أعلن الجيش السوري، السبت، تنفيذ عملية “إعادة انتشار” في محافظة حلب شمال البلاد، قال إن هدفها تدعيم خطوط الدفاع بغية صد هجوم شنته فصائل مسلحة على مدينتي إدلب وحلب، روجت لسيطرتها لاحقاً على عدد من الأحياء والمؤسسات الرسمية.
وقال الجيش السوري في بيان: “خلال الأيام الماضية، شنت التنظيمات المسلحة المنضوية تحت ما يسمى جبهة النصرة مدعومةً بآلاف الإرهابيين الأجانب وبالأسلحة الثقيلة وأعداد كبيرة من الطائرات المسيرة، هجوماً واسعاً من محاور متعددة على جبهتي حلب وإدلب، وخاضت قواتنا المسلحة ضدها معارك شرسة في مختلف نقاط الاشتباك الممتدة على شريط يتجاوز 100 كيلومتر لوقف تقدمها، وارتقى خلال المعارك العشرات من رجال قواتنا المسلحة وأصيب آخرون”.
وأضاف: “إن الأعداد الكبيرة للإرهابيين وتعدد جبهات الاشتباك دفعت بقواتنا المسلحة إلى تنفيذ عملية إعادة انتشار هدفها تدعيم خطوط الدفاع بغية امتصاص الهجوم، والمحافظة على أرواح المدنيين والجنود، والتحضير لهجوم مضاد”.
وأقر الجيش السوري بدخول عناصر الفصائل المسلحة إلى حلب، قائلاً: “مع استمرار تدفق التنظيمات عبر الحدود الشمالية وتكثيف الدعم العسكري والتقني لهم، تمكنت هذه التنظيمات خلال الساعات الماضية من دخول أجزاء واسعة من أحياء مدينة حلب دون أن تتمكن من تثبيت نقاط تمركز لها بفعل استمرار توجيه قواتنا المسلحة لضربات مركزة وقوية، ذلك ريثما يتم استكمال وصول التعزيزات العسكرية وتوزيعها على محاور القتال استعداداً للقيام بهجوم مضاد”.
وكانت “رويترز” نقلت عن مصدرين عسكريين سوريين قولهما إن سوريا تلقت وعداً بمساعدات عسكرية روسية إضافية لمساعدة الجيش في التصدي للمسلحين.
وأضاف المصدران أن دمشق تتوقع بدء وصول العتاد العسكري الروسي الجديد إلى قاعدة حميميم الجوية الروسية قرب مدينة اللاذقية الساحلية خلال 72 ساعة.
ووصف الجيش السوري “إعادة انتشاره” بأنه “إجراء مؤقت”، متعهداً العمل “بكل الوسائل الممكنة على ضمان أمن وسلامة أهلنا في مدينة حلب”، وأن تواصل القوات السورية المسلحة “عملياتها والقيام بواجبها الوطني في التصدي للتنظيمات الإرهابية لطردها واستعادة سيطرة الدولة ومؤسساتها على كامل المدينة وريفها”.
معرة النعمان
في المقابل، ذكر تلفزيون سوريا الموالي للفصائل المسلحة، السبت، أن عناصر الفصائل سيطرت بالفعل على مدينة معرة النعمان “الاستراتيجية”، في جنوب مدينة إدلب.
وكانت إدارة العمليات العسكرية التابعة للفصائل المسلحة في سوريا أفادت، في وقت سابق، بأن عناصرها بدأت دخول معرة النعمان ثاني أكبر مدينة في محافظة إدلب، وبعد ذلك أعلنت السيطرة على وادي الضيف جنوب إدلب.
ونشرت غرفة عمليات “ردع العدوان”، التابعة لـ”هيئة تحرير الشام”، عبر حسابها في ” تليجرام”، عشرات مقاطع الفيديو، التي تزعم أنها تعرض عناصرها في عدد من أحياء حلب، مثل الحمدانية والراموسة والكلاسة والفردوس وحلب الجديدة.
روسيا وتركيا
وقال روبرت فورد، الذي كان آخر سفير أميركي في سوريا، إن هجوم حلب أظهر أن قوات الحكومة السورية “ضعيفة للغاية”، مضيفاً: “في بعض الحالات، يبدو أنهم قد هزموا تقريباً”، بحسب “أسوشيتد برس”.
وأشار فورد إلى أشهر من الضربات الإسرائيلية على أهداف سورية وتابعة لجماعة “حزب الله” في المنطقة، وإلى وقف إطلاق النار بين إسرائيل في لبنان هذا الأسبوع، كعوامل توفر للفصائل المسلحة السورية فرصة للتقدم.
وقال فورد إن القتال في حلب “سيصبح مزعزعاً للاستقرار على نطاق أوسع، إذا جر روسيا وتركيا إلى قتال عنيف مباشر ضد بعضهما البعض، فلكل منهما مصالحه الخاصة في المناطق التي يفرض حمايته عليها في سوريا”.
بدورها، قالت دارين خليفة، وهي مستشارة في مجموعة الأزمات الدولية وخبيرة بشؤون الجماعات السورية، إن “مقاتلي المعارضة أشاروا منذ فترة إلى أنهم مستعدون للهجوم، لكن لم يتوقع أحد التقدم السريع للقوات نحو حلب”.
وأضافت: “ليس فقط أن الروس مشتتون وغارقون في أوكرانيا، ولكن أيضاً الإيرانيين مشتتون وغارقون في أماكن أخرى.. وحزب الله مشتت وغارق في أماكن أخرى، والنظام محاصر تماماً، لكن عنصر المفاجأة يأتي مع السرعة التي انهار بها النظام”.
ونقلت “أسوشيتد برس” عن مسؤولين أمنيين أتراك قولهم، الخميس، إن جماعات المعارضة السورية شنت في البداية هجوماً “محدوداً” مخططاً له منذ فترة طويلة نحو حلب، ثم توسع الهجوم مع بدء قوات الجيش السوري في الانسحاب من مواقعها.
ووفقاً للمسؤولين الأتراك، كان الهدف من الهجوم “إعادة تحديد حدود منطقة خفض التصعيد”.
ولم تتعرض حلب للهجوم من قبل الفصائل المسلحة المعارضة منذ طردها من الأحياء الشرقية في عام 2016، بعد حملة عسكرية من الجيش السوري، وكانت نقطة تحول في الحرب.