في خطوة تكشف عن تزايد نفوذه السياسي في واشنطن، ساعد الملياردير إيلون ماسك، في رفض مقترح الميزانية، الذي كان مُقدماً من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، عبر سلسلة من المنشورات على منصة “إكس”، التي يملكها، مهدداً الجمهوريين بـ”عواقب سياسية”، في الانتخابات المقبلة، وفق “أسوشيتد برس”.
وقالت الوكالة إن ماسك استطاع إيقاف تمرير مشروع الميزانية بشكل مفاجئ، فيما اعتبرته “يمثل أول استعراض لنفوذه منذ فوز الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب”، وحدا ببعض مشرعين حاليين وسابقين إلى وصف ترمب بأنه أصبح “نائب الرئيس”.
وجاءت تهديدات أغنى رجل في العالم للجمهورين على منصة “إكس”، قبل انتقاد ترمب نفسه للمشروع الذي تفاوض عليه رئيس مجلس النواب الجمهوري مايك جونسون، وهو ما أدى إلى إلغاء هذا الإجراء المؤقت الذي كان مُصمماً لمنع الإغلاق الجزئي للحكومة الفيدرالية.
وفي منشورين منفصلين، قال ماسك : “مشروع القانون هذا لا يجب أن يمر”، وفي منشور آخر وضع صورة لمشروع لقانون والذي كان يبلغ نحو 1600 صفحة، ساخراً من حجمه.
وذكرت “أسوشيتد برس” أن الأوساط السياسية في واشنطن، كانت في حالة ارتباك الخميس، وذلك بعد يوم من حملة الضغط العلنية التي شنّها ماسك على منصة “إكس”، إذ امتنع الرئيس المنتخب في البداية عن القول بأنه “يثق في جونسون”، لكنه أشاد به في وقت لاحق من الخميس لتوصله إلى “صفقة جيدة جداً”، وذلك بعد الإعلان عن مشروع قانون جديد لتمويل الحكومة ورفع سقف الديون.
وقبل التوصل إلى الاتفاق الجديد، سخر الديمقراطيون في الكونجرس من نظرائهم الجمهوريين، واقترح العديد منهم أن ترمب قد تم تهميشه، وأصبح يتولى منصب نائب الرئيس، إذ كتب النائب الديمقراطي روبرت جارسيا على حسابه على “إكس”: “مرحباً برئاسة إيلون ماسك”.
صعود ماسك السياسي
ونقلت “أسوشيتد برس” أن الأمر الذي بدا واضحاً خلال اليومين الماضيين هو صعود ماسك كقوة سياسية في واشنطن، مشيرة إلى أن هذا المستوى من النفوذ الذي بات يتمتع به الملياردير الأميركي يرجع إلى ثروته الهائلة وامتلاكه منصة “إكس”، فضلاً عن كونه الرئيس التنفيذي لشركتي “تسلا” و”سبيس إكس”.
ونقلت الوكالة عن كريس باك، وهو مدير الاتصالات السابق في اللجنة الوطنية الجمهورية للكونجرس قوله: “لا شك أن (ماسك) يتمتع بالكثير من النفوذ على الجمهوريين في الوقت الحالي بسبب قُربه من ترمب”.
وأضاف باك أن “تهديدات ماسك تشكل مخاطر محتملة على الجمهوريين في مجلس النواب، الذين سيبدأون العام المقبل بأغلبية من 5 مقاعد ستتقلص مؤقتاً بسبب ترشيح ترمب لبعض المشرعين الجمهوريين في عدة مناصب في إدارته الجديدة”.
وتابع: “في حال تم تكليف مجموعة من النواب الجمهوريين في دوائر ذات هامش تفوق ضئيل للجمهوريين، مما قد يجعلهم يخسرون في الانتخابات، فإن ذلك لن يساعد في تمرير الأجندة، بل كل ما سيفعله ذلك هو إعطاء هذه الدوائر إلى الديمقراطيين”.
وكان ماسك قد أشار بعد الانتخابات الرئاسية إلى أنه على استعداد لدعم الإطاحة بأعضاء الحزب الجمهوري في الكونجرس في انتخابات 2026 في حال تشكيكهم في مرشحي ترمب أو أجندته.
وجدد ماسك هذا التهديد بشكل واضح الأربعاء، إذ قال: “أي عضو في مجلسي النواب أو الشيوخ سيصوت لصالح مشروع قانون الإنفاق المُبالَغ فيه هذا يستحق أن تتم الإطاحة به في غضون عامين”، واصفاً مشروع القانون بأنه “أحد أسوأ مشاريع القوانين التي تمت صياغتها على الإطلاق”.
ووفقاً لـ”أسوشيتد برس”، فإن ماسك لم يكن الوحيد الذي عمل على إثارة غضب الجمهوريين ضد مشروع القانون، الذي تضمن عدة تدابير تسوية للحصول على دعم ديمقراطي في مجلس الشيوخ في الأسابيع الأخيرة قبل أن يسيطر الجمهوريون على المجلس، إذ كتب رائد الأعمال في مجال التكنولوجيا الحيوية والمرشح الرئاسي السابق للحزب الجمهوري فيفيك راماسوامي، وهو شريك ماسك في قيادة وزارة كفاءة الحكومة الجديدة، منشورات ضد مشروع القانون أيضاً، وكذلك الابن الأكبر للرئيس دونالد ترمب جونيور.
ولفتت الوكالة إلى أن ماسك قام في بعض الأحيان بالتقليل من مدى حجم نفوذه، قائلاً: “كل ما يمكنني فعله هو لفت انتباه الناس إلى الأمور، حتى يتمكنوا من التعبير عن دعمهم إذا اختاروا ذلك”.
سلطة كبيرة في اتخاذ القرارات
من جانبها، ردت كارولين ليفيت، السكرتيرة الصحفية المقبلة في البيت الأبيض، على المنتقدين الديمقراطيين الذين قالوا إن ماسك هو مَن يتخذ القرارات في إدارة ترمب الجديدة، قائلة في بيان: “بمجرد أن أعلن الرئيس ترمب عن موقفه الرسمي بشأن مشروع القانون، قام الجمهوريون في الكابيتول هيل بترديد وجهة نظره.. فالرئيس ترمب هو قائد الحزب الجمهوري”.
وأوضحت الوكالة أن ماسك ظل طوال الأربعاء، يرد على منشورات أعضاء مجلس النواب الجمهوريين على “إكس” التي أعلنوا فيها معارضتهم لمشروع القانون بكلمات شكر، كما أعرب عن انتصاره بعد أن أعلن ترمب معارضته للمشروع، إذ كتب: “لقد تم سماع صوت الشعب.. هذا يوم جيد لأميركا”.
وبحلول وقت متأخر من بعد ظهر الخميس، وقبل طرح الاتفاق الجديد للتصويت، أعلن الملياردير الأميركي انتصاره ونشر صورة للمقترح البديل المختصر إلى جانب المشروع الأصلي الضخم الذي ساعد في رفضه، وكتب: “ما حدث يوضح مدى أهمية صوتكم.. وجود رئيس مثل دونالد ترمب يعني أن صوتكم قد بات مسموعاً أخيراً”.
وأشاد الناشطون المحافظون في تجمع AmericaFest السنوي، الذي يُقام في فينيكس بماسك، الخميس، واقترحوا أن يحل محل جونسون كرئيس لمجلس النواب، إذ أنه لا يوجد شرط بأن يكون رئيس المجلس عضواً مُنتخباً فيه.