يعكس شراء إيران لطائرات “سوخوي” (Su-35) الروسية، رغبتها في محاولة إظهار قدرتها على ردع المزيد من الضربات الجوية الإسرائيلية المحتملة، لا سيما بعد جولات سابقة أضرَّت بشدة بدفاعاتها الجوية، وفق مجلة The National Interest.
في مجال الطائرات المقاتلة، تُعتبر إيران أيضاً من أحدث الدول التي تشغل طائرة F-14 Tomcat الأميركية “القديمة” التي صنّعتها شركة “جرومان” (Grumman)، وكانت آخر طائراتها خرجت من الخدمة في سلاح البحرية الأميركية في 22 سبتمبر 2006.
وفي أعقاب التطورات الأخيرة التي عصفت بالمنطقة، والتي لم تصب في مصلحة إيران، مثل الإطاحة بنظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد وبالتالي خسارة حليفها القديم، ثم تدمير شبكة دفاعاتها الجوية بسبب الغارات الجوية الإسرائيلية، تتحرك طهران بسرعة للتخفيف من هذه الخسائر الكبيرة، بحسب المجلة الأميركية.
واشترى الجيش الإيراني بالفعل دفعة من أنظمة الدفاع الجوي الروسية من طراز S-400، فضلاً عن توسيع أنظمته المضادة للطائرات والسفن المنتجة محلياً.
وتعكف إيران حالياً على شراء طائرات حربية من الجيل 4.5 من روسيا، وهي طائرات سوخوي Su-35، والتي ستُستخدم جنباً إلى جنب مع قدرات الدفاع الجوي الإيرانية المتنامية للدفاع عن البلاد بشكل أفضل ضد ما تزعم طهران أنها تهديدات عسكرية حقيقية من إسرائيل والولايات المتحدة.
تسليم Su-35
ذكرت مجلة The National Interest أنه تم تسليم طائرتين من طراز Su-35 حتى الآن إلى إيران (على شكل قطع، ليتم تجميعها في قواعد جوية إيرانية).
وأفادت بأن 48 طائرة أخرى في الطريق، وهي تهدف لاستبدال طائرات F-14A Tomcats الأميركية القديمة، وكذلك طائرات F-4E Phantom II الأقدم.
ولم تعد طائرات Su-35 على أحدث طراز في عالم الطيران على مستوى العالم، فهي ليست من الجيل الخامس مثل F-22 Raptor أو J-20 الصينية، لكنها تُعتبر أكثر قدرة بكثير من أسطول إيران الحالي، كما ستساعد في تعميق العلاقات القائمة بين موسكو وطهران.
وتأتي عملية البيع الأخيرة في أعقاب إضفاء الطابع الرسمي على العلاقات العسكرية والاقتصادية والدبلوماسية بين البلدين، والتي أصبحت أوثق خلال العقد الماضي، وخاصة منذ الحرب الروسية في أوكرانيا التي اندلعت في عام 2022.
في الآونة الأخيرة، كشف الإيرانيون عن شبكة من المخابئ تقع في أعماق الأرض والتي، وفقاً لخبراء، “لا يمكن تدميرها” بغارات جوية. وفي هذه المخابئ، كشف التلفزيون الإيراني الرسمي عن ترسانة من الزوارق الهجومية السريعة والصواريخ. وتأتي هذه الخطوة بالتزامن مع مناورة بحرية إيرانية ضخمة في مضيق هرمز”، حسبما ذكرت المجلة الأميركية.
“أداء متفاوت”
ولفتت المجلة إلى أن إيران تريد إيصال رسالة مفادها بأنها قادرة على إلحاق الضرر بالملاحة العالمية، وتَمثَّل هذا في هجمات جماعة “الحوثي” في اليمن على سفن في البحر الأحمر، والتي أضرَّت بالملاحة العالمية.
علاوة على ذلك، تطلق إيران تصريحات متباينة بين الحين والآخر بشأن برنامجها النووي، ومدى رغبتها في امتلاك سلاح نووي، حتى تكون قادرة على ردع الجيشين الإسرائيلي والأميركي، وفقاً للمجلة.
وبطبيعة الحال، فإن امتلاك أسلحة نووية هو “الخط الأحمر” الوحيد الذي أدرجه الرئيس الأميركي دونالد ترمب على أنه سبب للتدخل العسكري ضد طهران، رغم تفضيله للدبلوماسية، حسبما قال في أكثر من مناسبة.
وتحظى المقاتلة الروسية Su-35 بثقة كبيرة، لكن لها منتقدون كبار في الغرب، والذين يزعمون أن أداءها المتفاوت في أوكرانيا أضر بسمعتها، وقد تكون هذه مجرد دعاية، حيث ثبت أن العديد من الشكاوى الغربية بشأن القدرات العسكرية الروسية في أثناء الحرب كانت مبالغ فيها أو غير دقيقة.
ويبدو أن السبب الأكبر وراء السجل المتباين لطائرات Su-35 في أوكرانيا كان نشْرها فوق أراضٍ محمية بشدة بأنظمة الدفاع الجوي التي يوفرها حلف شمال الأطلسي “الناتو” لأوكرانيا.
هل طائرات Su-35 الأنسب لإيران؟
نظراً لأن طائرات Su-35 في إيران سيتم نشْرها ظاهرياً بطريقة دفاعية ضد الضربات الجوية الإسرائيلية أو حتى الأميركية، فقد تثبت أنها أكثر فاعلية على إيران مما كانت عليه في أوكرانيا، لا سيما عند استخدامها بالتزامن مع الدفاعات الجوية الإيرانية متعددة الطبقات.
من ناحية أخرى، لا يمكن التقليل من شأن المزايا التي تمنحها الأنظمة المتطورة مثل طائرات F-35I الإسرائيلية للجانب المهاجم.
ويُعتبر رادار Ibris-E أحد العناصر التي أثبتت أنها ميزة حاسمة في طائرة Su-35، بالإضافة إلى العديد من التدابير الإلكترونية المضادة التي تساعد في حماية الطائرة من هجوم الخصم.
ويُعد نظام الرادار، على وجه الخصوص، المفتاح لقدرات الهجوم والاعتراض بعيدة المدى لطائرة Su-35 الروسية، التي يمكنها حمْل مجموعة متنوعة من الصواريخ جو-جو، وجو-أرض، مما سيسمح للقوات الجوية الإيرانية بتهديد منافسيها بمجموعة متنوعة من الهجمات المختلفة.