أظهرت النتائج الأولية بالانتخابات البرلمانية في كوسوفو، فوز رئيس الوزراء ألبين كورتي (49 عاماً)، بعد أن أيد الناخبون تعهده باستئصال الفساد ودمج المناطق ذات الأغلبية الصربية بسرعة، في نهج أزعج الحلفاء الغربيين، حسبما أوردت “بلومبرغ”.
وقال كورتي للصحفيين في بريشتينا: “هذا تأكيد على حكومتنا الجيدة والناجحة والتقدمية. سنواصل العمل الذي بدأناه”.
ووفق لجنة الانتخابات المركزية، فقد فاز حزب فيتيفيندوسيه “تقرير المصير”، الذي يتزعمه كورتي بنسبة 42% من الأصوات، مستشهدة بإحصاء أولي لنحو ثلاثة أرباع مراكز الاقتراع.
لكن الآن، سيحتاج حزب “تقرير المصير” إلى إيجاد شريك ائتلافي، إذا كان يأمل في الاستمرار في السلطة، وهو ما قد يشكل تحدياً، نظراً لقومية كورتي المؤيدة للألبان والحاجة إلى تسوية لكسر عزلة كوسوفو الدولية.
وأظهرت النتائج الأولية، أن “الحزب الديمقراطي” المعارض، حصل على 23%، بينما حصلت “الرابطة الديمقراطية” على 18%، إذ يمكن أن يضيف الائتلاف المحتمل مع الحزب الديمقراطي المعارض، الذي دعم التوصل إلى اتفاق مع صربيا، ضغوطاً على كورتي لإبرام صفقة.
وسيضطر كورتي إلى البحث عن شركاء ائتلافيين، حال فشل في الحصول على أغلبية برلمانية، وهو ما من شأنه أن يعقد مساعيه لتمديد حكمه الذي دام خمس سنوات.
وتجمع العديد من الناخبين في الدولة البلقانية غير الساحلية التي يبلغ عدد سكانها نحو 1.6 مليون نسمة، وهي واحدة من أفقر دول أوروبا، خلف موقف كورتي الذي يرى أن “كوسوفو أولاً”، خوفاً من الفساد الذي صاحب عقدين من تقاسم السلطة بين أحزاب يقودها زعماء حرب العصابات السابقون.
انتقادات غربية
لكن أسلوب كورتي المتشدد في القيادة أثار انتقادات من الحلفاء في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، الذين اتهموه بـ”تأجيج التوتر العرقي وخلق صراع جديد مع صربيا”، التي ترفض الاعتراف بسيادة كوسوفو.
وتمثل عودة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى البيت الأبيض تحدياً جديداً لكورتي، الذي تعرضت حكومته لانتقادات حادة من حلفاء ترمب، إذ اتهم رئيس وزراء كوسوفو حلفاء ترمب في الولاية الأولى، بإسقاط حكومته في عام 2020.
وبعد أكثر من ربع قرن من الحملة العسكرية لحلف شمال الأطلسي “الناتو”، التي طردت القوات اليوجوسلافية، وأرست الأساس لاستقلال كوسوفو في عام 2008، تحرك كورتي بسرعة أكبر لإخضاع المجتمعات التي يهيمن عليها الصرب لحكم بريشتينا، حيث أغلق المؤسسات التي يديرها الصرب، وسعى إلى حظر استخدام العملة الصربية.
ووفق مجلة “بوليتيكو”، فإنه منذ عام 2021، ضغط كورتي على المجتمع الصربي العرقي في شمال كوسوفو، والذي يبلغ عدده ما يصل إلى 50 ألف شخص من أصل 1.6 مليون نسمة في كوسوفو، لقبول سلطة بريشتينا، إذ شمل ذلك إغلاق البنوك الصربية ومؤسسات الحكم الموازية في الجيب وإجبار الصرب على وضع لوحات ترخيص كوسوفو على سياراتهم.
كما رفض كورتي، احترام اتفاقية أبرمت مع صربيا في عام 2013، للسماح للبلديات ذات الأغلبية الصربية في كوسوفو بتشكيل جمعيات تعليمية وصحية واقتصادية مستقلة، ودافع عن هذه السياسات المتشددة باعتبارها ضرورة لسيادة القانون، لكن الاتحاد الأوروبي علق بعض المساعدات المالية لكوسوفو في يونيو 2023، كما ظل طلب عضوية كوسوفو في الاتحاد الأوروبي متوقفاً، حيث لم تعترف 5 دول أعضاء باستقلالها بعد.
وأدانت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي هذه الإجراءات، باعتبارها “ضارة” بالجهود الرامية إلى تطبيع العلاقات بين كوسوفو وصربيا، وهو شرط لكليهما للحصول على عضوية التكتل.
أما الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش، فقد اتهم كورتي مراراً بإشعال العنف بين الألبان والصرب في كوسوفو، ما ضغط على المجتمع الصربي المتضائل بالفعل للانتقال من كوسوفو.
وكانت كوسوفو في السابق مقاطعة تابعة لصربيا، وأعلنت استقلالها في عام 2008، بعد حرب أهلية في تسعينيات القرن الماضي بين الصرب والألبان في يوجوسلافيا السابقة، فيما كان حزب “تقرير المصير” أول حزب يقضي فترة ولايته الكاملة لمدة 4 سنوات في الحكومة في العاصمة بريشتينا، بعد فوزه بنسبة 50.3 % من الأصوات في عام 2021.