دعت السلطات الجزائرية فرنسا إلى تحمل مسؤوليتها في أضرار تجاربها النووية في مناطق بجنوب الجزائر، فيما طالبت منظمات دولية من باريس تطهير المناطق التي شهدت هذه التجارب، وتعويض الضحايا.
وأحيت الجزائر، الخميس، الذكرى الـ65 لأول تفجير نووي فرنسي في صحراء رجان، وشارك مسؤولون تنفيذيون ومشرعون في يوم دراسي تحت اسم “التفجيرات النووية الفرنسية في الجزائر جريمة ضد الإنسان والبيئة”.
وقال رئيس لجنة التاريخ والذاكرة التابعة للرئاسة الجزائرية لحسن زغيدي لـ”الشرق”، الخميس، إن “الإشعاعات الناتجة عن التفجيرات النووية الفرنسية في الصحراء الجزائرية لا تزال تؤثر على السكان والبيئة”، مشيراً إلى أن المنطقة “تسجل حالات مواليد مشوهين، إلى جانب أضرار طالت الغطاء النباتي في منطقة تعتمد على الزراعة”.
وجدّد زغيدي مطالب الجزائر لباريس بـ”الاعتراف بالجرائم النووية”، و”إطلاق عمليات تطهير للمناطق”.
وبمناسبة هذه الذكرى، أطلقت 30 منظمة دولية بياناً مشتركاً دعت فيه فرنسا لـ”تحمل المسؤولية التاريخية والقانونية، ورفع السرية عن جميع الوثائق المتعلقة بهذه التجارب، والشروع في تطهير المناطق المتضررة، وتعويض الضحايا”.
وأجرت فرنسا أول تجاربها النووية في 13 فبراير 1960، وأطلقت عليها اسم “الجربوع الأزرق”، ممهدة لدخولها إلى “نادي الدول النووية”.
واستعملت السلطات الفرنسية أربع قنابل ذرية بطاقة تفجيرية تراوحت بين 10 و70 كيلوطناً، تكافئ قوتها 4 من القنابل التي أسقطتها الولايات المتحدة على هيروشيما اليابانية.
ووفق دراسات تاريخية تم إجراؤها في الجزائر، أودت 17 تجربة نووية أجرتها فرنسا في منطقتي رقان وإن إيكر، ما بين 1960 و1966، بحياة آلاف الجزائريين، وإصابات آخرين بإشعاعات نووية.
وقال زغيدي إن “التفجيرات النووية التي أجرتها فرنسا خلال فترة الاستعمار في الصحراء الجزائرية امتد تأثيرها إلى أكثر من 3000 كيلومتر مربع، وطالت 26 دولة”.
“تحقيق العدالة”
من جانبه، قال محمد محمودي، رئيس “الهيئة الجزائرية لمتابعة ملف التفجيرات النووية”، إن 2225 ضحية تقدموا بطلبات تعويض لدى السلطات الفرنسية، لكن معظمها قوبل بالرفض، باستثناء حالة واحدة لمواطن فرنسي عمل مع الجيش الفرنسي.
وفي نوفمبر 2023، رفضت المحكمة الإدارية في ستراسبورج شرق فرنسا، طلبات تعويض تقدمت بها عائلات أشخاص توفوا نتيجة التجارب النووية الفرنسية في الجزائر وبولينيزيا بين عامي 1960 و1998، وعللت المحكمة رفضها لطلبات التعويض بحجة تقادم القضية.
وقالت المنظمات الـ30 في بيانها المشترك، الخميس، إن “تحقيق العدالة يتطلب خطوات ملموسة من الجانبين، لوضع حد لهذا الفصل المؤلم من التاريخ، وضمان عدم تكرار مثل هذه المآسي في المستقبل”.
وتطالب الجزائر منذ سنوات باريس بتسوية ملفات عديدة كفتح محفوظات الاستعمار الفرنسي، وتسوية قضية المفقودين في حرب الاستقلال، فضلاً عن التجارب النووية، لكنها ظلت عالقة رغم تشكيل لجنة جزائرية فرنسية مشتركة، انبثقت عن زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الجزائر في صيف 2022.
وبعد ثلاثة أيام من تجربة 13 فبراير 1960 قالت السلطات الفرنسية إن الإشعاع أدنى من مستويات السلامة المقبولة. لكن وثائق رفعت عنها السرية في عام 2013، أظهرت أن الإشعاع أعلى بكثير مما أعلن حينها، ووصل إلى كامل غرب إفريقيا وجنوب أوروبا.
ونفّذت فرنسا التي احتلت الجزائر بين عامي 1830 و1962، 17 تجربة نووية بين 1960 و1966 في منطقتي رقان وإن إيكر، جنوبي الجزائر.
وجرت 11 من تلك التجارب، وجميعها تحت الأرض، بعد توقيع اتفاقيات إيفيان عام 1962، التي قادت إلى استقلال الجزائر، لكنها تضمنت بنوداً تسمح لفرنسا باستعمال مواقع في الصحراء حتى عام 1967.