كشف مسؤول مطلع على المحادثات داخل الحكومة الفرنسية أن باريس باتت أكثر انفتاحاً على احتمال مصادرة الأصول الروسية المجمدة لاستخدامها في دعم أوكرانيا.
وأوضح المسؤول، الذي تحدث لمجلة “بوليتيكو” شريطة عدم الكشف عن هويته نظراً لحساسية القضية، أن أعضاء في الحكومة الفرنسية ناقشوا الأمر بشكل غير معلن، بما في ذلك مع نظرائهم الألمان، ودرسوا إمكانية استخدام هذه الأصول كضمانات لقروض موجهة لكييف.
وكانت السلطات الأوروبية قد جمدت نحو 200 مليار يورو من الأصول الروسية المودعة في المؤسسة المالية “يوروكلير” ومقرها بروكسل، وذلك عقب بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022.
وفي العام الماضي، اتفقت دول مجموعة السبع على استخدام أرباح تلك الأصول لدعم قرض بقيمة 50 مليار دولار لأوكرانيا، لكنها “استبعدت استخدام الأصول نفسها بشكل مباشر، خشية انتهاك القانون الدولي”.
وعلى الرغم من ذلك، فإن الوزراء الفرنسيين أكدوا علناً رفضهم لهذه الخطوة لأسباب قانونية، إذ تُعد تلك الأصول ملكاً للبنك المركزي الروسي.
“حالة حرب مباشرة”
وقال وزير الاقتصاد الفرنسي إريك لومبارد في تصريح لـ”فرانس إنفو”، إن فرنسا ليست في حالة حرب مباشرة مع روسيا، وبالتالي “لا يمكن مصادرة هذه الأصول، لأن ذلك سيكون مخالفاً للاتفاقيات الدولية”.
ومع استعداد الرئيس الأميركي دونالد ترمب على ما يبدو لفك الارتباط بأمن أوروبا، تسارع القارة لتعزيز دفاعاتها ودعم أوكرانيا.
وأعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، الثلاثاء الماضي، عن خطة لمنح قروض تصل إلى 150 مليار يورو للحكومات الأوروبية لمساعدتها على زيادة الإنفاق العسكري.
وأدى قرار ترمب تعليق المساعدات العسكرية لأوكرانيا، إضافة إلى عدم اكتراثه الظاهر بسجل روسيا في انتهاك اتفاقيات السلام، إلى تجدد الاهتمام بفكرة استغلال الأصول الروسية المجمدة.
وتطالب دول البلطيق والدول الإسكندنافية، المجاورة لروسيا، باستخدام هذه الأموال لدعم أوكرانيا فوراً، بينما تدرس فرنسا فقط إمكانية استخدامها كضمانات لقروض إضافية لكييف، وفقاً للمسؤول الذي نقلت عنه “بوليتيكو”.
ورقة ضغط على الكرملين
وفي الأيام الماضية، ألمح مسؤولون فرنسيون رفيعو المستوى إلى أن مبلغ الـ 200 مليار يورو المجمد قد يمنح بروكسل وكييف ورقة ضغط قوية على الكرملين في أي مفاوضات سلام، سواء بقيادة واشنطن أو غيرها.
وكانت صحيفة “فاينانشال تايمز” قد كشفت سابقاً عن محادثات بين فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة بشأن استخدام هذه الأصول للضغط على روسيا لاحترام أي اتفاق سلام، إلا أن قصر الإليزيه نفى إجراء مثل هذه المناقشات.
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأسبوع الماضي، في واشنطن إن “الأصول الروسية المجمدة يجب أن تكون جزءاً من المفاوضات في نهاية الحرب”، بينما صرح وزير شؤون أوروبا الفرنسي، بنيامين حداد، لقناة “فرانس 2″، الثلاثاء، بأن استخدام هذه الأصول كورقة ضغط هو أمر ستبحثه الحكومة.
ومع ذلك، وكما أشار ماكرون ووزير الاقتصاد إريك لومبارد، أكد حداد أن هناك قضايا قانونية يجب مراعاتها، محذراً من أن مصادرة هذه الأصول دون سلطة قانونية واضحة، قد تؤدي إلى إثارة مخاوف المستثمرين.
من جهتها، دعمت الحكومة البريطانية استخدام الأصول المجمدة لدعم أوكرانيا، في حين عارضت ألمانيا هذا الخيار، لكن حكومة المستشار الألماني المقبل فريدريش ميرتس قد تغير موقفها.
وفي هذا السياق، دعا نوربرت روتجن، أحد كبار نواب الاتحاد الديمقراطي المسيحي الذي ينتمي إليه ميرتس، إلى استخدام هذه الأصول لدعم كييف.