تتزايد التساؤلات بشأن خطة الجنرال الأميركي المتقاعد كيث كيلوج لإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا، لكن الرجل الذي اختاره الرئيس الأميركي المُنتخَب دونالد ترمب كمبعوث خاص كشف عن أبرز ملامح خطته في وقت سابق.
ويُقدم كيلوج (80 عاماً)، المستشار السابق للأمن القومي الأميركي، في خطته المُقترحة رؤية تتضمن وقفاً لإطلاق النار وتجميداً للخطوط الأمامية، مع التركيز على مفاوضات السلام بين أوكرانيا وروسيا.
انتقادات كيلوج
وتبدأ خطة كيلوج، التي وضعها في مقال كتبه لمعهد “أميركا أولاً” للسياسات، في أبريل، بوصفه للحرب بأنها “أزمة كان يمكن تجنبها، لكن بسبب سياسات إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن غير الكفء، أصبحت الولايات المتحدة متورطة في حرب لا نهاية لها”.
ووجه كيلوج الكثير من الانتقادات لتصرفات بايدن في خطته، إذ يقول إن إدارته قدمت القليل جداً من الأسلحة وفي وقت متأخر للغاية، وأن نهج ترمب “الناعم” تجاه بوتين، وليس شيطنته كما فعل بايدن، هو ما سيمكنه من التوصل إلى صفقة.
ويرى كيلوج أنه كان ينبغي تقديم المزيد من الأسلحة لكييف قبل الغزو الروسي وبعده مباشرةً، لتمكينها من تحقيق النصر، لكنه يشدد في نفس الوقت على أنه لا يجب على الولايات المتحدة أن تتورط في صراع آخر، قائلاً إن مخزوناتها من الأسلحة تضررت بسبب مساعدتها لأوكرانيا، ما يترك البلاد عرضة للخطر في أي صراع محتمل مع الصين بشأن تايوان.
ويضيف كيلوج أن بعض منتقدي استمرار إرسال المساعدات لأوكرانيا “قلقون مما إذا كانت المصالح الاستراتيجية الحيوية للولايات المتحدة قد باتت على المحك في حرب أوكرانيا، ومن إمكانية أن تتورط القوات العسكرية الأميركية، ومما إذا كانت الولايات المتحدة منخرطة في حرب بالوكالة مع روسيا يمكن أن تتصاعد إلى صراع نووي”.
خطة كيلوج
بحسب كيلوج، يجب أن يصبح السعي إلى وقف إطلاق النار والتسوية التفاوضية هو السياسة الأميركية الرسمية، على أن تواصل واشنطن تسليح أوكرانيا وتعزيز دفاعاتها لضمان عدم إحراز روسيا المزيد من التقدم وألا تهاجم مرة أخرى بعد وقف إطلاق النار أو اتفاق السلام.
ويربط الجنرال الأميركي المساعدات العسكرية الأميركية المستقبلية لأوكرانيا بقبولها المشاركة في محادثات السلام مع روسيا، التي تحتاج هي الأخرى للإقناع.
ولذلك يرى أنه لإقناع بوتين بالانضمام إلى محادثات السلام، يجب على واشنطن ودول حلف شمال الأطلسي (الناتو) أن يعرضوا تأجيل فكرة عضوية أوكرانيا في الناتو لفترة طويلة مقابل اتفاق سلام شامل يمكن التحقق منه مع ضمانات أمنية.
وأشار إلى أنه في مقابل الالتزام بوقف إطلاق النار، ومنطقة منزوعة السلاح، والمشاركة في محادثات السلام، يمكن أن يعرض على روسيا بعض التخفيف المحدود للعقوبات.
مكاسب أوكرانيا
وبموجب الخطة، “لن يطلب من أوكرانيا التخلي عن هدف استعادة جميع أراضيها، لكنها ستوافق على استخدام الدبلوماسية، وليس القوة، على أساس أن هذا سيتطلب انفراجة دبلوماسية مستقبلية، قد لا تحدث قبل أن يترك بوتين منصبه، وإلى أن يحدث ذلك، ستتعهد الولايات المتحدة وحلفاؤها برفع العقوبات بالكامل عن روسيا وتطبيع العلاقات بعد توقيعها على اتفاق سلام مقبول لأوكرانيا”.
ويضيف كيلوج: “كما سندعو إلى فرض رسوم على مبيعات الطاقة الروسية لدفع تكاليف إعادة إعمار أوكرانيا”.
وتابع: “من خلال تمكين أوكرانيا من التفاوض من موقع قوة مع إبلاغ روسيا أيضاً بالعواقب إذا فشلت في الالتزام بشروط محادثات السلام المستقبلية، يمكن للولايات المتحدة تنفيذ حالة نهائية متفاوض عليها بشروط تتماشى مع المصالح الأميركية والأوكرانية”.
ويقول كيلوج: “يجب أن يتضمن جزء من هذه الحالة النهائية المتفاوض عليها أحكاماً نؤسس فيها بنية أمنية طويلة الأجل للدفاع الأوكراني تركز على الدفاع الأمني الثنائي، لإن تضمين ذلك في اتفاق سلام بين روسيا وأوكرانيا يوفر طريقاً نحو سلام طويل الأمد في المنطقة ووسيلة لمنع الأعمال العدائية المستقبلية بين البلدين”.
“غرب مرهق وتسوية قائمة”
من جانبها، تصف شبكة CNN الأميركية خطة كيلوج بأنها “تسوية قاتمة”، لكنها “قد تلقى استحسان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وتعكس حقيقة أن الغرب بات مرهقاً”.
واعتبرت الشبكة أنه على الرغم من البساطة الظاهرية في الخطة، تبدو تفاصيلها معقدة، بما في ذلك صعوبة تنفيذ تجميد خطوط المواجهة في ظل التوترات الحالية، واحتمالية استغلال موسكو لهذه الفرصة لتحقيق مكاسب عسكرية.
وترى أن تعيين كيلوج مبعوثاً خاصاً إلى أوكرانيا يشير إلى أن ترمب اختار خطة محددة للغاية ومُعلَنة بشكل مُسبَق لأصعب قضايا السياسة الخارجية في أجندته، إذ وضع كيلوج خطته الخاصة للسلام بشكل مفصل.
ولفتت الشبكة إلى أنه رغم أن النهج الذي تتبناه هذه الخطة يبدو بسيطاً للغاية، لكنه يفتقر إلى استيعاب ما ستُطالب به موسكو، التي استخدمت العملية الدبلوماسية في الماضي لتحقيق مكاسب عسكرية.
وترجح أن تحتاج المنطقة منزوعة السلاح المقترحة إلى مراقبة أمنية، وقد يتطلب ذلك وجود قوات من حلف “الناتو”، أو جنوداً من دول أخرى غير منحازة، لكن سيكون من الصعب الحفاظ على استمرار هذا الوضع، وذلك بالنظر إلى مساحة الحدود الهائلة التي تمتد عبر مئات الأميال، مما سيتطلب تكلفة مالية ضخمة.
وتابعت: “كما سيكون تسليح أوكرانيا إلى الحد الذي يمكنها من إيقاف التقدم الروسي الحالي والمستقبلي أمراً صعباً أيضاً، إذ تشير الخطة إلى أن الولايات المتحدة تصنع 14 ألف قذيفة مدفعية من عيار 155 ميليمتراً شهرياً، والتي يمكن لأوكرانيا استخدامها في غضون 48 ساعة فقط، وفي حين يريد كيلوج من الولايات المتحدة تزويد كييف بالمزيد من الأسلحة، يعترف في نفس الوقت بأنه لا يمكنها فعل ذلك، ما يمثل تناقضاً”.
اعتراف بوحدة الغرب
وتضمنت خطة كيلوج سطرين يقدمان نظرة أوسع على كيفية رؤيته للأمور، إذ يقول فيهما إن الأمن القومي، وفقاً لنهج أميركا أولاً، يتمثل في الضرورات العملية، موضحاً أن “بايدن استبدل النهج الذي اتبعه ترمب بنهج ليبرالي دولي يعزز القيم الغربية وحقوق الإنسان والديمقراطية”، وترى CNN أن ذلك يشكل “أساساً قاتماً للغاية” لبناء أي تسوية بشأن الأمن الأوروبي.
ومع ذلك، قالت الشبكة الأميركية إن الخطة تقدم فرصة جيدة لأوكرانيا لإنهاء العنف، في وقت تخسر فيه على جميع الجبهات، وتعاني من نقص حاد في القوى البشرية الأساسية، وهي العقبة التي قد لا تتمكن من تجاوزها أبداً، لكنها قد تؤدي أيضاً لبدء عملية قد تلقى استحسان بوتين، الذي قالت إنه “ماكر ومخادع، دائماً ما يستغل وقف إطلاق النار وضعف الغرب، وهي اللحظة التي كان ينتظرها منذ ما يقرب من 3 سنوات”.
وتتقبل الخطة حقيقة أن الغرب قد بات مرهقاً، وأن إنتاجه من الأسلحة لا يواكب وتيرة العمليات على الأرض، بحسب CNN.
وترى الشبكة الأميركية أن هذه الخطة قد تمثل “تسوية قاتمة لحرب قاتمة، وأنها قد لا تنهيها، بل قد تفتح، بدلاً من ذلك، فصلاً جديداً تبدأ فيه وحدة الغرب ودعمه في الانهيار، بينما يقترب بوتين خطوة بخطوة نحو تحقيق أهدافه، سواء على طاولة المفاوضات أو على الجبهة”.