نجا رئيس الوزراء الفرنسي، فرانسوا بايرو، من تصويت بحجب الثقة في الجمعية الوطنية (البرلمان)، الأربعاء، إذ نجحت الحكومة في إقرار موازنة 2025 المتأخرة بهدف تفادي العجز المالي في البلاد، وضمان استمرار تدفق الاستثمارات الأجنبية، حسبما نقلت “بلومبرغ”.
وصوت 128 نائباً، الأربعاء، لصالح الاقتراح، وهو عدد أقل بكثير من العدد المطلوب وهو 289 صوتاً. ولو تم تمريره، فإن الاقتراح كان سيجبر رئيس الوزراء بايرو وحكومته على الاستقالة.
ودعا المشرعون من أقصى اليسار إلى هذا الإجراء بعد أن استشهد بايرو بالمادة 49.3، التي تمنح حكومة الأقلية، سلطات دستورية خاصة لتمرير التشريعات دون الحاجة إلى تصويت برلماني.
وأعلن الاشتراكيون، ونواب التجمع الوطني اليميني المتطرف (حزب مارين لوبان)، أنهم لن يدعموا تصويت بحجب الثقة، وهو ما أفقد الاقتراح العدد الكافي لإسقاط الحكومة.
هدية اليمين المتطرف
وقدمت مارين لوبان، زعيمة اليمين المتطرف “هدية” لرئيس الوزراء الفرنسي، بعد شهور من تهديدات باللجوء إلى خيار حجب الثقة للضغط على الرئيس إيمانويل ماكرون لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة.
وتضمن “هدية لوبان”، المرور الآمن لمشروع قانون ميزانية 2025 الذي تحتاجه فرنسا بشدة، إذ كانت تعمل بتمويل مؤقت منذ بداية العام الجاري 2025، وتأمل الحكومة أن يكبح جماح الديون والعجز المتزايدين في البلاد، بهدف توليد 50 مليار يورو من المدخرات من خلال زيادات الضرائب وخفض الإنفاق.
واعترف بايرو أمام المشرعين، بأن الميزانية كانت “غير كاملة”، و”ليست الميزانية التي كنا نأملها” لكنه جادل بأن تمريرها أمر ملح لضمان الاستقرار للاقتصاد والأسر والمستثمرين.
وقال بايرو، الذي سرد التحديات بما في ذلك الحرب الروسية الأوكرانية، و”السياسة الخارجية العدوانية” التي ينتهجها الرئيس الأميركي دونالد ترمب تجاه أوروبا، للمشرعين، الأربعاء، إن فرنسا لا تستطيع تحمل مواجهة “موجات المد العارمة” من خلال “تفاقم نقاط ضعفنا وانقساماتنا”. وقال إن فرنسا “يجب أن تستعيد قوتها وتضامنها وفخرها”.
خفض الإنفاق
وللمصادقة على الميزانية، استخدم بايرو حكماً دستورياً يسمح بإقرار مشروع قانون عبر الجمعية الوطنية دون تصويت نهائي، ولكنه يعرضه لتصويت بحجب الثقة. غالباً ما تستخدم الحكومات الفرنسية هذه الأداة، عندما لا يكون لديها أغلبية تسمح بتمرير أي من مشروعات القوانين، على الرغم من أن المنتقدين يقولون إنها تكتيك غير عادل لإجبار المشرعين، وأن الحكومات في عهد ماكرون “استخدمتها بكثرة”.
وشدد بايرو، خلال كلمته للمشرعين قبل التصويت مباشرة على أنه “لا يمكننا الاستمرار كما فعلنا لعقود من الزمان”. وأضاف أن حكومته ستجري مراجعة متعمقة للإنفاق في كل وزارة في أقرب وقت ممكن من الأسبوع المقبل، مضيفاً أن “ميزانية اليوم هي خطوة، بل إنها مجرد بداية لبداية البداية”.
وللوفاء بهدف خفض العجز إلى 3% من الناتج الاقتصادي بحلول عام 2029، سيتعين على فرنسا الاستمرار في إجراء تعديلات كبيرة في كل ميزانية حتى ذلك الحين. وتهدف الميزانية التي تم تبنيها إلى خفض العجز إلى 5.4% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام مقارنة بنحو 6% في عام 2024، وفق “بلومبرغ”.
وتتضمن ميزانية هذا العام أكثر من 8 مليارات يورو (8.3 مليار دولار) من الإيرادات الإضافية من زيادة مؤقتة في ضريبة الشركات، ومعدل أعلى على إعادة شراء الأسهم كجزء من حزمة من تخفيضات الإنفاق وزيادات الضرائب.
ويقول المسؤولون التنفيذيون للشركات، إنهم قلقون بشكل خاص من أن الزيادات الضريبية المؤقتة قد تصبح دائمة وتقوض جهود الرئيس إيمانويل ماكرون التي استمرت لسنوات لبناء بيئة مؤيدة للأعمال.
واشتكى الرئيس التنفيذي لشركة دار الأزياء الفاخرة “لوي فيتون” LVMH، برنارد أرنو، علناً، من زيادات الضرائب على الشركات الأسبوع الماضي، وشبه فرنسا بـ”دش بارد” بعد رحلته إلى تنصيب الرئيس الأميركي دونالد ترمب.
السيطرة على العجز
ولم يدعم الاشتراكيون تصويت حجب الثقة. وقال النائب الاشتراكي، إيمانويل جريجوار، في الجمعية الوطنية: “أولئك الذين يقولون إننا متحالفون مع الحكومة كاذبون. نحن في المعارضة، وسنظل كذلك”.
وإذا لم يتمكن بايرو من الاعتماد على عائدات ضريبية أعلى للسيطرة على العجز، فسيتعين عليه إجراء تخفيضات في الإنفاق لم تتمكن الحكومات السابقة من القيام بها، حتى مع الأغلبية في البرلمان.
وعلى النقيض من ذلك، لا يحظى رئيس الوزراء الحالي، إلا بدعم حوالي ثلث المشرعين، إذ فشلت محاولاته لتعزيز بناء الائتلاف حيث تتخذ المجموعات السياسية بدلاً من ذلك موقفاً معارضاً للانتخابات التشريعية، التي قد يدعو إليها ماكرون في أقرب وقت في يوليو المقبل.
ويخطط رئيس الوزراء الفرنسي لتغييرات تسمح للمسؤولين المنتخبين، بحمل تفويضات متعددة، بشأن تشريعات حول القتل الرحيم، وإصلاح الوكالات البيئية، وقد يعدل نظام التصويت للانتخابات البلدية في باريس وليون ومرسيليا.
وقال النائب الاشتراكي بوريس فالو، لإذاعة “فرانس إنفو”، الأربعاء، إن “الاستقرار بعيد كل البعد عن أن يكون مضموناً. سنقاتل هذه الحكومة في كل خطوة على الطريق”.