أعلن متمردو حركة “23 مارس” (M23) السيطرة على مدينة جوما الاستراتيجية في شرق الكونغو الديمقراطية، وهي منطقة تحتوي على ثروات معدنية تُقدر قيمتها بتريليونات الدولارات، ولا تزال غير مستغلة إلى حد كبير.
ولم تؤكد الحكومة الكونغولية بعد استيلاء المتمردين على جوما، لكنها تعترف بوجودهم في المدينة.
وقطعت الكونغو الديمقراطية علاقاتها الدبلوماسية مع رواندا المجاورة، التي تتهمها بتزويد الحركة بالأسلحة والقوات، واستدعت موظفيها الدبلوماسيين من البلاد.
ويمثل الاستيلاء على جوما مكسب إقليمي آخر لتحالف نهر الكونغو (ARC)، والذي يضم حركة “M23″، التي فرضت عليها الولايات المتحدة والأمم المتحدة عقوبات.
وعانت المنطقة الشرقية الغنية بالمعادن في جمهورية الكونغو الديمقراطية من الصراع لأكثر من 30 عاماً، منذ الإبادة الجماعية في رواندا المجاورة عام 1994.
وقال فيكتور تيسونجو، المتحدث باسم تحالف نهر الكونغو، لشبكة CNN: “تحالف M23 يسيطر على جوما”، مضيفاً أن “جوما سقطت تحت الضغط” بعد الاستيلاء على بلدتي مينوفا وساكي المجاورتين في وقت سابق.
ماذا يحدث في جوما؟
بعد تقدم سريع في المنطقة، دخل مقاتلون من جماعة “M23” إلى جوما، وهي مدينة رئيسية يسكنها أكثر من مليون شخص في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية.
وتقع جوما على الحدود مع رواندا وعلى ضفاف بحيرة كيفو، وهي مركز حيوي للتجارة والنقل يقع على مقربة من مدن التعدين، التي تزود المعادن ذات الطلب المرتفع، مثل الذهب والقصدير والكولتان، وهو مكون رئيسي للهواتف المحمولة والبطاريات للسيارات الكهربائية.
يقول المتمردون إنهم يسيطرون الآن على المدينة، لكن الحكومة الكونغولية تقول إن قواتها لا تزال تسيطر على بعض المواقع الرئيسية.
حذرت وكالات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة من أزمة إنسانية كبرى حيث تكتظ المستشفيات بالضحايا والجثامين ملقاة في الشوارع.
من هي M23؟
حركة “23 مارس” (M23) هي واحدة من أكثر من 100 جماعة مسلحة تقاتل القوات الكونغولية في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية الغني بالمعادن. وهي موجودة في إقليم شمال كيفو في المناطق الحدودية مع رواندا وأوغندا، ولديها أكثر من 8000 مقاتل، وفقاً للأمم المتحدة.
تم تسمية الحركة بهذا الاسم نسبة إلى تاريخ توقيع اتفاق السلام في عام 2009 بين المؤتمر الوطني للدفاع عن الشعب (CNDP)، وهي جماعة متمردة يقودها التوتسي، والحكومة الكونغولية لإنهاء التمرد الذي قاده شعب التوتسي في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية.
مطالب “M23” في الكونغو الديمقراطية
- حماية مصالح التوتسي الكونغوليين والأقليات الأخرى
- الاستفادة من الثروات المعدنية المحلية
- الدعوة إلى تطبيق مبدأ تقرير المصير في جوما
- رفع العقوبات على المجموعات المحلية التابعة لـ”جيش التحرير”
وتقول “M23” إن هدفها هو حماية مصالح التوتسي الكونغوليين والأقليات الأخرى، بما في ذلك حمايتهم من جماعات المتمردين الهوتو الذين فروا إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية، بعد مشاركتهم في الإبادة الجماعية عام 1994 التي استهدفت التوتسي.
في عام 2012، حققت “M23” مكاسب إقليمية كبيرة في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، بما في ذلك الاستيلاء لفترة وجيزة على جوما قبل الانسحاب بعد 10 أيام، عقب اتفاق توسطت فيه الدول المجاورة.
ثم وافق مقاتلو “M23” على الاندماج في الجيش مقابل وعود بحماية التوتسي. ولكن في عام 2021، حملت الحركة السلاح مرة أخرى، قائلة إن الوعود قد تم خرقها.
وفي عام 2022، شنت الحركة هجوماً في شمال كيفو ضد القوات المسلحة لجمهورية الكونغو الديمقراطية وبعثة الأمم المتحدة في البلاد، ما أسفر عن سقوط ضحايا بالآلاف.
هل تشارك رواندا في القتال؟
تتهم جمهورية الكونغو الديمقراطية والأمم المتحدة والولايات المتحدة ودول أخرى رواندا المجاورة بدعم حركة “M23″، وهو ما تنفيه رواندا. في عام 2022، قالت مجموعة من خبراء الأمم المتحدة في تقرير إن لديهم “أدلة قوية” على أن الجنود الروانديين كانوا يعملون مع حركة “M23”.
في يوليو الماضي، قال خبراء الأمم المتحدة في تقرير إن 3000 إلى 4000 من قوات الحكومة الرواندية تعمل مع الحركة في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية.
وفي بيان صدر الأحد، لم تنكر رواندا صراحة أنها تدعم حركة “M23″، فيما قالت إن القتال بالقرب من حدودها يشكل “تهديداً خطيراً” لـ”أمنها وسلامة أراضيها”.
وأضافت أن رواندا أصبحت “كبش فداء”، وألقت باللوم في القتال الأخير على السلطات الكونغولية، قائلة إنها “رفضت الدخول في حوار مع حركة M23”.
وأسفرت عملية السلام، التي توسطت فيها أنجولا وشاركت فيها رواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية، عن اتفاق لوقف إطلاق النار في العام الماضي، ولكن سرعان ما انهارت واستؤنف القتال.
ما صلة “M23″برواندا؟
أصل القتال الحالي في كونغو الديمقراطية يمكن إرجاعه جزئياً إلى الإبادة الجماعية في رواندا عام 1994، حيث لقي نحو 800 ألف شخص حتفهم، الغالبية العظمى منهم من جماعة التوتسي، على يد متطرفين من عرق الهوتو.
وانتهت الإبادة الجماعية بتقدم قوة من المتمردين بقيادة التوتسي بقيادة بول كاجامي، الذي أصبح الآن رئيساً للبلاد.
وخشية الانتقام، فر نحو مليون من الهوتو عبر الحدود إلى ما يعرف الآن بجمهورية الكونغو الديمقراطية. وقد أدى هذا إلى تأجيج التوترات العرقية حيث شعرت مجموعة التوتسي المهمشة في الشرق (البانيامولينج) بالتهديد المتزايد.
وشن جيش رواندا هجمات داخل أراضي جمهورية الكونغو الديمقراطية مرتين، قائلاً إنه يلاحق بعض المسؤولين عن الإبادة الجماعية، وعمل مع أعضاء أقلية البانيامولينج وجماعات مسلحة أخرى.
بعد 30 عاماً من الصراع، لا تزال إحدى جماعات الهوتو “القوات الديمقراطية لتحرير رواندا”، والتي تضم بعض المسؤولين عن الإبادة الجماعية في رواندا، نشطة في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية.
وتصف رواندا “القوات الديمقراطية لتحرير رواندا” (الهوتو) بأنها “ميليشيا إبادة جماعية”، وتقول إن استمرار وجودها في شرق الكونغو الديمقراطية يهدد أراضيها.
وتتهم رواندا السلطات الكونغولية بالعمل مع “القوات الديمقراطية لتحرير رواندا”، وهي الاتهامات التي تنفيها الكونغو الديمقراطية.
ومن غير المرجح أن تظل رواندا بعيدة عن الكونغو الديمقراطية ما لم تقتنع بأن “القوات الديمقراطية لتحرير رواندا” لم تعد تشكل تهديداً لها، أو لمجتمعات التوتسي في شرق الكونغو الديمقراطية.
ومع ذلك، فإنها متهمة على نطاق واسع باستخدام الصراع كوسيلة للاستفادة من الثروة المعدنية في شرق الكونغو الديمقراطية.
وهناك حوالي 11 ألف جندي لحفظ السلام في جمهورية الكونغو الديمقراطية، أغلبهم في شرق البلاد، كجزء من بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في جمهورية الكونغو الديمقراطية، أو مونوسكو. كما أن بعثة مجتمع التنمية لجنوب إفريقيا في جمهورية الكونغو الديمقراطية، أو ساميدرك، لديها قوات في البلاد.
وقد توسط زعماء أفارقة والولايات المتحدة في الماضي في وقف إطلاق النار.