بدأ الاتحاد الأوروبي في اتخاذ إجراءات “حازمة” بشأن طريقة تعامل “تيك توك” مع المحتوى الانتخابي، إذ أعلن التكتل، الثلاثاء، فتح تحقيق رسمي في كيفية إدارة المنصة الصينية للمخاطر المتعلقة بحالات التدخل في الانتخابات، ولا سيما في رومانيا، وفق “بوليتيكو”.
وقالت المجلة، إن هذا التحرك أثار بالفعل معركة بشأن حرية التعبير على الإنترنت بين اليمين الأوروبي وجماعاته السياسية الرئيسية في القارة.
وكانت السلطات الرومانية، اتهمت تيك توك في الأسبوعين الماضيين، بارتكاب “مخالفات” على منصتها بعد الفوز المفاجئ للمرشح القومي المتطرف المؤيد لروسيا، كالين جورجيسكو، في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في رومانيا، في أواخر نوفمبر الماضي. وقد ألغت المحكمة العليا في رومانيا الانتخابات لاحقاً.
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، الثلاثاء: “بعد ظهور مؤشرات خطيرة على تدخل جهات خارجية في الانتخابات الرئاسية الرومانية باستخدام تيك توك، نحن الآن نحقق بشكل دقيق فيما إذا كانت تيك توك، قد انتهكت قانون الخدمات الرقمية بالإخفاق في التصدي لهذه المخاطر”.
وأعلنت فون دير لاين، بدء تحقيق رسمي، في تعليق علني “نادر” من رئيسة الاتحاد الأوروبي على مثل هذا التحقيق، حسبما ذكرت “بوليتيكو”.
وذكرت المجلة أن هذا التصعيد، يأتي بعد أسابيع من الجدل بين المسؤولين الأوروبيين والرومانيين من جانب، ومديري “تيك توك” من جانب آخر.
وأوضحت أن جوهر القضية يكمن في التقارير والأبحاث، التي تشير إلى أن جورجيسكو حصل على دعم من شبكة من المؤثرين المدفوعي الأجر والروبوتات، واتهامات بأن “تيك توك” لم تتعامل بشكل صحيح مع هذه التهديدات.
ورفعت السلطات الرومانية هذا الشهر، السرية عن سلسلة من الوثائق، التي تشير إلى أن هذه الحملات كانت مشابهة “بشكل مقلق” لعمليات التأثير التي شنتها روسيا في أوكرانيا ومولدوفا، حسبما ترى “بوليتيكو”.
وقالت المفوضية الأوروبية في بيان، إنها ستحقق بشكل خاص في أنظمة ترشيح المحتوى في تيك توك، بالإضافة إلى سياسات المنصة المتعلقة بالإعلانات السياسية والمحتوى السياسي المدفوع.
توترات في البرلمان الأوروبي
وقالت “بوليتيكو” إن القضية، أثارت توترات بين الجماعات السياسية في أوروبا بشأن حرية التعبير والتدخلات الخارجية، في نقاش استمر خمس ساعات في البرلمان الأوروبي، الثلاثاء.
وقال البولندي باتريك ياكي، عضو البرلمان الأوروبي من مجموعة “المحافظين والإصلاحيين الأوروبيين” اليمينية المتشددة: “لا أرى هذا النوع من الأدلة” على التدخل الخارجي. ووجه انتقادات لمن يعتقدون بذلك، قائلاً: “ما أراه هو أنكم تحبون الرقابة”.
وترى الفرنسية، كاثرين جريسيه، عضو البرلمان الأوروبي المنتمية لمجموعة “الوطنيين من أجل أوروبا” اليمينية المتطرفة، أن معركة الاتحاد الأوروبي ضد المعلومات المضللة ” تبدو وكأنها نظام استبدادي”.
واتهم آخرون المفوضية الأوروبية، بتسهيل التدخل في الانتخابات بمساعدتها للحزب الحاكم في رومانيا على قلب الانتخابات، وفق “بوليتيكو”.
وفي المقابل، قال النمساوي، هيلموت براندستاتر، عضو البرلمان الأوروبي المنتمي لمجموعة “التجديد الليبرالي”، إن روسيا والصين تتدخلان بنشاط في الانتخابات الأوروبية، وألقى باللوم على اليمين المتطرف، الذي وصفه بـ”أصدقاء بوتين”، بسبب عدم انتقاده لذلك.
قلق ألماني
وقالت “بوليتيكو”، إن قضية الانتخابات الرومانية تحولت إلى “لحظة فارقة” لأوروبا بينما تسعى للسيطرة على تأثير منصات وسائل التواصل الاجتماعي في الانتخابات.
وأضافت أن رومانيا، وهي دولة هامة في شرق الاتحاد الأوروبي وعضو في حلف شمال الأطلسي “الناتو”، تمثل ساحة معركة رئيسية في التنافس الدبلوماسي والسياسي بين الغرب وروسيا. لكن “السيناريو الكابوسي” الحقيقي الذي أعرب أعضاء البرلمان الأوروبي عن قلقهم بشأنه، الثلاثاء، هو انتشار المعلومات المضللة عندما يتوجه الألمان إلى صناديق الاقتراع في فبراير المقبل.
ونفت “تيك توك” مراراً عدم إدارة المخاطر بشكل صحيح في رومانيا. وقال متحدث باسم الشركة: “لقد حافظنا على نزاهة منصتنا في أكثر من 150 انتخابات حول العالم، ونواصل التصدي بشكل استباقي لهذه التحديات على مستوى الصناعة”.
وأضاف المتحدث: “تيك توك قدمت للمفوضية الأوروبية معلومات واسعة حول هذه الجهود، وأوضحنا بشكل شفاف وعلني إجراءاتنا القوية”.