تصاعد التوتر الدبلوماسي بين مصر وإثيوبيا، خلال اليومين الماضيين، بسبب مشروع سد النهضة الذي تبنيه أديس أبابا، إذ اعترضت القاهرة على قرار السلطات الإثيوبية بتنظيم زيارة لممثلي دول حوض النيل، إلى مشروع السد، ضمن برنامج “يوم النيل”.
واعتبر وزير الري والموارد المائية المصري، هاني سويلم، الجمعة، أن “هذا المشروع جرى إنشاؤه وملئه وتشغيله بشكل أحادي، وهو ما يشكل انتهاكاً للقانون الدولي، وإخلالاً جوهرياً باتفاق إعلان المبادئ الموقع عام 2015″، بحسب بيان للوزارة.
وأضاف، في كلمته أمام الاجتماع الاستثنائي للمجلس الوزاري لمبادرة حوض النيل، أن “القاهرة تعاملت مع ملف السد الإثيوبي بضبط النفس، وأصرت على إبقاء النزاع ضمن الإطار الثلاثي بين مصر والسودان وإثيوبيا، دون توسيعه ليشمل دول الحوض بأكملها”.
وحذر سويلم، إثيوبيا، من “انتهاز فرصة استضافتها هذا الاجتماع الإقليمي، وإدراج الزيارة على جدول الأعمال، لأن ذلك يؤدي إلى إقحام دول حوض النيل في النزاع القائم بشأن السد”.
وعلى مدار عقدين من الخلافات، تمسكت مصر والسودان برفض التوقيع على الاتفاق الإطاري، بسبب الخلاف بشأن عدم الاعتراف بالحصص المائية الحالية.
ووفق اتفاقية عام 1959 تحصل مصر على 55.5 مليار متر مكعب سنوياً من مياه النيل، فيما يحصل السودان على 18.5 مليار متر مكعب سنوياً.
ويتواصل منذ نحو 15 عاماً الخلاف بين مصر وإثيوبيا، على خلفية بناء سد النهضة، دون التوصل إلى اتفاق قانوني بشأن ملء وتشغيل السد، ولم تحقق الجولات السابقة من المفاوضات “أي تقدم يذكر” في الأزمة المستمرة منذ أكثر من عقد، وسط تبادل الاتهامات بين مصر وإثيوبيا بتبني مواقف حالت “دون إحراز تقدم” ملموس في الاجتماعات.
خياران أمام إثيوبيا
وزير الري المصري، أشار في البيان إلى أن هذه الزيارة “ربما تؤثر سلباً على وحدة الدول الأعضاء في حوض النيل، وتهدد التعاون الإقليمي”، معتبراً أن هناك “خيارين أمام إثيوبيا، إما التمسك بروح الوحدة وتجنيب الحوض التوتر، أو المضي قدماً في الزيارة، بما يهدد تقويض الغرض من التجمع”.
وشدد على أن نهر النيل “ليس مجرد مجرى مائي، بل هو شريان الحياة لدول الحوض، إذ يدعم اقتصاداتها، ويحفظ أمنها الغذائي، ويضمن رفاهية شعوبها”، مؤكداً أن “الإدارة المستدامة لهذا المورد المشترك ليست مجرد ضرورة، بل مسؤولية حتمية لاستقرار منطقتنا بأسرها وازدهارها وأمنها على المدى الطويل”.
ويعتبر نهر النيل المصدر الرئيسي للمياه في مصر، إذ تبلغ حصتها منه 55.5 مليار متر مكعب، تمثل 68.5% من جملة الموارد المائية عام 2019 / 2020، وفقاً للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر.
وترى مصر، أن سد النهضة يمثل “تهديداً وجودياً لها”، إذ تعاني من إمدادات المياه الشحيحة أصلاً من النيل، التي يعتمد عليها أكثر من 100 مليون نسمة بشكل شبه كامل.
إشادة مصرية بـ “العملية التشاورية”
واعتبر الوزير المصري، أن مصر كانت داعماً رئيسياً للتعاون الإقليمي، من خلال دورها الفعال في تأسيس “مبادرة حوض النيل” NBI في عام 1999، إذ قدمت على مدار العقد الأول من عمر المبادرة، مساهمات مالية وفنية وسياسية كبيرة لتعزيز دورها كمنصة حيوية للحوار والتعاون بين دول الحوض.
وأشار إلى أن مصر اضطرت في عام 2010 إلى تعليق مشاركتها في الأنشطة الفنية للمبادرة؛ بسبب تغييرات جوهرية في آلية اتخاذ القرار، أبرزها تجاوز مبدأ الإجماع الذي كان حجر الزاوية في عمل المبادرة، وفتح باب التوقيع على المسودة غير المكتملة للاتفاق الإطاري CFA دون توافق بين جميع الدول، وهو ما أدى إلى تعميق الخلافات بين دول الحوض، ما أثر سلباً على التعاون الإقليمي، وزاد من خطر التوتر بين دول الحوض.
وأشاد سويلم بقرار الاجتماع الوزاري الأخير الذي أطلق عملية تشاورية تضم 7 من دول الحوض، هي أوغندا، وجنوب السودان، ورواندا، ومصر، والسودان، وكينيا، والكونغو الديمقراطية، للتشاور بشأن “سبل المضي قدماً بشكل توافقي”.
واعتبر سويلم أن هذه الخطوة تمثل تطوراً إيجابياً نحو تعزيز الحوار، وإيجاد أرضية مشتركة لاستعادة التوافق والتعاون الإقليمي.
وأكد وزير الري المصري، التزام القاهرة الكامل بدعم العملية التشاورية، معرباً عن تطلعه لما قد تحققه من توافق بين الدول المعنية، وهو ما يمهد الطريق لاستئناف مشاركة مصر في الأنشطة الفنية للمبادرة مستقبلاً عند التوصل إلى رؤية موحدة.