اعتبرت صحيفة “نيويورك تايمز”، الأحد، أن الأجواء السياسية في الولايات المتحدة “غير مواتية” لفوز محتمل لمرشحة الحزب الديمقراطي في انتخابات الرئاسة الأميركية نائبة الرئيس كامالا هاريس، كما يتصوّر كثيرون، وذلك في إطار موجة غضب عالمية وتراجع ثقة في الأحزاب الحاكمة بالدول المتقدمة دفعت إلى “نزعة تغيير”.
وقالت الصحيفة الأميركية، السبت، إنه من الإنصاف القول إن هذه الحملة الانتخابية “لم تجرِ بسلاسة كما توقع الديمقراطيون”، بغض النظر عما سيحدث في يوم الانتخابات، الثلاثاء المقبل.
وذكرت أنه في أعقاب الانتخابات النصفية في الولايات المتحدة، بدا أن الرئيس السابق دونالد ترمب قد هُزم. ورغم أنه ربما يخسر في نهاية المطاف، لم يُستبعد ترمب أو “يُقصى”، كما توقع البعض عقب الهجوم على مبنى الكابيتول في السادس من يناير 2021، أو إثر عدد من القضايا الجنائية المرفوعة ضده، أو حتى بعد إلغاء قرار “رو ضد وايد” (الذي يحمي حق الأميركيات في الإجهاض) بواسطة قضاة عيّنهم هو نفسه في المحكمة العليا.
وأشارت “نيويورك تايمز” إلى أن الرئيس جو بايدن هو من أقصاه الناخبون في انتخابات عام 2024، وليس “المُدان”، الذي حاول قلب نتائج الانتخابات السابقة.
وأضافت الصحيفة، أن السبب وراء استمرار ترمب في المنافسة، هو ببساطة أن “الأجواء السياسية الوطنية ببساطة، ليس مواتية لفوز ديمقراطي، كما قد يتصور الكثيرون”.
ويواجه الديمقراطيون تحديات في هذه الانتخابات، إذ أظهر آخر استطلاع أجرته “نيويورك تايمز” بالتعاون مع “سيينا كولديج”، أن 40% فقط من الناخبين يوافقون على أداء بايدن، بينما قال 28% منهم، إن البلاد تسير في الاتجاه الصحيح.
ولم يسبق لأي حزب أن احتفظ بالبيت الأبيض في ظل استياء عدد كبير من الأميركيين على البلاد أو على الرئيس. وتظهر استطلاعات رأي أن التحدي الذي يواجه الديمقراطيين “أعمق من ذلك”. فللمرة الأولى منذ عقود، أصبح الجمهوريون متساويين أو متقدمين في نسبة الانتماء الحزبي على مستوى البلاد.
وتُظهر استطلاعات أيضاً تفوق الجمهوريين في معظم القضايا الأساسية، باستثناء الديمقراطية وحقوق الإجهاض، وفق “نيويورك تايمز”.
رغبة في التغيير
ولفتت الصحيفة إلى أن التحدي الذي يواجهه الديمقراطيون يبدو جزءاً من معارك سياسية تخوضها أحزاب حاكمة في العالم المتقدم، حيث أعرب الناخبون عن “رغبة قوية في التغيير” عندما تُتاح لهم الفرصة.
وأوضحت “نيويورك تايمز” أن الأحزاب الحاكمة خسرت السلطة في كل من بريطانيا، وألمانيا، وإيطاليا، وأستراليا، ومؤخراً في اليابان، بالإضافة إلى خسارة ترمب نفسه قبل 4 سنوات، لافتة إلى أن فرنسا وكندا ربما تنضمان إلى هذه القائمة قريباً.
ووفق للصحيفة، تختلف التفاصيل من بلد لآخر ومن حزب لآخر، لكن الجزء الأكبر من الأحداث متشابه، والذي يكمن في جائحة فيروس كورونا وما تلاها من اضطرابات. ففي كل مكان تقريباً، أدى ارتفاع الأسعار وتداعيات الجائحة إلى غضب الناخبين واستيائهم. وهذه الظروف قوضت مصداقية الأحزاب الحاكمة، التي كان الكثير منها لا يحظى بشعبية كبيرة منذ البداية.
وتسبب ذلك في تآكل الثقة في المسؤولين الحكوميين، والنخب الليبرالية، ووسائل الإعلام تدريجياً أو فقدانها في بعض الأحيان. ومع ارتفاع الأسعار، أصاب الإحباط ملايين من الناخبين الشباب وذوي الدخل المنخفض الذين شهدوا تآكل مدخراتهم، وقوتهم الشرائية، وفرصهم في الحصول على سكن، وتبدد آمالهم.
وفي الولايات المتحدة، أدى الشعور بخيبة الأمل والإحباط بعد الجائحة إلى تأثير سلبي على الديمقراطيين. ودعا الحزب الديمقراطي إلى استجابة صارمة للفيروس بإجراءات شملت فرض ارتداء الكمامات والتطعيم، وإغلاق المدارس، والإغلاقات.
كما دعم الحزب الديمقراطي حركة “حياة السود مهمة”، ودعا إلى سياسة حدودية أكثر ليبرالية، وسعى للحد من انبعاثات الكربون، وأنفق تريليونات الدولارات على التحفيز الاقتصادي. ومع انتهاء الجائحة، تحولت كل هذه السياسات بسرعة إلى عبء على الحزب.
وبخلاف أحزاب حاكمة أخرى، يمتلك الديمقراطيون “ورقة رابحة” تتمثل في ترمب. فإلى جانب مسألة الإجهاض، ربما تكون هذه العوامل كافية لتمكين الديمقراطيين من تحقيق الفوز، كما حدث تماماً في الانتخابات النصفية في عام 2022. ولكن حتى إذا فازت هاريس، فلن تكون هذه النتيجة بالضرورة انتصاراً للتقدميين.
وتوقعت “نيويورك تايمز”، أن تكون الهيمنة الليبرالية المستمرة منذ فترة طويلة على السياسية الأميركية “في طريقها إلى الانحسار، أياً كانت نتيجة الانتخابات”.
ورجحت الصحيفة أن فقدان الديمقراطيين تفوقهم في الانتماء الحزبي، وتنامي التفوق الجمهوري في بعض القضايا يشير إلى امتلاك الجمهوريين فرصة كبيرة للفوز في هذه الانتخابات.
وقالت “نيويورك تايمز” إن ذلك سيكون التفسير “الأكثر منطقية” إذا فاز ترمب، وليست شعبيته السياسية. أما إذا خسر، فستكون تصرفاته خلال أحداث 6 يناير 2021، وقرار المحكمة العليا بإلغاء حكم “رو ضد ويد”، هما السبب في خسارته انتخابات “كانت في متناول يده”.