شكوى في المحاكم الفرنسية ضد جندي إسرائيلي متورط بجرائم حرب بغزة
17 ديسمبر 2024 – 12:31
تقدمت منظمات حقوقية فلسطينية وفرنسية، بشكوى قانونية لدى وحدة جرائم الحرب في محكمة باريس، ضد جندي فرنسي-إسرائيلي خدم في قطاع غزة خلال حرب الإبادة الجماعية، وذلك بتهم تتعلق بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ضد الفلسطينيين.
وتقدمت بالشكوى الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان (FIDH) ومنظماتها الأعضاء، الفلسطينية والفرنسية؛ وهي مؤسسة الحق، ومركز الميزان، والمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، والرابطة الفرنسية لحقوق الإنسان (LDH).
وتتهم الشكوى الجندي الفرنسي-الإسرائيلي يونيل أونونا، الذي خدم في غزة خلال حرب الإبادة الجماعية المستمرة التي تشنها إسرائيل ضد الفلسطينيين، بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم إبادة جماعية وتعذيب، بالإضافة إلى التواطؤ في هذه الجرائم ضد الفلسطينيين الذين تحتجزهم “إسرائيل”.
وتستند الشكوى المُقدمة إلى مقطع فيديو نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي، يتضمن عدة مشاهد تُظهر معتقلين فلسطينيين يرتدون ملابس بيضاء وأيديهم مقيدة وأعينهم معصوبة، ويتعرضون لإهانات باللغة الفرنسية من أحد الجنود.
كما يظهر على أحد المعتقلين على الأقل علامات تعذيب واضحة، ويُعتقد أن الجندي أونونا هو من قام بتصوير هذا الفيديو.
وقال عصام يونس، مدير مركز “الميزان”: “قدمنا للسلطات القضائية الفرنسية شهادات من ضحايا فلسطينيين تعرضوا لأساليب قاسية من التعذيب أثناء احتجازهم لدى السلطات الإسرائيلية”.
وأوضح أن هذه الشهادات تتطابق بشكل كبير مع الأساليب الموثقة في مقطع الفيديو المنشور، ما يعكس سياسة ممنهجة مدعومة رسمياً من قبل دولة الاحتلال.
وبيّن أن هذه الأدلة تؤكد على ضرورة فتح تحقيق عاجل في مثل هذه الجرائم، ومحاسبة المسؤولين عنها قانونيًا على كافة المستويات، بما في ذلك آليات الولاية القضائية الوطنية”.
من جانبه، قال شعوان جبارين، مدير مؤسسة “الحق”: “لقد تعرض العديد من الفلسطينيين المدنيين لعمليات اخفاء قسري عند نقاط التفتيش، حيث تم نقلهم إلى معسكرات اعتقال خضعوا فيها لأساليب تعذيب شديدة القسوة”.
وأشار جبارين إلى أن هذه الانتهاكات الفظيعة محظورة تمامًا بموجب القانون الدولي، “ومن الضروري أن تتحرك السلطات الفرنسية للتحقيق في هذه الجرائم، وملاحقة مواطنيها المتورطين في ارتكاب جرائم مروعة، بما في ذلك جرائم الإبادة الجماعية في قطاع غزة”.
من ناحيته، قال راجي الصوراني، مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، إنه “يتعين على أي دولة تدّعي الديمقراطية واحترام القانون الدولي أن تبادر فورًا إلى التحقيق مع مواطنيها المسؤولين عن ارتكاب جرائم دولية مثل التعذيب، ومحاسبتهم”.
وأكد أن هناك مئات من المواطنين الفرنسيين متورطون في الجرائم المرتكبة ضد الفلسطينيين في سياق حرب الإبادة الجماعية بغزة، وعلى السلطات الفرنسية واجب أخلاقي وقانوني لملاحقة هؤلاء المتورطين، مضيفا: “يجب ألا تكون فرنسا ملاذًا آمناً للمجرمين أو تسمح لأيٍ منهم بالإفلات من العقاب”.
بدورهما، قال أليكسيس ديسواف، محامي المدعين ونائب رئيس الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، والمحامية كليمانس بيكتارت، منسقة مجموعة العمل القضائي في الفيدرالية الدولية: “إن فتح تحقيقات في الجرائم التي ارتكبها مواطنون ذوو جنسية مزدوجة في إطار خدمتهم في الجيش الإسرائيلي يعد جزءًا أساسيًا من الاستجابة القضائية الواجب اتخاذها تجاه الفظائع الجماعية التي ترتكبها “إسرائيل” في قطاع غزة.
وأضافا أنه بالنظر إلى حجم هذه الجرائم، فإن التحقيق الذي تجريه المحكمة الجنائية الدولية وحده لا يكفي، ويجب على كل الدول القادرة على ممارسة اختصاصها القضائي أن تباشر على الفور فتح تحقيقات شاملة في هذه الجرائم.
أما ناتالي تيو، رئيسة الرابطة الفرنسية لحقوق الإنسان، فقالت: “آن الأوان لأن تتحرك العدالة الفرنسية للتحقيق في الجرائم الدولية التي ارتكبها مواطنون فرنسيون في صفوف الجيش الإسرائيلي. يجب على الحكومة الفرنسية أن تتحمل مسؤولياتها، ولا يجب عليها ا السماح بإفلات مواطنيها من العقاب”.
يذكر أنه قد سبق وتم تقديم شكوى أولية ضد الجندي أونونا في أبريل/ نيسان 2024، إلا أن مكتب المدعي العام الفرنسي رفض الشكوى في حينه بحجة نقص الأدلة الكافية لإثبات الجريمة، وهو ما دفع هذه المنظمات للتقدم بهذه الشكوى بصفتها طرفًا مدنيًا، وذلك في محاولة لمواجهة الجمود الذي يعتري عمل المدعي العام.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أسفرت حرب الإبادة الجماعية المستمرة التي تشنها “إسرائيل” على قطاع غزة عن استشهاد أكثر من 45,000 فلسطيني وإصابة ما يزيد عن 106,000 آخرين.
وعلى الرغم من توفر أدلة قوية على تورط عدد لا يقل عن 4,000 مواطن فرنسي يخدمون في جيش الاحتلال الإسرائيلي، في ارتكاب جرائم دولية، إلا أن السلطات الفرنسية لم تقم حتى الآن بفتح أي تحقيق قضائي في هذه الجرائم.