تنطلق في العاصمة المصرية القاهرة، الخميس، القمة الحادية عشرة لمنظمة الدول الثماني النامية للتعاون الاقتصادي (D-8) التي تأسست في عام 1997، بمشاركة قادة من تركيا وإيران ونيجيريا وباكستان وبنجلاديش وإندونيسيا وماليزيا، إضافة إلى حضور الرئيس الفلسطيني محمود عباس بدعوة من نظيره المصري عبد الفتاح السيسي.
وتتولى مصر رئاسة المجموعة منذ مايو الماضي، وستستمر فى قيادة أعمالها حتى نهاية العام المقبل. فيما من المقرر أن تعقد عدة قمم ولقاءات ثنائية على هامش قمة القاهرة سواء على مستوى الرؤساء أو الوفود المشاركة فى الاجتماع.
ومن المتوقع أن تشهد القمة التي تعقد كل عامين، مشاركة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والإيراني مسعود بيزشكيان، والإندونيسي برابوو سوبيانتو، ورئيس وزراء باكستان شهباز شريف، ورئيس حكومة بنجلاديش الانتقالية محمد يونس، فيما سيرأس وفد ماليزيا وزير التعليم العالي زامبري عبد القادر.
كما سيشارك افتراضياً في القمة التي ستعقد تحت شعار “الاستثمار في الشباب ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة: تشكيل اقتصاد الغد”، الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، كما سيحضر جلسات القمة الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، والأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي حسين إبراهيم طه، بحسب ما ذكره مفوض مصر لدى المنظمة راجي الإتربي.
وتحضيراً للقمة، عقد الاجتماع الوزاري الحادي والعشرين للمنظمة، الأربعاء، والذي قال فيه وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، إن القمة تتزامن مع أحداث إقليمية ودولية “ضاغطة” و”تحديات اقتصادية غير مسبوقة”، مشيراً إلى تداعياتها المباشرة على الدول النامية.
وفقاً لبيان الخارجية المصرية، تطرق عبد العاطي في كلمته لـ”تبعات الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وما نتج عنها من كارثة إنسانية وتدمير للبنية التحتية، فضلاً عن امتداد العدوان الإسرائيلي إلى سوريا ولبنان في انتهاك صارخ للقانون الدولي، وهو ما دفع مصر إلى المبادرة بعقد جلسة خاصة حول فلسطين ولبنان خلال أعمال القمة”.
التطورات الإقليمية
وعما إذا كانت القمة ستبحث الأزمات الحالية التي تشهدها المنطقة، قال الإتربي، إن “الأوضاع الإقليمية تتطور بشكل يومي، حيث تشهد المنطقة تحديات غير مسبوقة على مختلف الأصعدة، وبالتالي ستكون الأوضاع الإقليمية حاضرة في مناقشات قادة منظمة الثماني، وسيتم تخصيص جلسة لبحثها”.
ولفت إلى أن القمة ستكون “فرصة مواتية للدول للتشاور ولتأكيد مواقفها خلال تلك الأزمات، وبحث رؤية مشتركة لكيفية التعامل مع تلك التحديات، بما في ذلك على صعيد تقديم المساعدات الإنسانية اللازمة، وكذلك جهود إعادة الإعمار”.
وتعد زيارة بيزشكيان لمصر للمشاركة في اجتماع منظمة الدول الثماني النامية للتعاون الاقتصادي، الأولى لرئيس إيراني منذ أكثر من عقد بعد زيارة الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد في عام 2013.
وكانت العلاقات بين مصر وإيران متوترة عموماً خلال العقود الماضية، لكن البلدين كثفا مؤخراً الاتصالات الدبلوماسية رفيعة المستوى منذ اندلاع الحرب على غزة، العام الماضي، مع سعي مصر لدور الوساطة.
كما تأتي هذه القمة التي ستشهد جلوس أردوغان وبيزشكان على طاولة واحدة، بعد أيام من سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد المدعوم من روسيا وإيران، على يد فصائل المعارضة المسلحة السورية.
وكان لأنقرة دور في إقناع طهران التي أعلنت مغادرة كافة قواتها من البلاد، “بعدم التدخل عسكرياً” في سوريا، بحسب ما ذكره وزير الخارجية التركي هاكان فيدان الذي قال، السبت الماضي، إن بلاده “أجرت محادثات مع كل من روسيا وإيران في الأسبوع الذي سبق سقوط الأسد، لإقناعهما بعدم التدخل عسكرياً”.
مبادرات مصرية
وسيبحث القادة خلال القمة “مبادرات مصرية” تهدف لدفع التعاون الاقتصادي بين الدول الثماني، وخاصة تلك المتعلقة بالتعاون في مجال الصناعة والتجارة والتعليم والصحة والسياحة ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، بالإضافة إلى تعزيز التعاون في المجال البحثي من خلال إنشاء شبكة بين دول المنظمة لمراكز الأبحاث الاقتصادية.
وأشار الإتربي، إلى أنه “من المنتظر أن تحظى تلك المبادرات بتأييد ودعم كامل من كافة قادة دول المنظمة، والبدء فى تفعيلها فى أقرب وقت، إذ أن جميعها تصب في صالح الأولوية التي وضعتها الرئاسة المصرية لتعزيز العلاقات الاقتصادية بين دول المنظمة”.
وأوضح المسؤول المصري أن “تعزيز التعاون الإقتصادي يمثل أولوية بالنسبة للرئاسة المصرية للقمة، وكذلك لكافة الدول الأعضاء، وبالتالي فإنه من المنتظر أن يمثل هذا الأمر الجزء الأكبر فى الإعلان الختامي (إعلان القاهرة) المنتظر صدوره عن القمة”.
واعتبر الإتربي وهو مساعد وزير الخارجية المصري للشؤون الاقتصادية متعددة الأطراف الدولية والإقليمية، أن “البيانات الخاصة بالتبادل التجاري والاستثمارات المتبادلة لا تعكس مستوى الطموح، ولا تعكس أيضاً الإمكانيات الاقتصادية والعلاقات بين دول المنظمة”، مشدداً على “الحاجة والرغبة الواضحة في تعزيزها والدفع بها، ومن أهم آليات تحقيق ذلك هو اتفاق التجارة التفضيلية”.
ونوّه إلى أن “مصر على وشك الانتهاء من كافة الإجراءات الوطنية، تمهيداً لإحالته للبرلمان للنظر فى التصديق عليه ووضعه حيز التنفيذ”، لافتاً إلى أن “هناك دولتين، هما تركيا وإندونيسيا، بدأتا بالفعل في تنفيذ الاتفاق، ومن المنتظر أن تنتهى الدول الأخرى من الإجراءات الوطنية الخاصة بتفعيل الإتفاق الذي سيكون الآلية الأهم لتعزيز التبادل التجاري بين الدول الأعضاء”.
وتابع: “هناك اتفاقات سيجرى تفعيلها، والخاصة بتسهيل الإجراءات الجمركية والتجارة ومعالجة العوائق الفنية وغير الفنية”، مشيراً إلى أنه “لن نتمكن من تعزيز العلاقات التجارية والاستثمارات المتبادلة بدون الدور الأساسي للقطاع الخاص”.
وقدّم الأمين العام للمنظمة، إسياكا عبد القادر إمام، 3 مقترحات رئيسية تهدف لتعزيز التكامل الاقتصادي بين دول المنظمة وهي “إضفاء الطابع المؤسسي على معارض القمة السنوية”، و”إنشاء أنظمة لتمويل التجاري والضمانات وآلية مبتكرة للدفع” و”تطوير مراكز التصدير ومنصات بورصة السلع الأساسية”.
27 عاماً منذ التأسيس
وتمثل أعضاء منظمة الدول الثماني النامية للتعاون الاقتصادي التي تأسست بهدف تحسين التعاون بين بلدان تمتد من جنوب شرق آسيا إلى إفريقيا، سوقاً ضخمة إذ يبلغ عدد سكانها أكثر من مليار نسمة، فيما يصل ناتجها الإجمالي لنحو 5 تريليون دولار.
وتأسست منظمة الدول الثماني، في 15 يونيو 1997 في مدينة إسطنبول، بمبادرة من رئيس الوزراء التركي آنذاك نجم الدين أربكان، وتضم إلى جانب تركيا كلاً من إيران ومصر وإندونيسيا وباكستان ونيجيريا وماليزيا وبنجلاديش.
أبرز مبادئ منظمة الدول الثماني النامية للتعاون الاقتصادي
-
السلام بدلاً من الصراع.
-
الحوار بدلاً من الصدام.
-
التعاون بدلاً من الاستغلال.
-
العدالة بدلاً من ازدواجية المعايير.
-
المساواة بدلاً من التمييز.
-
الديمقراطية بدلاً من القمع.
وتسعى المنظمة إلى تحقيق مجموعة من الأهداف التي تركز على التنمية والتكامل بين الأعضاء، ومن أبرزها تعزيز التعاون الاقتصادي، عبر دعم التجارة والاستثمار بين دولها، وتقليل الاعتماد على الدول الخارجية.
وتهدف المنظمة أيضاً إلى تحسين الظروف المعيشية، من خلال السعي لتوفير حياة كريمة للشعوب من خلال تعزيز النمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية، والتقليل من الفجوة التنموية، عبر دعم الدول الأعضاء التي تواجه تحديات اقتصادية لتحقيق النمو المستدام.
ومن أهداف المجموعة كذلك تشجيع الابتكار والتكنولوجيا من خلال تعزيز التعاون في مجالات البحث العلمي والابتكار لتحقيق التنمية الصناعية والزراعية، وتعزيز التضامن.
وشهد إعلان قمة المنظمة الخامسة التي عقدت في بالي في عام 2006، توضيحاً لبعض أهداف المنظمة الرئيسية وآلية تطبيقها، ومنها “الالتزام بالعمل معاً لحل مشكلة التابين الاقتصادي بين دول المنظمة”، و”التأكيد على الالتزام بتعزيز التعاون في مجال الطاقة لتطوير مصادر الطاقة البديلة والمتجددة”، و”التأكيد على أهمية مساهمة المنظمة في التنمية الاقتصادية لدولها وضمان تعزيز التجارة الدولية”.
وتعد إندونيسيا وتركيا أكبر اقتصادين في المنظمة، إذ تظهر بيانات البنك الدولي أن الناتج المحلي الإجمالي لإندونيسيا بلغ 1.37 تريليون دولار في 2023، فيما زاد تدفق استثمارات دول المنظمة الثماني إلى مصر بنسبة 6.2%، إذ سجلت الاستثمارات نحو 200 مليون دولار خلال العام المالي 2022-2023.