في الانتخابات”.
في الثامن من نوفمبر 2016، انتُخِب ترمب رئيساً للولايات المتحدة بعد أكبر فوز ساحق في المجمع الانتخابي لمرشح جمهوري منذ 28 عاماً، إذ فاز بأكثر من 2600 مقاطعة على مستوى البلاد، وهو أكبر عدد منذ الرئيس رونالد ريجان في عام 1984، وحصل على أصوات أكثر من 62 مليون أميركي، وهو أكبر عدد على الإطلاق لمرشح جمهوري.
“التخلص من إرث أوباما”
كانت الأشهر الأولى لترمب في منصبه مليئة بالجدال، فمنذ البداية، ابتعد نهجه في التعامل مع الرئاسة عن العديد من التوقعات المرتبطة بسلوك الرئيس التنفيذي، فيما كان لافتاً استمرار الرئيس الجديد في استخدام “تويتر” (إكس حالياً) بانتظام.
اتخذ ترمب عدة إجراءات تهدف إلى الوفاء بعدد من أبرز وعود حملته الانتخابية، فبالإضافة إلى التوجيهات التي مهدت الطريق لتفكيك قانون الرعاية الصحية (Obamacare)، الذي أقرّه أوباما، وضمان عدم مشاركة الولايات المتحدة في اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ، وهي اتفاقية تجارية دافع عنها أوباما، كما سارع ترمب إلى عكس سياسات أوباما الموجهة لحماية البيئة.
وجاء القرار السياسي الأكثر إثارة للجدل الذي اتخذه الرئيس الجديد في الأشهر الستة الأولى من رئاسته فيما يتعلق بالبيئة في يونيو 2017، عندما أعلن انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس بشأن تغير المناخ، وهي مجموعة واسعة من التدابير (التي وافقت عليها 195 دولة) تهدف إلى الحد من الزيادات في درجات الحرارة العالمية، وتخفيف العواقب الاقتصادية للاحتباس الحراري العالمي.
جادل ترمب، الذي شكك في حقيقة تغير المناخ، بأن الاتفاقية غير عادلة للولايات المتحدة، وأن تفويضها بخفض انبعاثات الغازات المسببة للانحباس الحراري من شأنه أن يلحق الضرر بالاقتصاد الأميركي،
في غضون أسبوعه الأول في منصبه، أوفى ترمب بوعد آخر من وعود حملته الانتخابية بإصدار أمر تنفيذي يقضي ببناء جدار على طول الحدود الأميركية مع المكسيك بهدف السيطرة على الهجرة غير الشرعية.
في أواخر يناير 2017، أصدر ترمب قراراً بتعليق الهجرة من 7 دول ذات أغلبية مسلمة، وفي نظر كثيرين، كان بمثابة الوفاء فعلياً بوعد حملة ترمب بفرض “حظر على المسلمين”.
وعلى الرغم من تعهده في عام 2015 بالإفصاح عن إقراراته الضريبية، كما فعل كل مرشح رئاسي من حزب رئيسي منذ سبعينيات القرن العشرين، رفض الرئيس الجديد الكشف عن سجل ضرائبه، موضحاً أنه كان يخضع لمراجعة روتينية من قبل مصلحة الضرائب، على الرغم من عدم وجود مانع قانوني للإفصاح عن إقراراته الضريبية تحت المراجعة، كما فعل الرئيس ريتشارد نيكسون في عام 1973.
وأصبحت إقرارات ترمب الضريبية وغيرها من المعلومات المالية لاحقاً محوراً للتحقيقات التي أجراها مجلس النواب، والمدعي العام لمانهاتن، والمدعي العام لنيويورك في النشاط الإجرامي المزعوم لترمب وشركائه.
وبصفته رئيساً، وقع ترمب على مشروع قانون رئيسي للإصلاح الضريبي وأشرف على خفض اللوائح الفيدرالية، وشملت سياساته التجارية الحمائية التعريفات الجمركية على الألومنيوم والصلب والمنتجات الأجنبية الأخرى.
كما أعادت إدارة ترمب التفاوض على اتفاقيات تجارية مع المكسيك وكندا والصين واليابان وكوريا الجنوبية، وشملت الأولويات المحلية الأخرى تعيينات المحكمة العليا والقضاء الفيدرالي، وزيادة الميزانيات العسكرية، والسيطرة الصارمة على الحدود والهجرة، وإصلاح العدالة الجنائية، وخفض أسعار الأدوية الموصوفة.
أما في السياسة الخارجية، نقلت إدارة ترمب السفارة الأميركية في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس المحتلة، وتوسطت في اتفاقيات التطبيع بين إسرائيل وعدد من الدول، وفي عام 2018، حضر الرئيس ترمب قمة مع كيم جونج أون، وهي المرة الأولى التي يلتقي فيها رئيس في منصبه بزعيم كوري شمالي.
وفي عام 2018، كان هناك إغلاق جزئي للحكومة، إذ اختلف ترمب مع الكونجرس بشأن تمويل جدار حدودي بين الولايات المتحدة والمكسيك، واستمر انقطاع التمويل لمدة 35 يوماً قبل حله.
“مكالمة هاتفية تورط الرئيس”
يعدّ ترمب هو المسؤول الفيدرالي الوحيد في الولايات المتحدة الذي واجه إجراءات عزله مرتين، وكما حدث في محاكمتي عزل الرئيسين الآخرين (الرئيسين ليندون جونسون وبيل كلينتون)، لم يدن مجلس الشيوخ الرئيس ترمب في أي من المرحلتين.
كانت الظروف التي أدت إلى إجراءات العزل الأولى تتعلق بمكالمة هاتفية جرت في 25 يوليو 2019 بين الرئيس ترمب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، خلال المكالمة الهاتفية، طلب ترمب من أوكرانيا التحقيق (أو الإعلان عن تحقيق) في قضية مفادها أن روسيا لم تتدخل في الانتخابات الرئاسية لعام 2016 لمساعدة الرئيس ترمب، بل إن كيانات في أوكرانيا تدخلت في الانتخابات لمساعدة هيلاري كلينتون خارجياً.
كما طلب ترمب من أوكرانيا التحقيق (أو الإعلان عن تحقيق) في تورط نجل جو بايدن مع شركة أوكرانية، وكان بايدن برز آنذاك كمنافس سياسي رئيسي للرئيس ترمب في الانتخابات الرئاسية المقبلة لعام 2020.
وفي صيف عام 2019 أيضاً، قررت إدارة ترمب حجب 391 مليون دولار من المساعدات الأمنية الأميركية لأوكرانيا، والتي خصصها الكونجرس.
في أغسطس 2019، قدم أحد المبلغين الفيدراليين شكوى إلى رؤساء لجنتي الاستخبارات في مجلسي النواب والشيوخ، زاعماً أن الرئيس ترمب كان يستخدم سلطة منصبه لطلب التدخل من دولة أجنبية في الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2020 لتحقيق مكاسب شخصية.
وأشار المُبلغ عن المخالفات إلى المكالمة الهاتفية التي جرت في يوليو 2019 بين الرئيس ترمب والرئيس زيلينسكي؛ وجهود الإدارة الأميركية لتقييد الوصول إلى سجلات المكالمة الهاتفية؛ والتغيير في السياسة الأميركية فيما يتعلق بالمساعدات الأمنية لأوكرانيا.
وفي 24 سبتمبر 2019، أعلنت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، أنها ستتخذ الخطوات اللازمة لبدء “محاكمة الرئيس الأميركي” والنظر في احتمالية عزله.
وعُقدت العديد من جلسات الاستماع المتعلقة بالتحقيق في خريف عام 2019، وفي النهاية عُرضت على مجلس النواب مادتيْ عزل، بتهمة إساءة استخدام السلطة وعرقلة العدالة، وفي 18 ديسمبر 2019، عزل مجلس النواب الرئيس ترمب من خلال تمرير مادتي العزل.
واتهمت المادة الأولى الرئيس بإساءة استخدام السلطة، زاعمة أنه استخدم سلطات منصبه لطلب تدخل أوكرانيا في انتخابات عام 2020 واشترط موافقة الرئيس زيلينسكي على الإعلان عن التحقيقات لاتخاذ إجراءات رئاسية، مثل الإفراج عن المساعدات العسكرية لأوكرانيا وزيارة البيت الأبيض.
وزعمت المادة أن الرئيس ترمب انخرط في هذا المخطط لأغراض مشبوهة، سعياً لتحقيق منفعة سياسية شخصية.
واتهمت المادة الثانية الرئيس الأميركي بعرقلة تحقيق مجلس النواب في المساءلة من خلال توجيه تحد غير مسبوق وقاطع وعشوائي لاستدعاءات صادرة عن مجلس النواب، وزعمت المادة أن إساءة استخدام المنصب هذه كانت تخريبية للحكومة الدستورية وأبطلت ضمانة دستورية حيوية مخولة حصرياً لمجلس النواب.
عُقدت أول محاكمة لترمب أمام مجلس الشيوخ من 21 إلى 31 يناير 2020، وجرت عملية التصويت على مادتي العزل في 5 فبراير 2020، ولم يصوت ثلثا أعضاء مجلس الشيوخ على الأقل على إدانة ترمب في أي من التصويتين (صوت 52 عضواً لصالح تبرئته من تهمة إساءة استخدام السلطة فيما صوت 48 عضوا ضده)، أما تهمة عرقلة عمل الكونجرس فصوت 53 عضواً لصالح تبرئة ترمب مقابل 47 عضواً ضده)، وبالتالي وجد مجلس الشيوخ أن الرئيس ترمب غير مذنب في مادتي العزل.
محاولة العزل الثانية (2021)
خسر دونالد ترمب الانتخابات الرئاسية لعام 2020 بفارق 7 ملايين صوت (46.9% مقابل 51.3% لبايدن) و232 مقابل 306 أصوات في المجمع الانتخابي، وانضم إلى مجموعة صغيرة نسبياً من الرؤساء الأميركيين الذين خدموا فترة واحدة ثم خسروا إعادة انتخابهم.
خلال الفترة بين الانتخابات في نوفمبر وتنصيب جو بايدن في 20 يناير 2021، واصل ترمب الادعاء بأن الانتخابات “سُرقت” وأنه الفائز الشرعي، على الرغم من حقيقة أن العديد من مستشاريه أخبروه مراراً وتكراراً أنه “مخطئ”، وأصرّ على أن الانتخابات كانت مزورة، وأنه يمكنه البقاء في منصبه من خلال التراجع عن النتائج.
بحلول 6 يناير 2021، أصبح من الواضح أن جو بايدن قد حصل على أغلبية أصوات الهيئة الانتخابية (306 أصوات لصالح بايدن مقابل 232 صوتاً لصالح ترمب)؛ وبالتالي، كان من المتوقع أنه بعد الجلسة المشتركة، سيعلن الكونجرس فوز بايدن بالانتخابات الرئاسية لعام 2020، ومع ذلك، كان ترمب يدعي أنه الفائز الحقيقي في الانتخابات الرئاسية.
وفي وقت كان الكونجرس يستعد لإعلان فوز بايدن بالانتخابات، عقد الرئيس ترمب تجمعاً عاماً لتحدي تصديق الكونجرس على النتائج، وتجمع عشرات الآلاف من أنصار الرئيس ترمب في واشنطن العاصمة لحضور التجمع، والاحتجاج على نتائج الهيئة الانتخابية.
خلال التجمع، شجع الرئيس ترمب أنصاره على السير إلى مبنى الكابيتول، وخلال فترة ما بعد الظهر من يوم 6 يناير 2021، اخترقت الحشود الكبيرة التي تجمعت في مبنى الكابيتول الحواجز الأمنية الخارجية، وأُعلن عن أعمال شغب وتم إغلاق مبنى الكابيتول بعد توقيف جلسة المصادقة على نتائج الانتخابات، ثم استؤنفت الجلسة المشتركة، وأعلن الكونجرس رسمياً فوز بايدن في الانتخابات الرئاسية لعام 2020.
في 11 يناير 2021، قدم مجلس النواب قرار “رقم 24” لعزل الرئيس ترمب بناءً على مادة واحدة من مواد العزل، وهي المادة المتعلقة بالتحريض على العصيان، زاعماً أنه حرض على تمرد ضد حكومة الولايات المتحدة وقاد أحداث الشغب التي وقعت داخل مبنى الكابيتول.
وقالت رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي، إن الكونجرس سيعزل ترمب بسبب تحريضه على “تمرد مسلح ضد النظام الأمريكي” إذا لم تجرده حكومته من سلطاته وواجباته باستخدام التعديل الخامس والعشرين.
في 11 يناير 2021، أعطت بيلوسي إنذاراً نهائياً لمايك بنس، نائب رئيس الولايات المتحدة، بتفعيل التعديل الخامس والعشرين في غضون 24 ساعة، وهو تعديل يخول له عزل ترمب والقيام بمهامه، وإلا سيشرع مجلس النواب في إجراءات العزل.
في 12 يناير، أوضح بنس في رسالة إلى بيلوسي أنه لن يلجأ إلى تفعيل البند 4 من التعديل الخامس والعشرين، لاعتقاده أن القيام بذلك “لن يكون في مصلحة الشعب الأميركي أو لا يتوافق مع الدستور”.
وبعد يومين، عزل مجلس النواب الرئيس ترمب بتمرير القرار، وتلقى مجلس الشيوخ القرار في 25 يناير 2021، بعد أن أدى الرئيس بايدن اليمين الدستورية كرئيس، وأقيمت محاكمة عزل الرئيس ترمب الثانية في مجلس الشيوخ من 9 إلى 13 فبراير 2021.
وزعم محامو ترمب أن خطابه للمحتجين في السادس من يناير كان خطاباً سياسياً قياسياً، واتهموا معارضي ترمب بالسعي إلى “الانتقام السياسي”، وفي وقت لاحق، كشفت تحقيقات لجنة مجلس النواب أن ترمب كان يعلم أن نتائج الانتخابات كانت شرعية وأن مثيري الشغب في السادس من يناير كانوا مسلحين وينوون ارتكاب أعمال عنف، وأنه كان يرغب شخصياً في الانضمام إلى الهجوم على الكابيتول.
لم يتم تقديم هذه المعلومات في محاكمة مجلس الشيوخ، إذ صوت في النهاية بأغلبية 57 مقابل 43 لإدانة ترمب بالتحريض على التمرد، أي أقل بعشرة أصوات من اللازم لإدانة ترمب، وبالتالي ظل مؤهلاً للترشح للرئاسة مرة أخرى.
وفي خرق للتقاليد، لم يحضر ترمب حفل تنصيب الرئيس بايدن، ليصبح واحداً من سبعة رؤساء فقط في تاريخ الولايات المتحدة لم يحضروا حفل تنصيب خليفتهم.
مرارة الهزيمة لا يبددها “الجولف”
في غياب الوصول إلى حسابات مواقع التواصل الاجتماعي، جرب ترمب مجموعة من منصات التواصل الاجتماعي الناشئة، وأصدر بشكل متكرر تعليقات على الشؤون السياسية عبر بيانات صحافية “قاسية”.
وظل ترمب نشطاً سياسياً، وجمع التبرعات من المؤيدين، ونظم حملات لصالح مختلف المرشحين للمناصب قبل انتخابات التجديد النصفي لعام 2022، وانتقد بنشاط الرئيس بايدن والحزب الديمقراطي والجمهوريين الذين يعتبرهم غير مخلصين له أو لأجندة “جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى”.
وكان ترمب في غالب الأوقات يخصص وقتاً وافراً لممارسة رياضته المفضلة “الجولف” في منتجعه السياحي مار إيه لاغو في ولاية فلوريدا. فيما كان يخصص وقتاً مهماً يومي الاثنين والثلاثاء، لاستقبال مستشاريه لمناقشة الأوضاع السياسية، كما يقضي ساعات في الدردشة عبر الهاتف مع مجموعة من الأصدقاء القدماء، حسبما نقلته شبكة CNN.
وبعيداً عن التقاعد التقليدي بعد البيت الأبيض، فإن أول مائة يوم لترمب خارج منصبه توضح رجلاً فضل التخطيط للفصل التالي من حياته السياسية، على التخطيط لكتابة مذكرات ما بعد الرئاسة، التي تؤشر على بدء فترة التقاعد السياسي، ففي حين انسحب أسلافه من السياسة لعدة أشهر بعد تركهم مناصبهم، ظل ترمب مرتبطاً بالحياة السياسية في الولايات المتحدة مسلطاً الأضواء عليه مجدداً مع احتمال عودته إلى الترشح للرئاسة في عام 2024.
وفي أبريل 2021، ذكر مساعدو ترمب في حديثهم مع CNN أن الرئيس السابق، الذي كان لا يزال يشعر بالمرارة بسبب هزيمته في انتخابات عام 2020، تحوَّل إلى صانع ملوك في الحزب الجمهوري، مستمتعاً بقدرته على تعطيل السباقات، أو رفع شخصيات مؤيدة لترمب ضد المنشقين داخل الحزب، ولكن هناك من يرى أن ترمب يشتاق العودة إلى البيت الأبيض، ويزعم أن جهوده لبناء آلة سياسية ما بعد الرئاسة تهدف في المقام الأول إلى دعم هذا الهدف.
في أغلب أيام الأسبوع، كان ترمب يبدأ اللعب في الساعة التاسعة صباحاً في ملعب الجولف الذي يحمل اسمه على بعد 15 دقيقة من منزله، ثم يتناول غداءً هادئاً في النادي مع مجموعة من الأصدقاء، ثم يجري مقابلات مع المرشحين أو اجتماعات مع موظفيه في منتجعه المطل على المحيط حتى الساعة 7:30 مساءً قبل أن ينضم إلى زوجته ميلانيا لتناول العشاء على شرفة مار إيه لاغو الصاخبة، وفق “CNN”.
الترشح لانتخابات 2024
في نوفمبر 2022، أعلن ترمب أنه سيترشح لنيل بطاقة الحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية لعام 2024، ومع انطلاق الانتخابات التمهيدية الجمهورية لعام 2024، بدا عازماً على نيل الترشيح الجمهوري، مع سقوط حاكم فلوريدا رون دي سانتيس، والحاكم السابق لولاية ساوث كارولينا، نيكي هالي، والحاكم السابق لولاية نيوجيرسي، كريس كريستي.
وعلى الرغم من المنافسة، فاز ترمب بجميع الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري تقريباً، وأصبح المرشح الجمهوري المحتمل في مارس 2024.
وحظي ترمب (78 عاماً) بترشيح الحزب الجمهوري، دون منافسة تُذْكر، لخوض غمار الانتخابات إذ تصدر استطلاعات الرأي، معززاً مكانته بأداء قوي في مناظرته الوحيدة هذا العام أمام جو بايدن (82 عاماً)، الذي كان منافسه في بداية السباق الانتخابي.
وأعلن ترمب لاحقاً اختيار سيناتور أوهايو، جي دي فانس، مرشحاً لمنصب نائب الرئيس في الانتخابات، مراهناً بذلك على شاب حديث العهد بالسياسة وقدرته على جلْب طاقة جديدة إلى تذكرة الترشح الجمهورية للبيت الأبيض.