قالت مصادر مطلعة، إن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يخطط لزيادة العقوبات بشكل كبير على إيران، وخنق مبيعاتها النفطية كجزء من استراتيجيته، لتقويض برنامجها النووي وتقليص دعم وكلائها في الشرق الأوسط، دون استبعاد إبرام اتفاق دبلوماسي بين البلدين في ولايته الثانية، حسبما أوردت صحيفة “وول ستريت جورنال”.
واتخذ ترمب وجهة نظر قاتمة بشأن إيران خلال ولايته الأولى، حيث أجهض الاتفاق النووي المعروف باسم “خطة العمل الشاملة المشتركة” والذي سعى إلى الحد من أسلحة إيران النووية، كما فرض ما وصف بأنه استراتيجية “الضغط الأقصى” على أمل أن تتخلى طهران عن طموحاتها في الحصول على سلاح نووي، وتوقف تمويل وتدريب ما تعتبره الولايات المتحدة “جماعات إرهابية”، وتحسن سجلها في مجال حقوق الإنسان.
ولكن عندما يتولى منصبه في 20 يناير المقبل، من المرجح أن يتبدل نهج ترمب تجاه إيران، خصوصاً بعد مزاعم أميركية تتعلق باتهامات بمسؤولية طهران عن تنفيذ محاولة اغتيال لترمب ومساعديه السابقين بعد مغادرتهم مناصبهم، إلا أنه قد يواجه المعضلة ذاتها التي واجهها جو بايدن عندما حد من مبيعات نفط إيران وفنزويلا، ما يهدد بارتفاع أسعار النفط وإشعال التضخم.
ومن جهة أخرى، يُعتقد أن إيران تسعى للانتقام أيضاً، بعد استهداف إدارة ترمب القائد في الحرس الثوري قاسم سليماني بمسيرة في عام 2020.
النفط الإيراني أم اتفاق دبلوماسي؟
وذكر أشخاص مطلعون على خطط ترمب وعلى اتصال بكبار مستشاريه، أن فريق ترمب الجديد سيتحرك بسرعة لمحاولة خنق دخل النفط الإيراني، بما في ذلك ملاحقة الموانئ الأجنبية والتجار الذين يتعاملون مع النفط الإيراني، ما من شأنه أن يعيد إنشاء الاستراتيجية التي تبناها الرئيس السابق في ولايته الأولى، لكن بنتائج مختلفة.
وقال ميك مولروي، أحد كبار مسؤولي إدارة ترمب السابقة في وزارة الدفاع: “يميل الناس إلى أخذ هذه الأشياء على محمل شخصي. إذا كان (ترمب) سيتخذ موقفاً متشدداً تجاه أي دولة بعينها، أو خصوم رئيسيين محددين، فهي إيران”.
من جانبه، أوضح مسؤول سابق في البيت الأبيض، لم تحدد الصحيفة هويته، أن العقوبات “ستعود بوتيرة متزايدة، دبلوماسياً ومالياً، لعزل إيران. أعتقد أن التصور هو أن إيران بالتأكيد في موقف ضعيف الآن، والآن هي فرصة لاستغلال هذا الضعف”. ولم يقدم المسؤولون تفاصيل حول كيفية زيادة الضغط على إيران على وجه التحديد.
وقال روبرت ماكنالي، المسؤول السابق في مجال الطاقة في الولايات المتحدة، إن إدارة ترمب “قد تفرض حظراً أميركياً على الموانئ الصينية التي تستقبل النفط الإيراني، وكذلك عقوبات تستهدف المسؤولين العراقيين الذين يمولون المجموعات المسلحة المدعومة من إيران”.
وأضاف: “حتى توقعات فرض حظر النفط بقوة ستكون كافية لخفض ما لا يقل عن 500 ألف برميل يومياً في مشتريات النفط الصينية في الغالب”.
من جانبه، قال مسؤول نفطي إيراني لـ”وول ستريت جورنال”: “قد يصبح الوضع كارثياً لصناعة النفط الإيرانية”، مضيفاً أن الصين “تشتري بالفعل النفط الخام من البلاد بخصم، بينما تعاني إيران من نقص الغاز الطبيعي المستخدم للتدفئة والصناعة بسبب سنوات من نقص الاستثمار”.
لكن دبلوماسيا إيرانياً، قال إن طهران “ستعوض” القيود الأميركية بشراكاتها التجارية مع منظمة “شنغهاي للتعاون” التي تركز على آسيا وغيرها من التحالفات، مشيراً إلى أنها قد تستجيب للضغوط من خلال تكثيف برنامجها النووي أو تهديد المنشآت النفطية في الشرق الأوسط.
وعلى الرغم من العداء المتبادل، فإن بعض الذين عملوا مع ترمب لم يستبعدوا التوصل في نهاية المطاف إلى اتفاق دبلوماسي بين الولايات المتحدة وإيران في ولايته الثانية، لكن بشرط أن يخدم غاياته.
موقف إيران بعد فوز ترمب
في سياق متصل، قال الرئيس الإيراني مسعود بيزشكيان في وقت متأخر الأربعاء، إن نتيجة الانتخابات الأميركية “لا تهم بلاده”، ولكن المسؤولين الإيرانيين منقسمون حول ما إذا كانت طهران قادرة على مقاومة الضغوط الاقتصادية الإضافية.
وفي هذا الصدد، قال برايان هوك، الذي أشرف على سياسة إيران في الخارجية الأميركية، في ولاية ترمب الأولى، وهو الآن مسؤول في فريقه الانتقالي: “ليس لدى ترمب أي مصلحة في السعي للإطاحة بحكام إيران”.
لكن هوك، قال في مقابلة مع شبكة CNN، إن ترمب “تعهد بعزل إيران دبلوماسياً وإضعافها اقتصادياً حتى لا تتمكن من تمويل كل العنف الذي ارتكبته حماس وحزب الله وجماعة الحوثي في اليمن ووكلاء آخرين في العراق وسوريا”، على حد وصفه.
بدورها، قالت هيليما كروفت، كبيرة استراتيجيي السلع الأساسية في شركة الوساطة الكندية “آر بي سي كابيتال ماركتس”، إن كبار مستشاري ترمب أعربوا عن دعمهم القوي لضربة إسرائيلية على المنشآت النووية والطاقة الإيرانية، لكن مسؤولاً آخر على اتصال بفريق ترمب، قال إن الرئيس الجديد “قد يكون أقل ميلاً لمعارضة مثل هذه الخطوة من قبل إسرائيل”.
وسعى بايدن وحصل على تأكيدات إسرائيلية قبل هجوم إسرائيل على إيران، بالتأكد من عدم استهداف المواقع النووية أو البنية التحتية للطاقة، والتي خشيت الولايات المتحدة أن ترفع أسعار النفط وتؤدي إلى تصعيد إقليمي أوسع.
وكان ترمب أعاد فرض حظر كامل على صادرات النفط الخام الإيرانية في عام 2019، وانخفضت شحناتها إلى 250 ألف برميل يومياً بحلول أوائل عام 2020، وهو أقل بكثير من مستواها قبل عامين، لكن بعد تولي بايدن منصبه، وصلت إلى أعلى مستوى لها في 6 سنوات في سبتمبر من هذا العام.