بدأت الشركات الأميركية في نفض الغبار عن استراتيجية قديمة استخدمتها خلال الولاية الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، وذلك باللجوء إلى تخزين السلع المستوردة قبل فرض الرسوم الجمركية، فضلاً عد دراسة كيفية التعامل مع هذه الرسوم حال تطبيقها، سواء عبر رفع الأسعار أو البحث عن بدائل لمورديها من الصين، بحسب ما أوردته صحيفة “وول ستريت جورنال”.
وعندما بدأ ترمب حربه التجارية ضد الصين في عام 2018، هرعت الشركات الأميركية لتكثيف استيراد البضائع قبل تطبيق الرسوم، وأدى ذلك إلى زيادة العجز التجاري الأميركي مع الصين في عام 2018، قبل أن ينخفض في العام التالي.
كما ارتفعت الصادرات الصينية بالفعل، الشهر الماضي، وهو ما يعتقد بعض الاقتصاديين أنه ربما كان مدفوعاً بـ”التخزين المسبق” للسلع، في ظل حالة عدم اليقين بشأن نتائج الانتخابات.
وزادت الشحنات الصادرة من الصين بنسبة تقارب 13% في أكتوبر الماضي مقارنة بالعام الماضي، ما يتجاوز التوقعات بكثير، ويمثل ارتفاعاً حاداً عن نمو بلغ 2.4% في سبتمبر الماضي، إذ توقع اقتصاديون أن يظل نمو الصادرات الصينية قوياً في الأشهر المقبلة، بسبب عمليات التخزين المسبقة.
وقالت “وول ستريت جورنال”، إن الصين لا تزال أكبر مُصدر للسلع في العالم، وأن الولايات المتحدة أكبر مشترٍ لهذه السلع، ففي العام الماضي، اشترت الشركات الأميركية سلعاً صينية بقيمة تقارب 430 مليار دولار، وشكلت المنتجات الإلكترونية وأجهزة الكمبيوتر الجزء الأكبر من هذه الواردات.
قلق ملحوظ
ونقلت الصحيفة عن وان جون هوي، الذي يعمل في قسم التسويق لإحدى شركات التصنيع الإلكتروني في مقاطعة جوانجدونج الصينية، قوله إن شركته لاحظت زيادة في الاستفسارات و”قلق ملحوظ” من عملائها الأميركيين في الآونة الأخيرة.
وأضاف وان، أن الرسوم الجمركية لم تؤثر بشكل كبير على المبيعات حتى الآن، وأن المشترين هم من يتحملون الرسوم في النهاية، وفي بعض الأحيان يضطرون إلى رفع الأسعار على عملائهم النهائيين.
وتابع: “سنبذل قصارى جهدنا للتركيز على خفض التكاليف، للمساعدة في تخفيف الوضع والتغلب على هذا الشتاء القاسي”.
ورغم تراجع حصة الصين من واردات الولايات المتحدة إلى نحو 14% في عام 2023، بعد أن كانت 22% في عام 2017، إلا أن الزيادة في الرسوم الجمركية بين الولايات المتحدة والصين لم تُسهم بشكل كبير في تقليص العجز التجاري الأميركي العام في التجارة العالمية أو الفائض التجاري الصيني الإجمالي.
بدوره، عزا صندوق النقد الدولي، استمرار اختلال الميزان التجاري إلى الطلب القوي من المستهلكين الأميركيين وضعف الطلب المحلي في الصين.
وقال الصندوق إن الشركات الأميركية “زادت حصتها من الواردات من دول مثل فيتنام، في حين زادت الصين صادراتها إلى مناطق تشمل جنوب شرق آسيا”.
وأوضحت “وول ستريت جورنال”، أن الرسوم الجمركية لا يدفعها المصدرون، بل تتحملها الشركات التي تستورد المنتجات. ويقول خبراء اقتصاديون، إن هذه الشركات عادة ما تمرر الجزء الأكبر من الكلفة إلى المستهلكين عن طريق رفع الأسعار.
حل قصير الأمد
ويشكك بعض الاقتصاديين في قدرة الولايات المتحدة على رفع الرسوم الجمركية إلى 60% على جميع المنتجات الصينية.
وتوقع اقتصاديون في “جولدمان ساكس”، أن يؤدي فرض رسوم إضافية على الصين، إلى زيادة بمعدل 20 نقطة مئوية في معدل الرسوم الفعلي.
وإلى جانب الرسوم الجمركية على السلع الصينية، اقترح ترمب فرض تعريفات تتراوح بين 10و20% على الواردات من جميع الدول.
ويرى كريس تانج، أستاذ إدارة سلاسل الإمداد في جامعة كاليفورنيا بلوس أنجلوس، أن التخزين المسبق للواردات “حل قصير الأمد”، مرجحاً أن تحتاج الشركات إلى استراتيجيات أخرى في عالم يشهد باستمرار رسوماً جمركية أعلى وأوسع نطاقاً.
وأظهر استطلاع أجرته شركة “بين آند كومباني” في عام 2024، أن 69% من الرؤساء التنفيذيين ومديري العمليات في الشركات يعتزمون تقليص اعتماد شركاتهم على الصين، مقارنة بـ 55% في عام 2022.