تتأثر الانتخابات الأميركية في ولاية ميشيجان بشكل متزايد بالتوترات المتصاعدة في الشرق الأوسط، حيث تواجه النائبة الديمقراطية إليسا سلوتكين تحديات في حملتها للترشح لمجلس الشيوخ، ما يهدد بإضعاف دعمها التقليدي من الناخبين الديمقراطيين في الولاية الحاسمة، وفق ما أوردت صحيفة “نيويورك تايمز”.
وعندما أعلنت سلوتكين ترشحها في وقت مبكر من العام الماضي، كان الديمقراطيون يأملون في أن يساعد سجلها كوسطية تتمتع بجاذبية عبر الأحزاب، كمرشحة مثالية للاحتفاظ بمقعد الولاية المتأرجحة، ولكن الآن، يبدو أن سيرتها الذاتية وسجلها في تأييد إسرائيل يهددان بالتحول إلى “عبء” في السباق المتعثر، الذي قد يغير ميزان القوى في مجلس الشيوخ.
وأوضحت الصحيفة، الجمعة، أن أعداداً كبيرة من الأميركيين ذوي الأصول العربية في ميشيجان، تأثروا بشكل مباشر بتطورات الحرب الإسرائيلية على غزة والحملة على لبنان، ولذا يفكر بعض هؤلاء الناخبين الديمقراطيين في سحب دعمهم لسلوتكين أو الامتناع عن التصويت تماماً، ما قد يقلل من الهامش الذي قد تحتاجه للفوز.
وأشارت الصحيفة، إلى أن المخاطر السياسية في هذا السباق باتت في أعلى مستوياتها، إذ يخوض الديمقراطيون معركة شاقة للحفاظ على أغلبيتهم في مجلس الشيوخ، والتي يحتفظون بها حالياً بفارق مقعدين فقط.
وأوضحت أن هناك بالفعل إشارات واضحة على أن العنف المتصاعد في الشرق الأوسط يؤثر سلباً على التحالف الديمقراطي في ميشيجان، حيث حشد النشطاء العرب والمسلمون الأميركيون، أكثر من 100 ألف ديمقراطي العام الماضي للتصويت بـ”غير ملتزم” في الانتخابات التمهيدية، احتجاجاً على دعم الرئيس الأميركي جو بايدن لإسرائيل، كما دعا زعماء حركة “غير ملتزم” الناخبين إلى التصويت ضد الرئيس السابق دونالد ترمب، لكنهم رفضوا، في الوقت نفسه، تأييد نائبة الرئيس كامالا هاريس.
مبالغة في تقدير الدعم
وبدت سلوتكين في وضع أفضل في بداية السباق، لكن في الأسابيع القليلة الماضية، أصبحت الصراعات بالنسبة للعديد من الأميركيين ذوي الأصول العربية في ميشيجان، أقرب، كما باتت مخاوف الديمقراطيين بشأن التأثير السياسي أكثر حدة، حيث شهد الأميركيون من أصل لبناني، وهم الشريحة الأكبر من بين العرب في ميشيجان الذين يقدر عددهم بنحو 300 ألف نسمة، وفاة عدد من أصدقائهم وأقاربهم في الحرب الإسرائيلية على لبنان.
وبينما يتحدث القليلون عن سباق مجلس الشيوخ، فإن الكثيرين يعربون عن غضبهم، لأن أياً من المرشحين لم يظهر مؤخراً للتحقق من أوضاع المجتمع، ناهيك عن مطالبة إسرائيل بوقف هجماتها، سواء في لبنان أو غزة، بحسب الصحيفة.
وفي الإطار، نقلت “نيويورك تايمز” عن رئيس بلدية ديربورن، الديمقراطي عبد الله حمود، قوله: “من الواضح أن اللامبالاة تتزايد، وهو وضع خطير للغاية، فمن أجل السيطرة على مجلس الشيوخ الأميركي والبيت الأبيض، فإن الأشخاص الذين يجلسون في منازلهم هم مَن سيحددون على الأرجح نتيجة هذه الانتخابات”.
وعند سؤالها على هامش حضورها فعالية انتخابية في جامعة “سنترال ميشيجان”، الأسبوع الماضي، قالت سلوتكين، إن “خبرتها جعلتها أكثر حساسية تجاه معاناة الأميركيين ذوي الأصول العربية في ولايتها”.
وأضافت: “ليس من الصعب بالنسبة لي كشخص خدم ثلاث مرات في العراق، وشاهدت الجيش الأميركي يفشل في أماكن مثل الأنبار والرمادي والفلوجة، أن أشعر بقلق عميق بشأن ما يحدث في الحملة العسكرية الإسرائيلية على غزة والآن على لبنان”.
ورفضت سلوتكين فكرة أن الشعور بالإحباط الذي يعاني منه المجتمع العربي في ميشيجان، قد يعقد طريقها نحو الفوز، مستشهدة بالاجتماعات الكبيرة التي عقدتها مع مجموعات من ذوي الأصول السورية والعراقية والباكستانية في الولاية، قائلة إن “الأغلبية الصامتة من العرب والمسلمين ستدعم ترشيحها”.
لكن بعض الزعماء المحليين يقولون إن سلوتكين، ربما تبالغ في تقدير قاعدة دعمها، فيما يطالب الناشطون وقادة المجتمع ورجال الدين، الذين يخشون أن يتجاهل الساسة الأميركيون المجتمع العربي في ميشيجان، حال فشل أعضائه في المشاركة في الانتخابات، بضرورة أن يتغلب الناخبون على استيائهم والتصويت على أي حال.
وقالت الصحيفة، إنه لا توجد حملات لدفع الأميركيين العرب إلى المشاركة في سباق مجلس الشيوخ، وهذا يرجع جزئياً إلى أن زعماء هذا المجتمع الذين يريدون فوز سلوتكين يجدون صعوبة في الترويج علناً لمرشحة مؤيدة لإسرائيل.
“دعاة حرب”
وكانت سلوتكين، وهي يهودية، دعت إلى وقف إطلاق النار عبر المفاوضات، وحثت البيت الأبيض على استخدام نفوذ الولايات المتحدة، لإجبار إسرائيل على الحد من الضحايا المدنيين، ونددت بالسياسيين الإسرائيليين الذين يحاولون عرقلة دخول شحنات المساعدات الإنسانية، بوصفهم بأنهم “مرضى”.
من جانبه، حث منافسها الجمهوري مايك روجرز، إدارة بايدن، على إرسال المزيد من الأسلحة لمساعدة إسرائيل، وخاصةً بعد الهجمات الإيرانية في بداية أكتوبر الجاري، زاعماً أنه “لا يمكن أن يكون هناك تحرك نحو وقف إطلاق النار حتى يتم إطلاق سراح الرهائن”.
ولكن على مدى مسيرتهما السياسية، تلقت سلوتكين مساهمات أكثر من جماعة الضغط المؤيدة لإسرائيل “أيباك” مقارنةً بروجرز، كما أنها صوتت، منذ بدء الحرب، لصالح تدابير تمويل الجيش الإسرائيلي، وفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية بسبب مذكرات الاعتقال الصادرة بحق مسؤولين إسرائيليين، فضلاً عن منع وزارة الخارجية الأميركية من الإشارة إلى إحصائيات وزارة الصحة التي تديرها حركة “حماس” في غزة، ومساواة مناهضة الصهيونية بمعاداة السامية.
وفي وقت سابق من الشهر الجاري، حثت لجنة العمل السياسي للأميركيين العرب، ومقرها ديربورن، أعضاء هذا المجتمع على “عدم التصويت للديمقراطية إليسا سلوتكين أو الجمهوري مايك روجرز”. وقالت المجموعة في بيان لها: “بصراحة، كلاهما من دعاة الحرب ولا يستحقان أصواتكم”.
ومعروف أن الحزب الذي يسيطر على مجلس الشيوخ ستكون له السلطة على الأجندة التشريعية للرئيس المقبل، وتعيينات الوزراء، والترشيحات القضائية، وغير ذلك.