أعلن ستانيسلاف سيكريرو مستشار الأمن القومي لرئيسة مولدوفا، أن السلطات رصدت “تدخلاً كبيراً” من جانب روسيا في جولة الإعادة لانتخابات الرئاسة، التي تجرى الأحد.
وأضاف سيكريرو في منشور على منصة “إكس” للتواصل الاجتماعي عن التدخل المزعوم أنه “محاولة يحتمل بقدر كبير أن تؤدي إلى التلاعب بالنتيجة”.
وتواجه الرئيسة الحالية مايا ساندو، المؤيدة للغرب التي كثفت جهود بلادها للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، والإفلات من فلك موسكو، منافسها ألكسندر ستويانوجلو المدعي العام السابق المدعوم من حزب الاشتراكيين الموالي لروسيا.
وتأتي جولة الإعادة، الأحد، بعد أسبوعين من الجولة الأولى التي جرت جنباً إلى جنب مع استفتاء، أيّد فيه مواطنو مولدوفا بهامش طفيف تعديلاً دستورياً، يضمن وضع الدولة على مسار الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
وفي الجولة الأولى حصلت ساندو على 42% من الأصوات وهي نسبة أقل من الـ50% المطلوبة للفوز المباشر. وجاء ستويانوجلو في المرتبة الثانية وحصل على 26% من الأصوات.
ترتيبات أمنية
واتخذت الشرطة إجراءات صارمة لمحاولة تجنب تكرار ما قالت إنه “مخططاً واسع النطاق لشراء الأصوات”، استخدمه إيلان شور الهارب المدعوم من روسيا في الجولة الأولى.
وتنفي روسيا التدخل، كما ينفي شور ارتكاب أي مخالفات. ويعيش شور في موسكو ودعا الناس علناً عبر منصات التواصل الاجتماعي للتصويت ضد ساندو، ووعدهم بدفع أموال مقابل اتباع تعليماته.
وتقول ساندو، إن التدخل أثر على نتائج انتخابات 20 أكتوبر الماضي، وإن شور سعى إلى شراء أصوات 300 ألف ناخب، أي أكثر من 10% من عدد السكان.
كما حذرت حكومة مولدوفا في رسالة موجهة إلى برلين، من أن جهاز الاستخبارات المولدوفي حذر الحكومة في كيشيناو من “أنشطة تخريبية روسية”، والتي ربما تشمل “تهديدات وهمية بالقنابل تستهدف مراكز الاقتراع”، وفقاً لوثائق حصلت عليها صحيفة “فيلت” الألمانية، وهي مطبوعة شقيقة لصحيفة “بوليتيكو”.
وأشار التحذير، إلى رصد محاولات “تخريب” ضد جولات الإعادة أيضاً في فرنسا وإسبانيا وإيطاليا وبريطانيا والولايات المتحدة وكندا، مضيفاً أن “الهدف هو تعطيل العملية الانتخابية”.
“رجل الكرملين”
وتصوّر ساندو منافسها ستويانوجلو على أنه “رجل الكرملين” وحصان طروادة السياسي. ووصفت انتخابات، الأحد، بأنها اختيار بين مستقبل مشرق في الاتحاد الأوروبي بحلول عام 2030، ومستقبل من عدم اليقين وعدم الاستقرار.
وينفي ستويانوجلو تلك الاتهامات ويقول إن ساندو تقاعست عن الاهتمام بمصالح المواطنين العاديين ويتهمها بانتهاج سياسية انقسامية في بلد به أغلبية ناطقة بالرومانية وأقلية كبيرة ناطقة بالروسية.
وتأتي انتخابات مولدوفا بعد أسبوع من انتخابات جورجيا التي أعيد فيها انتخاب الحزب الحاكم الذي يُنظر إليه على أنه مؤيد لروسيا بشكل كبير. ومثلت انتخابات جورجيا ضربة للمعارضة التي تأمل في انضمام البلاد إلى الاتحاد الأوروبي.
وبالنسبة لانتخابات مولدوفا فمن المرجح أن تحدد نتيجة التصويت مسار الانتخابات البرلمانية المقررة في الصيف المقبل، حيث من المتوقع أن يواجه حزب ساندو الحاكم صعوبات للاحتفاظ بالأغلبية والتي ستحدد شكل الحكومة المستقبلية.
ويتناقض موقف ستويانوجلو المتوازن بين الشرق والغرب مع السنوات الأربع التي قضتها ساندو في السلطة والتي تدهورت فيها العلاقات مع روسيا بالإضافة إلى طرد مجموعة من الدبلوماسيين الروس. كما أدانت ساندو غزو روسيا لأوكرانيا المجاورة.
اتهامات سابقة لروسيا
وتنقلت الدولة التي يقل عدد سكانها عن 3 ملايين نسمة، وتقع بين رومانيا وأوكرانيا، بين مسارين أحدهما مؤيد للغرب والآخر مؤيد لروسيا منذ تفكك الاتحاد السوفيتي في عام 1991.
وتدهورت العلاقات مع موسكو منذ تولي ساندو السلطة في ديسمبر 2020. ونددت حكومة مولدوفا بالغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022، واتهمت ساندو روسيا بـ”التخطيط للإطاحة بها”، كما عملت على تنويع مصادر الطاقة بعد أن خفضت موسكو إمدادات الغاز.
وفي 20 أكتوبر الماضي، أصدرت وزارة الخارجية في مولدوفا بياناً قالت فيه، إن مركزي اقتراع في موسكو، من بين العديد من المراكز التي أنشئت لمواطني البلاد الذين يعيشون في الخارج، كانا مكتظين “بشكل مصطنع” بالناس، وحذرت مما قالت إنها قد تكون محاولات غير قانونية لنقل الناخبين بالحافلات.
وطغت على الحملة الانتخابية اتهامات بتدخل روسيا في الانتخابات. وفي الفترة التي سبقت التصويت بثت الإذاعة الحكومية في كيشيناو، إعلانات تحض الناخبين على عدم التصويت مقابل المال، وتطلب منهم إبلاغ السلطات عن أي عروض من هذا القبيل.
وقالت أجهزة معنية بإنفاذ القانون، إنها كشفت عن برنامج نُقل بموجبه مئات الأشخاص إلى روسيا للخضوع لتدريب على إثارة أعمال شغب واضطرابات مدنية.
وتنفي روسيا التدخل في مولدوفا، وتتهم حكومتها منذ فترة طويلة بأنها مصابة “برهاب روسيا”.