حضر عدد من عمالقة التكنولوجيا حفل تنصيب الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الاثنين، داخل مبنى الكابيتول بالعاصمة واشنطن، حيث اصطفوا خلف عائلة الرئيس الـ47 للولايات المتحدة، في مشهد أثار استياء بعض المشرعين الذين جلسوا على جانبي قاعة الحفل.
وفي مقدمة مليارديرات التكنولوجيا الذين شاركوا في المراسم، تواجد الرئيس التنفيذي لشركتَي “تسلا” و”سبيس إكس” ومالك منصة “إكس” إيلون ماسك، وهو أحد أكبر داعمي ترمب، بالإضافة إلى الرئيس التنفيذي لشركة “ميتا” مارك زوكربيرج، ومؤسس أمازون جيف بيزوس، والرئيس التنفيذي لشركة “أبل” جيف بيزوس، وكذلك الرئيس التنفيذي لشركة “جوجل” سوندار بيتشاي، والرئيس التنفيذي لمنصة “تيك توك” شو زي تشيو، ومدير شركة OpenAI سام ألتمان، ورجل الأعمال في مجال التكنولوجيا فيفيك راماسوامي، وغيرهم.
ولم يكن من غير المرجح أن يتكرر هذا المشهد خلال فترة ولاية ترمب الأول في 2016، حيث عبَّر العديد من هؤلاء الأشخاص عن مخاوفهم بشأن صعود قطب العقارات في عالم السياسة.
دلالات الحضور
يرى البعض أن حضور أثرى أغنياء العالم هو الحدث الأبرز في عودة ترمب إلى السلطة في واشنطن، وبالنسبة لآخرين، فإن هذا ينذر بأن أولويات الإدارة الجديدة في السنوات المقبلة سوف تصب في صالح النخبة من خلال سياسات الضرائب والعمالة والتجارة، وغيرها.
وكان الرئيس الأميركي السابق جو بايدن حذَّر في خطاب الوداع من “تزايد نفوذ الأقلية فاحشة الثراء في الولايات المتحدة مما يعرض الديمقراطية للخطر”.
وبعد أن أنفق ماسك ما يزيد على 250 مليون دولار على الحملة الانتخابية لترمب، فربما يكون الأوفر حظاً لدى الإدارة الجديدة، بحسب تقارير أميركية.
واختار ترمب، الرئيس التنفيذي لشركة تسلا لقيادة إدارة الكفاءة الحكومية (DOGE) لإيجاد طرق لخفض الإنفاق الحكومي، ومن المتوقع أن يضغط ماسك من أجل الحصول على موافقة تنظيمية أسرع للسيارات ذاتية القيادة، وهناك تساؤلات بشأن سير التحقيقات الاتحادية معه ومع شركاته.
مقاعد وخلافات شخصية
لم تتوقف الدلالات عند مجرد حضور أثرياء التكنولوجيا، ولكن أيضاً أماكن جلوسهم، فلم يكن ترتيب مقاعد مدراء شركات التكنولوجيا مرتبة بشكل عشوائي في صف واحد، ولكن من الواضح أنه كان لتوزيعهم دلالات ضمنية.
ففي الصف الثاني خلف عائلة ترمب، كان يجلس ماسك في المنتصف، وإلى يمينه بيتشاي وبيزوس وزوكربيرج.
اتضح خلال الحفل التقارب الملحوظ بين ماسك وبيتشاي وتبادلهما المستمر لأطراف الحديث. في حين قد يرجع بُعد زوكربيرج عن ماسك إلى حالة التنافس المحتد الذي نشب بينهما منذ 2023، عندما أطلقت “ميتا” منصتها “ثريدز” لتنافس “إكس”.
وبعيداً عن الجمع وفي بداية الصف الثالث، جلس تيم كوك وبجواره سيرجي برين، أحد مؤسسي جوجل، وكلاهما لديه من الخصومات الشخصية ما يجعل بُعدهما عن الصف الأمامي له دلالته أيضاً.
وترددت العديد من الشائعات خلال الفترة الماضية بأن سيرجي برين قد انفصل عن زوجته نيكول شاناهان في 2023، بعد تورطها في علاقة عابرة مع ماسك في 2021، ما دفع الأول إلى التقدم بطلب للطلاق بعد ذلك بعام واحد.
كما كانت الخصومة بين تيم كوك ومارك زوكربيرج كافية لتُباعد بين مقعديهما، حيث إن الطرفين لطالما استهدفا بعضهما، وكان آخرها من طرف مؤسس ميتا الذي قال خلال جلسة نقاش صوتية في برنامج The Joe Rogan Podcast: “أبل لم تبتكر أي جديد منذ إطلاق ستيف جوبز لأول آيفون في 2008”.
جدير بالذكر أن تيم كوك هو مدير أبل الوحيد الذي خلف ستيف جوبز.
وحضر أيضاً سام ألتمان، مدير ومؤسس شركة OpenAI مطورة ChatGPT، لكنه لم يكن مع زمرة المدراء خلف ترمب، كذلك ظهرت أسماء مدير مايكروسوفت ساتيا ناديلا، ومدير أوبر دارا خسروشاهي على قائمة الحضور المنتظرين، إلا أن عدسات الكاميرات لم ترصدهم.
مواقف ترمب
لم يخفِ الرئيس الأميركي ميله إلى الثلاثي، ماسك وبيتشاي وبيزوس، خلال الحفل، حيث ألقى تحية بإيماءة خاصة إليهم بعد إنهاء كلمته بعد أدائه اليمين الدستورية لتنصيبه رئيساً.
وتوجه إليهم بشكل خاص خلال مغادرته قاعة الحفل، ليسلم عليهم، لكنه لم يبد اهتماماً بزوكربيرج، الأمر الذي قد يرجع إلى الخلاف الذي نشب بينهما خاصة بعد انتهاء ولاية ترمب الرئاسية الأولى في 2020، حينما كانت منصات “ميتا” في صدارة المنصات الاجتماعية التي حظرت حسابات ترمب، على خلفية نشره محتوى صُنف بأنه مُحرّض على العنف، عقب أحداث اقتحام الكابيتول في يناير 2021.
المثير للاهتمام كذلك أن ترمب صافح كلاً من كوك وبرين خلال مغادرته واهتم بهما بشكل واضح، خاصة وأن أبل من الشركات التي تسعى نحو توطين صناعة هواتف آيفون داخل الولايات المتحدة، مركزة على شراكتها مع عملاق الرقائق التايواني TSMC، والذي تعهد بنهاية العام الماضي بضخ نحو 65 مليار دولار لتصنيع الشرائح المتطورة داخل مصنعها الضخم بأريزونا، والذي تستهدف به إنتاج 20 ألف رقاقة شهرياً.
جدير بالذكر أن التكنولوجيا تستحوذ على جزء كبير من استراتيجية ترمب لفترته الرئاسية الجديدة، حيث يسعى نحو فرض عدد كبير من الضرائب على الواردات لتشجيع الصناعات المحلية، إلى جانب تخفيف وطأة الملاحقات القانونية للشركات العاملة في هذا المجال، إلى جانب وضع أزمة تيك توك، والذي كان رئيسها التنفيذي حاضراً في الحفل، ضمن قائمة القرارات التنفيذية الأولى التي وقَّعها ترمب فور تنصيبه رئيساً.