قال مسؤولون أميركيون كبار إن تركيا وحلفاءها يحشدون قوات على طول الحدود مع سوريا، وسط مخاوف من استعداد أنقرة لتوغل واسع النطاق في الأراضي التي يسيطر عليها الأكراد السوريون المدعومون أميركياً، وفق ما أوردته صحيفة “وول ستريت جورنال”.
وأوضح المسؤولون أن الاحتشاد التركي على الحدود يشمل “مقاتلين من الميليشيات وقوات كوماندوز تركية، إضافة إلى عدد كبير من المدفعيات المتمركزة بالقرب من مدينة كوباني”، ذات الأغلبية الكردية في سوريا على الحدود الشمالية مع تركيا.
وذكر أحد المسؤولين الأميركيين أن عملية تركية عبر الحدود قد تكون وشيكة، في حين قال مسؤول أميركي آخر: “نحن نركز على ذلك ونضغط من أجل ضبط النفس”.
ويبدو أن الحشد، الذي بدأ بعد سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد في أوائل الشهر الجاري، مماثل للتحركات العسكرية التركية قبل غزوها لشمال شرقي سوريا عام 2019.
وفي حين يسود الهدوء أغلب مناطق وسط وجنوب سوريا، بعد أن أطاحت فصائل المعارضة بنظام الأسد، تحولت اشتباكات لبسط النفوذ في الشمال إلى “قتال مفتوح”، ما أثار مخاوف من تدهور الوضع الأمني، وفق شبكة CNN.
وتشمل معظم الاشتباكات الجماعات الكردية تحت لواء “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، وفصائل بقيادة ما يسمى “الجيش السوري الحر”، المدعوم من تركيا، والتي تعد جزءاً من التحالف الأوسع بقيادة “هيئة تحرير الشام”.
رسالة أكراد سوريا
المخاوف الأميركية تأتي، بعد أن أرسلت إلهام أحمد، مسؤولة الإدارة المدنية للأكراد السوريين، رسالة إلى الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، الاثنين، قالت فيها إن “العملية العسكرية التركية تبدو محتملة”، وحثته على الضغط على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لعدم إرسال قوات عبر الحدود.
وجاء في مضمون الرسالة التي اطلعت عليها صحيفة “وول ستريت جورنال”: “هدف تركيا هو إقامة سيطرة فعلية على أرضنا قبل توليك منصبك (في 20 يناير المقبل)، وإجبارك على التعامل معهم كحكام لأراضينا.. إذا مضت تركيا في غزوها، فستكون العواقب كارثية”.
وأضافت: “من عبر الحدود، يمكننا بالفعل رؤية القوات التركية تتجمع، ويعيش مدنيونا تحت خوف دائم من الموت والدمار الوشيك”، مشيرة إلى أن الغزو التركي من شأنه أن يهجر أكثر من 200 ألف مدني كردي في كوباني وحدها، إلى جانب العديد من المجتمعات المسيحية.
وعلى الرغم من أن ترمب لن يتولى منصبه حتى يناير المقبل، حثت الرئيس المنتخب على استخدام “نهجه الفريد في الدبلوماسية، لإقناع أردوغان بوقف أي عملية مخطط لها”، وأشارت إلى اجتماع سابق مع ترمب، مذكّرة إياه بأن الرئيس آنذاك وعد “بأن الولايات المتحدة لن تتخلى عن الأكراد”.
وتابعت: “نعتقد أنكم تمتلكون القوة اللازمة لمنع هذه الكارثة. لقد استمع الرئيس أردوغان إليكم من قبل، ونحن على ثقة من أنه سيستجيب لدعواتكم مرة أخرى.. إن قيادتكم الحاسمة قادرة على وقف هذا الغزو والحفاظ على كرامة وسلامة أولئك الذين وقفوا كحلفاء ثابتين في النضال من أجل السلام والأمن”.
ترمب: أنقرة استولت على سوريا
وكان ترمب، قال الاثنين، إنه يعتقد أن تركيا كانت وراء دعم فصائل المعارضة المسلحة التي أطاحت بالأسد، مدعياً أن أنقرة شنت “استيلاء غير ودي على جارتها”.
وأضاف في مؤتمر صحافي في فلوريدا أوردت تفاصيله صحيفة “فاينانشيال تايمز” أن الرئيس التركي كان “رجلاً ذكياً وقوياً للغاية، وجعل أنقرة أهم جهة أجنبية فاعلة في سوريا منذ سقوط الأسد”.
وتابع ترمب: “لقد أرادت تركيا ذلك منذ آلاف السنين، وحصلت عليه.. لقد قامت تركيا باستيلاء غير ودي دون خسارة الكثير من الأرواح”.
وجاءت تعليقات ترمب في وقت نفذت فيه الولايات المتحدة غارات جوية ضد مقاتلي تنظيم “داعش” في سوريا، وبعد أيام فقط من تصريح وزير الخارجية أنتوني بلينكن بأن واشنطن على اتصال مع “هيئة تحرير الشام”، التي قادت هجوماً أسقط النظام السوري.
ورأى محللون في السياسة الخارجية أن ترمب كان يرسل رسالة إلى أردوغان، الذي يتمتع معه بعلاقة مضطربة.
وقال جوناثان شانزر، المدير التنفيذي لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات: “لقد أصدر ترمب تحذيراً من نوع ما للحكام الجدد في سوريا ورعاتهم، مفاده: تحكموا بحذر، لأننا نراقب”.
وخلال ولايته الأولى، سحب ترمب جزئياً القوات الأميركية من شمال شرق سوريا، ما مهد الطريق لغزو تركي واسع النطاق أدى إلى سقوط ونزوح مئات الآلاف من السوريين، لكن الإدارة توسطت لوقف إطلاق النار مقابل تنازل الأكراد عن أميال من الأراضي الحدودية للأتراك.