تواجه اليابان خطر الدخول في مرحلة جديدة من الركود السياسي بينما يستعد العالم لاحتمال عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض وما قد يترتب عن ذلك من ضغوط على الحلفاء الرئيسيين للولايات المتحدة، حسبما ذكرت وكالة “بلومبرغ”.
وقالت “بلومبرغ” إن الانتخابات التي جرت الأحد الماضي في اليابان، لم تقدم فائزاً واضحاً للمرة الأولى منذ تسعينيات القرن الماضي، ما يشير في الغالب إلى تولي ائتلاف ضعيف إدارة رابع أكبر اقتصاد في العالم.
وأضافت الوكالة أن رئيس الوزراء شيجيرو إيشيبا سيرأس الحكومة في الوقت الحالي.
وقال إيشيبا، الاثنين، إنه لا يعتزم التنحي، رغم أن حزبه الحاكم، الحزب الليبرالي الديمقراطي، فشل في الفوز بالأغلبية للمرة الأولى منذ عام 2009، بعدما حققت المعارضة الرئيسية انتصاراً ساحقاً.
وأوردت “بلومبرغ” أن تولي حكومة “غير مستقرة” إدارة البلاد، حتى وإن كان يقودها إيشيبا الذي يُعرّف نفسه بأنه “محب للدفاع”، يثير شكوكاً بشأن ما إذا كانت اليابان ستستمر في لعب دور قيادي أكبر في القضايا العالمية، مثل الحرب في أوكرانيا ودعم تايوان في مواجهة الصين الأكثر صرامة.
وأضافت أن هذا السيناريو قد يؤدي أيضاً إلى إبطاء جهود اليابان للعودة إلى نهج سياسات أكثر تشدداً بعد عقود من الاعتماد المفرط على التحفيز النقدي والمالي، وهي خطوات ساهمت في إرباك الأسواق هذا العام.
مغامرة
وراهن إيشيبا على إجراء انتخابات مبكرة بعد فوزه في انتخابات رئاسة الحزب الشهر الماضي.
ولكن بعد توليه منصب رئيس الوزراء في 1 أكتوبر الماضي، يواجه الآن تحدياً كبيراً لتجنب أن يصبح “رئيس الوزراء الأقصر حكماً” في تاريخ البلاد بعد الحرب.
ويحتاج رئيس الوزراء إلى الحصول على 233 صوتاً في مجلس النواب للاحتفاظ بمنصبه، بعد أن فاز ائتلافه بـ215 مقعداً فقط.
ومن المقرر أن يُجرى تصويت لتحديد من سيتولى منصب رئيس الوزراء في موعد أقصاه 11 نوفمبر، حسبما نقلت “بلومبرغ” عن تقارير محلية.
ويُمكن أن تأتي الأصوات الإضافية من حزب معارض صغير مثل الحزب الديمقراطي من أجل الشعب، الذي يمتلك ما يكفي من المقاعد لإبقاء إيشيبا في الحكم.
وأعاد رئيس “الحزب الديمقراطي من أجل الشعب”، يويتشيرو تامكي، التأكيد على أنه لا يسعى للانضمام إلى أي ائتلاف يقوده الحزب الليبرالي الديمقراطي، رغم استعداده للنظر في التعاون بشأن بعض القضايا مثل توسيع إعفاءات الدخل غير الخاضع للضريبة، وهو تغيير في القواعد من شأنه أن يعود بالنفع على العمال ذوي الدخل المنخفض، مع تقليل الإيرادات الضريبية.
وتشير التوقعات إلى أن اليابان ستواصل الاعتماد على إجراءات الإنفاق والميزانيات الإضافية في إطار مساعيها لإرضاء حلفاء الائتلاف.
وتعهد إيشيبا بالفعل بتقديم حزمة اقتصادية أكبر هذا الخريف مقارنةً بتلك التي قدمها رئيس الوزراء السابق فوميو كيشيدا العام الماضي، ما يزيد من أعباء الإنفاق الحكومي.
ترمب يثير فزع الأسواق
وقد يجد بنك اليابان صعوبة أكبر في المضي قدماً برفع أسعار الفائدة، إذا تأثر إيشيبا بدعوات “الحزب الديمقراطي من أجل الشعب” وأحزاب أخرى لتقديم مزيد من الدعم للأسر المتعثرة والشركات الصغيرة.
وتراجع الين كرد فعل أولي للأسواق، ما أدى إلى ارتفاع في أسعار الأسهم رغم الشكوك بشأن قدرة إيشيبا على تشكيل حكومة مستقرة.
وعلى عكس رئيس الوزراء السابق شينزو آبي، الذي بقي في السلطة طوال فترة رئاسة ترمب تقريباً، لن يحظى الزعيم الياباني المقبل بسيطرة كاملة على البرلمان تمكنه من التعامل مع أي مطالب في حال فوز المرشح الجمهوري مجدداً بالرئاسة في الانتخابات المقررة الأسبوع المقبل، وفق “بلومبرغ”.
وإلى جانب هدفه المُعلن بفرض رسوم جمركية بنسبة 10% على السلع من كل الدول ومنعه استحواذ شركة “نيبون ستيل” اليابانية على شركة “يونايتد ستيل” الأميركية، طالب ترمب اليابان مراراً بدفع المزيد مقابل تواجد القوات الأميركية على أراضيها. ومن المقرر أن يتم تجديد اتفاقية بشأن التكاليف في عام 2026، حسبما ذكرت “بلومبرغ”.
وقالت ميريا سوليس، رئيسة قسم الدراسات اليابانية بمعهد بروكينجز، للوكالة: “قد تُجرى مناقشات حول مساهمات اليابان في الدفاع مع حكومة ائتلافية أو حكومة أقلية تفتقر إلى النفوذ اللازم لذلك. وقد تكون تلك المفاوضات أكثر صعوبة”.
واستبعدت “بلومبرغ” حدوث تغيير كبير في العلاقات الأميركية اليابانية، موضحة أن جميع الأحزاب الرئيسية في اليابان تدعم التحالف بين طوكيو وواشنطن.