أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب أنه سيعين بريندان كار رئيساً لهيئة الاتصالات الفيدرالية (FCC)، ما يجعل الوكالة التنظيمية في وضع يسمح لها بخوض معارك ضد الشركات المالكة لمنصات التواصل الاجتماعي، ومحطات البث التلفزيوني التي يصفها الجمهوريون بأنها “ليبرالية للغاية”.
وتعهد كار، البالغ من العمر 45 عاماً، وهو الجمهوري الأقدم بين 5 مفوضين في هيئة الاتصالات الفيدرالية، في الأيام الأخيرة بمواجهة ما أسماه “كارتل الرقابة”، بما في ذلك فيسبوك، وجوجل، وأبل، ومايكروسوفت، وفق صحيفة “واشنطن بوست”.
وفي وقت سابق هذا العام، طرح كار “أجندة عدائية” تمثل هيئة الاتصالات الفيدرالية في إطار “مشروع 2025″، وهو اقتراح محافظ لفترة ولاية ترمب الثانية، أعدته مؤسسة Heritage Foundation للأبحاث.
ووفقاً للصحيفة، كان كار مؤيداً صريحاً للملياردير إيلون ماسك مالك شركة “سبيس إكس” والمدير التنفيذي لشركة تسلا، ومؤيداً لفرض قيود أشد صرامة على الصين.
وقال ترمب في بيان: “المفوض كار محارب من أجل حرية التعبير، وكافح ضد الحرب القانونية التنظيمية، التي خنقت حريات الأميركيين، وعرقلت اقتصادنا”.
وأضاف ترمب: “(كار) سينهي الهجوم التشريعي، الذي كان يشل المبدعين والمبتكرين، ويضمن أن هيئة الاتصالات الفيدرالية تقدم خدماتها للمناطق الريفية في أميركا”.
من جانبه، قال كار في منشور عبر حسابه على منصة “إكس” للتواص الاجتماعي، الأحد: “إنني أشعر بالامتنان والشرف”، لشغل هذا المنصب، مضيفاً أنه سيسعى إلى “تفكيك كارتل الرقابة، واستعادة حقوق حرية التعبير للأميركيين العاديين”.
وتنظم هيئة الاتصالات الفيدرالية، وهي وكالة مستقلة، عمل البث التلفزيوني والإذاعي، ومزودي خدمات الهاتف والإنترنت، وكذلك الأقمار الاصطناعية؛ لكنها سعت إلى تنفيذ أجندة أكثر ديمقراطية في عهد إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، تحت قيادة جيسيكا روزينورسيل.
تحذيرات مبكرة
وأشارت “واشنطن بوست” إلى أن كار بدأ في اتخاذ خطوات حتى قبل تعيينه لتولي المسؤولية في إدارة ترمب المقبلة.
وفي 13 نوفمبر الجاري، أرسل كار رسالة إلى الرئيس التنفيذي لشركة أبل تيم كوك، والرئيس التنفيذي لشركة ميتا مارك زوكربيرج، والرئيس التنفيذي لشركة مايكروسوفت ساتيا ناديلا، والرئيس التنفيذي لشركة ألفابت (الشركة الأم لجوجل) سوندار بيتشاي، محذراً من اعتقاده بأنهم يفرضون رقابة “بشكل غير لائق” على بعض وجهات النظر.
وكتب في رسالته، أن إدارة ترمب الجديدة ربما “تراجع أنشطة شركاتهم”، مضيفاً: “عاصر الأميركيون زيادة غير مسبوقة في الرقابة.. شركاتكم لعبت أدواراً خطيرة في هذا السلوك غير اللائق”.
وأشار كار أيضاً إلى أنه سيدقق في محطات البث التلفزيوني في حالات يراها الجمهوريون “تحيزاً سياسياً”، في نطاق السلطة القانونية المحدودة التي تحظى بها هيئة الاتصالات الفيدرالية بشأن مثل هذه القضايا.
وعندما ظهرت المرشحة الديمقراطية نائبة الرئيس كامالا هاريس في البرنامج الكوميدي الساخر Saturday Night Live، قبل أيام من الانتخابات، انتقد كار شبكة NBC لمحاولتها “التهرّب” من قاعدة هيئة الاتصالات الفيدرالية التي تلزم الشبكات بمنح المرشحين وقتاً متساوياً. وقالت الشبكة في وقت لاحق إنها أعطت ترمب فترة متناسبة بعد سباق السيارات NASCAR .
“أنباء سارة” لماسك
ووفقاً للصحيفة، يحمل ارتقاء كار بوادر إيجابية، لفرص أعمال إيلون ماسك، أغنى رجل في العالم، بعدما وطدا علاقتهما خلال الأشهر الأخيرة.
وزار كار منشآت “سبيس إكس” عدة مرات هذا العام، بما في ذلك رحلة إلى جنوب تكساس الشهر الماضي لمشاهدة صاروخ “سبيس إكس” ستارشيب وهو يعود إلى الأرض في هبوط تاريخي.
وماسك، بعد أن ألقى بثقله في حملة ترمب، وكان يلعب دوراً محورياً في تجميع وتدقيق الشخصيات الرئيسية في وزارته الجديدة “الكفاء الحكومية”، أشاد بخطط كار لمواجهة “كارتل الرقابة”، في منشور على منصة “إكس” المملوكة له.
وتتضمن القرارات المعلقة أمام هيئة الاتصالات الفيدرالية إمكانية السماح لأقمار “ستارلينك” التابعة لماسك بالدوران بالقرب من الأرض، ما سيجعل خدمة الإنترنت أسرع، ومنافساً أكثر شراسة لمقدمي خدمات النطاق العريض التقليدية.
ودعا كار إلى حصول “ستارلينك” على مئات الملايين من الدولارات في شكل منح من هيئة الاتصالات الفيدرالية، كما ستستفيد منصة التواصل “إكس” من تعهد كار بتدقيق شركات الإنترنت العملاقة المنافسة مثل فيسبوك وجوجل.
في تعليق على القرار، قال أندرو شوارتزمان، وهو محامٍ مخضرم في مجال الاتصالات، إن “آرائه (كار) المتعلقة بإلغاء القيود التنظيمية، وحبه لإيلون ماسك معروفة جيداً.. أتوقع القليل من المفاجآت”.
مع ذلك، توجد قضية واحدة لم يتفق فيها كار مع ترمب وهي تطبيق “تيك توك” للفيديوهات، الذي قال الرئيس المنتخب إنه “سينقذه” من حظر وشيك على مستوى البلاد.
ووصف كار، وهو أحد الصقور المناهضين للصين بشكل صريح، “تيك توك” مراراً بأنه يمثل خطراً على الأمن القومي، كما دعّم حظر التطبيق.
من هو بريندان كار؟
عمل كار في هيئة الاتصالات الفيدرالية منذ عام 2012، وعينه ترمب مفوضاً في عام 2017. وارتقى في المناصب وعمل مساعداً لرئيس هيئة الاتصالات الفيدرالية الجمهوري أجيت باي، حيث قدم له المشورة طيلة سنوات بشأن السلامة العامة والقضايا الدولية، ورافقه في رحلات إلى الخارج.
ووصف باي كار بأنه “مستشار ذكي، ومستشار قانوني عام”، وكتب على منصة “إكس” الأحد: “أنا واثق من أنه سيكون رئيساً رائعاً لهيئة الاتصالات الفيدرالية”.
وطوّر كار حضوراً نشطاً على منصات التواصل الاجتماعي على مر السنين، بدءاً من عام 2014، عندما بدأ في تجربة التغريد المباشر لتصريحات باي خلال اجتماعات لهيئة الاتصالات الفيدرالية الشهرية.
واستخدم مؤخراً حسابه على منصة “إكس”، الذي جذب 102 ألف متابع، لانتقاد إدارة بايدن والدعوة إلى إصلاحات سياسية.
مع ذلك، أثار تعيين كار انتقادات من جانب جماعات ذات ميول يسارية، قالت، إنه إذا تم تأكيده، فسيكون الأمر متروكاً للديمقراطيين للدفاع عن سياسة حماية تعديل المحتوى، التي “تمنع الإنترنت من أن تصبح مستنقعاً”.
وكتب كار في قسم هيئة الاتصالات الفيدرالية في “مشروع 2025″، أن شركات التكنولوجيا الكبرى تشكل تهديداً من خلال “محاولاتها لدفع وجهات نظر سياسية متنوعة من الساحة الرقمية”.
وأضاف: “هيئة الاتصالات الفيدرالية تلعب دوراً بالغ الأهمية في التصدي للتهديدات ضد الحريات الفردية، التي تشكلها الشركات التي تستغل مراكز قوة مهيمنة في السوق”.