عانت “وول ستريت” من أكبر انخفاض لها هذا العام الاثنين، في تراجع ناتج عن القلق بشأن الاقتصاد الأميركي، بعد يوم واحد من رفض الرئيس دونالد ترمب استبعاد احتمال أن تؤدي سياساته إلى حدوث ركود اقتصادي، وفق صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية.
وأثرت عمليات البيع في القطاع الأكثر نفوذاً في مؤشر “إس آند بي 500” – شركات التكنولوجيا الكبرى – بشكل كبير على التداولات. واقترب المؤشر من الدخول في مرحلة تصحيح، حيث تراجع من أعلى مستوى له بنسبة 8.6%، وفق “بلومبرغ”.
كما شهد مؤشر “ناسداك 100” أسوأ يوم له منذ عام 2022. وانخفض مؤشر “العظماء السبعة” (أبل، ألفابت، إنفيديا، أمازون، ميتا، مايكروسوفت، تسلا) للشركات العملاقة بنسبة 5.4%.
وأشارت “نيويورك تايمز”، إلى أن مؤشر S&P 500 محا جميع المكاسب التي حققها منذ يوم الانتخابات، فيما تأثرت ناسداك بشدة أيضاً، حيث عكس الانتعاش في أسهم التكنولوجيا الكبرى المدفوع بالحماس نحو الذكاء الاصطناعي مساره.
في الوقت ذاته، تراجعت عوائد سندات الخزانة مع ارتفاع التوقعات بأن التباطؤ الاقتصادي سيدفع الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة. وانخفضت عملة “بتكوين” إلى ما دون 80 ألف دولار.
تغييرات متسارعة وعدم يقين
وعلى مدار الأسابيع القليلة الماضية، هدد ترمب بفرض تعريفات جمركية، قبل أن يوقفها ويعيد فرضها على أكبر شركاء أميركا التجاريين: كندا والمكسيك والصين.
وأزعجت هذه التغيرات السريعة، بما في ذلك الاستثناءات اللحظية لبعض شركات السيارات ومنتجات الطاقة، المستثمرين.
وقال ديفيد بانسن، المدير التنفيذي للاستثمار في مجموعة بانسن: “تقلبات السوق ليست بسبب الأخبار السيئة عن التعريفات بقدر ما هي بسبب عدم اليقين بشأن التعريفات الجمركية، خاصة فيما يتعلق بعدم اليقين بشأن السياسة، وإلى أين تتجه، وإلى متى ستستمر، وماذا ستكون النتيجة النهائية؟”.
وقالت جينا بولفين، رئيسة مجموعة “بولفين” لإدارة الثروات: “لقد انتقلنا من التفاؤل الجامح إلى التساؤل عن احتمالات الركود”. وأضافت: “هذه سوق تتحرك بفعل العناوين الإخبارية، ويمكن أن تتغير في غضون ساعة. تمسكوا بمراكزكم واستعدوا، فقد حصلنا أخيراً على التصحيح الذي كنا ننتظره، وسيتم مكافأة المستثمرين على المدى الطويل مجدداً”.
ركود؟
وفي مقابلة مع قناة “فوكس نيوز”، الأحد، سُئل ترمب عن “المخاوف المتزايدة من تباطؤ الاقتصاد”، ووصف ترمب ما قد يحدث لاحقاً بـ”فترة انتقالية”، ولم يستبعد إمكانية أن تؤدي سياساته إلى حدوث ركود.
وعندما سُئل خلال المقابلة عن متى قد تتضح الرؤية للشركات بشأن سياسات التعريفات المتذبذبة، أجاب ترمب قائلاً إن التعريفات قد تزداد. وقال: “قد نرفع بعض التعريفات. يعتمد ذلك. قد نرفعها. لا أعتقد أننا سننخفض، أو قد نرفعها”. وأضاف: “لديهم وضوح كافٍ.”
ودخلت التعريفات الانتقامية التي فرضتها الصين على المنتجات الزراعية الأميركية حيز التنفيذ الاثنين. ومن المتوقع أن تفرض إدارة ترمب الأربعاء، جمارك بنسبة 25 في المئة على جميع واردات الصلب والألمنيوم.
كما هدد ترمب بفرض “تعريفات متبادلة” على جميع الواردات لمطابقة تعريفات وسياسات التجارة التي تتبعها الدول الأخرى الشهر المقبل.
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض كوش ديساي في بيان الاثنين: “منذ انتخاب الرئيس ترمب، استجاب قادة الصناعة لأجندة ترمب الاقتصادية، من خلال التعريفات وإلغاء اللوائح وإطلاق العنان للاستثمار في إنتاج الطاقة مع استثمارات تقدر بتريليونات الدولارات ستخلق آلاف الوظائف الجديدة. قدم ترمب نمواً تاريخياً في الوظائف والأجور والاستثمارات في ولايته الأولى، وهو على وشك تحقيق ذلك مرة أخرى في ولايته الثانية”.
وكانت خسائر الاثنين، هي الأسوأ في وول ستريت منذ ديسمبر، عندما خفض الاحتياطي الفيدرالي التوقعات بشأن تخفيضات الفائدة استجابة لاستمرار قوة الاقتصاد الأميركي.
ووفقاً لمعظم المقاييس، لا يزال الاقتصاد الأميركي في حالة جيدة، إذ أظهرت أحدث بيان عن الوظائف الجمعة، أن أصحاب العمل لا يزالون يضيفون وظائف بوتيرة صحية. لكن الاقتصاديين أصبحوا أكثر تشاؤماً مع تعاطيهم مع أسلوب ترمب المتذبذب بشأن التعريفات، مما عرقل الشركات التي تحاول التخطيط للاستثمارات والتوظيف.
كما أثرت عمليات تخفيض القوة الفيدرالية العاملة، ووقف الإنفاق الحكومي على معنويات المستهلكين.
وقال أندرو برينر، رئيس قسم الدخل الثابت الدولي في “ناشونال أليانس سيكيوريتيز”: “الأسواق خائفة من عدم اليقين الذي تجلبه لغة التعريفات”.