اعتبر المبعوث الأميركي آموس هوكستين، اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وجماعة “حزب الله”، الذي دخل حيز التنفيذ في الرابعة من صباح الأربعاء بالتوقيت المحلي (02:00 بتوقيت جرينتش)، فرصة من أجل تأكيد سيادة لبنان على جميع أراضيه، مشيراً إلى أن واشنطن ستساعد الجيش اللبناني على إعادة الانتشار في البلاد.
وقال هوكستين في مقابلة مع “الشرق”، إن الجيش اللبناني سيبدأ تنظيم صفوفه من أجل الانتشار في جميع أنحاء البلاد، خاصة المناطق التي لم يكن متواجداً فيها منذ فترة طويلة، لافتاً إلى أن عملية إعادة الانتشار هذه ستأخذ وقتاً، ولهذا فإن الجيش الإسرائيلي سيبقى في المواقع التي يتواجد فيها على أراضي جنوب لبنان إلى حين تمكن الجيش اللبناني من أخذ مواقعه في كل المناطق.
وأضاف أنه خلال الأسابيع المقبلة، ومع انتشار الجيش اللبناني، ستنسحب إسرائيل من مناطق جنوب لبنان بشكل تدريجي وليس دفعة واحدة بعد 60 يوماً، وأنه كلما يغادر الجيش الإسرائيلي منطقة في الجنوب سينتشر فيها الجيش اللبناني فوراً.
وأشار المبعوث الرئاسي الأميركي، إلى أنه في هذا الوقت يجب على الجيش اللبناني “القيام بأكثر من مجرد الانتشار والتموقع” في المواقع الجديدة، بل الانتشار عبر نهر الليطاني للتأكد من أن “حزب الله” لن ينتشر جنوب الليطاني وأنه سينقل أسلحته وقواته شمال النهر، كما يعمل على توفير الأمن للمواطنين في الجنوب.
وحث هوكستين الحكومة اللبنانية على استغلال هذا الاتفاق لإثبات أنه بإمكانها بسط سيطرتها على الأوضاع ليس في الجنوب فقط، ولكن في جميع أرجاء البلاد، مشيراً إلى أنه من الطبيعي أن تكون السيطرة على الحدود وكل المعابر للقوات الأمنية الحكومية، وأنه إذا دخلت الأسلحة إلى لبنان فيجب أن تدخل بطريقة قانونية إلى الأجهزة الحكومية.
وأضاف: “هذا ما يجب على الحكومة أن تبدأ في القيام به، وهو ما لن يحدث في اليوم الأول طبعاً، لهذا نضع الآليات مع أصدقائنا من أجل مساعدة القوات اللبنانية على الانتشار والسيطرة على الأراضي والحدود.. هذا هو الوقت من أجل يؤكد لبنان سيادته على كامل أراضيه”.
وقف الغارات
وأوضح هوكستين أن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان سيدخل حيز التنفيذ في تمام الرابعة صباحاً بالتوقيت المحلي (02:00 بتوقيت جرينتش)، الأربعاء، مشيراً إلى أن الناس سيستفيقون من دون مزيد من الصواريخ ولا مزيد من القذائف أو الغارات الجوية.
وأردف: “كل شيء سيتوقف عند الرابعة صباحاً بالتوقيت المحلي.. عندما يستيقظ الناس، سيعودون إلى مدارسهم، لأنهم سيعلمون أن كل شيء سيكون هادئاً، يمكنهم العودة إلى وظائفهم، يمكنهم قيادة سياراتهم.. كنت في بيروت والسيارات كانت مصطفة في كل مكان، الناس كانت خائفة من القصف، إذا هي العودة إلى الحياة الطبيعية”.
وحث هوكستين، الذي كان يعمل على مسودة اتفاق وقف النار في لبنان لعدة أشهر، المجتمع الدولي على مساعدة الجيش اللبناني مالياً وتقنياً، حتى يتمكن من تجنيد المزيد من القوات وتدريبها وتعزيزها بالمعدات اللازمة، ودفع رواتبها.
وبشأن هذا الأمر قال: “نعم يجب أن يكبر الجيش اللبناني ويضطلع بمسؤولياته”، لافتاً إلى أنه اجتمع بالعديد من الجنرالات في الجيش اللبناني، و”أعلم أن لديهم الإمكانيات اللازمة والإرادة ذلك”.
وأشار إلى أنه ما على الحكومة اللبنانية سوى أن تصدر الأوامر للجيش من أجل الانتشار والقيام بمهامه في جميع أنحاء البلاد، فهو بإمكانه القيام بذلك على أكمل وجه.
ورأى هوكستين، أن وقوف المجتمع الدولي مع لبنان يجب ألا ينتهي عند دعم الجيش فقط، مشيراً إلى ضرورة دعم الاقتصاد اللبناني من أجل إنعاشه، ليس من خلال المساعدات والهبات المالية، ولكن من خلال جلب الاستثمارات، وإصلاح الحكومة.
ولدى سؤاله عما إذا كان من المنتظر تنظيم مؤتمر دولي لدعم لبنان خلال الفترة المقبلة، قال المبعوث الرئاسي الأميركي، إن الأسابيع المقبلة قد تشهد تحركاً للعمل مع دول المنطقة وشركاء في أوروبا وآسيا، من أجل دعم الاقتصاد اللبناني، مشيراً إلى أن هذه التحركات ستشمل المؤسسات الدولية أيضاً، مثل البنك الدولي وآخرين.
لا قوات أميركية في جنوب لبنان
وأكد هوكستين ما ذكره الرئيس الأميركي جو بايدن في خطابه بشأن لبنان، الثلاثاء، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة لن تقوم بنشر قوات قتالية في جنوب لبنان، وأنها ستجعل جيشها بدلاً من ذلك يكثف عمله من أجل مساعدة الجيش اللبناني على بناء قدراته، والتأكد من تدفق المعلومات حتى يكون قادراً على السيطرة على الأمور حال حدوث خروقات.
وأضاف: “سيحصلون على كل الدعم الذي يمكن أن تقدمه الولايات المتحدة، كما يمكن للسفارة الأميركية أن تعمل أيضاً مع الجيش اللبناني، نعمل أيضاً مع فرنسا في هذه اللجنة والتي سيكون لها دعم مخصص، وأيضاً بقية الحلفاء، لذا فسيكون هذا الدعم جماعياً”.
وتابع: “سنراقب الأمر يشكل دقيق جداً، لن يكون مثل 2006، حينما حصل اتفاق ولكن التنفيذ كان صفر، سيراقب المجتمع الدولي كل خطوة بشفافية، ومع التركيز على الأرض سنعرف ما سيحدث من أجل التأكد من أن حزب الله وبقية الجماعات لن يكون بمقدورهم بناء البنى التحتية”.
وفيما يتعلق بآليات تنفيذ الاتفاق قال هوكستين، إنه عند حصول أي خرق لبنوده سيقوم الجيش اللبناني بالتحقق، وعندها ستقوم اللجنة الممثلة في الولايات المتحدة وفرنسا بنقل المعلومات في الاتجاهين لإيقاف الأمر دون أي تأخير.
كما شدد على أن مهمتهم كوسطاء لا تقتصر على نقل المعلومات بل التأكد من معالجة الأمر على الفور حتى لا يتحول إلى تهديد أكبر.
فرصة لانتخاب رئيس في لبنان
واعتبر المبعوث الرئاسي الأميركي اتفاق وقف إطلاق النار بمثابة الفرصة من أجل انتخاب رئيس جديد في لبنان، الذي يعاني من الشغور الرئاسي منذ فترة طويلة، مشيراً إلى أن الفرصة أصبحت مواتية الآن لاختيار رئيس للبلاد.
وقال: “العديد من اللبنانيين قالوا إن اختيار الرئيس لا يمكن أن يكون إلا بعد وقف إطلاق النار، الآن هو وقف النار، والوقت قد حان لاختيار الرئيس وتأكيد حكومة جديدة، حكومة تمثل اهتمامات اللبنانيين، وليس أي اهتمامات خارجية”.
ولدى سؤاله عن الدور الإيراني في المشهد اللبناني، قال هوكستين: “لا أفهم سبب لعب إيران دوراً في الحكومة اللبنانية، أظن أن الحكومة اللبنانية يجب أن تمثل اللبنانيين”.
كما حض حكومة سوريا على اتخاذ خطوات من أجل تأمين حدودها، مشيراً إلى أنها يجب أن تضمن ألا يتم استخدام أراضيها كطريق سريع للمخدرات، والأسلحة، و”تلقائياً تصبح جزءاً من جهود التأكد من أنه لن يكون هناك إعادة تسليح، وأن يعيش لبنان كبلد عادي، ومجتمع عادي”، على حد تعبيره.
“حق الدفاع عن النفس”
وقال هوكستين إن الاتفاق الذي أعلنه الرئيس الأميركي جو بايدن، يكفل حق الدفاع عن النفس للطرفين (لبنان وإسرائيل) في حال وجود تهديدات، وفقاً للقانون الدولي.
وأوضح قائلاً: “البلدان لم يتنازلا عن هذا الحق في هذا الاتفاق. وما يجب أن يحصل الآن هو تنفيذ الاتفاق الذي يجب أن يكون كاملاً وشاملاً، وسنتأكد من ذلك، لذا لا أعتقد أن هذا سيكون وضعاً يجب اختباره”.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيل بنيامين نتنياهو قال في وقت سابق الثلاثاء، إن إسرائيل ستحافظ على حرية العمل العسكري الكامل إذا هاجمها “حزب الله”، أو “إذا حاول تجديد بنيته التحتية الإرهابية على الحدود، أو إذا أطلق صاروخ، أو إذا حاول حفر نفق، أو إذا حاول إدخال شاحنة صواريخ فسنضربهم”، مضيفاً: “سنرد بقوة على أي خرق في المستقبل لحزب الله”.
وفي وقت لاحق طالب رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي، بالتزام إسرائيل بشكل كامل بقرار وقف إطلاق النار والانسحاب من كل المناطق والمواقع التي تحتلها والالتزام بالقرار 1701.